تصريحات مسؤولين تفاقم أزمات الاقتصاد التونسي

05 اغسطس 2017
أثارت تصريحات حول إفلاس الدولة، مخاوف التونسيين (Getty)
+ الخط -




لا تزال العملة التونسية تعاني من تداعيات تصريحات وزيرة المالية السابقة لمياء الزريبي التي أعلنت دون سابق إنذارعن تعويم سعر الصرف، ما أدى إلى انهيار مفاجئ للدينار مقابل العملات الأجنبية.

وبالرغم من التحركات التي اتخذها المصرف المركزي لاحتواء أزمة الدينار منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، إلا أن مجمل هذه الإجراءات لم تُثمر، لتواصل العملة المحلية انزلاقها إلى حدود 2.8 دينار مقابل اليورو، و2.4 دينار مقابل الدولار.

وتعود هشاشة الوضع الاقتصادي في تونس وتفاقمها إلى تصريحات غير محسوبة لمسؤولين في الدولة، فيما يحتاج مناخ الأعمال إلى كل عوامل التحفيز وكسب الثقة داخليا وخارجياً.
وأتت تصريحات وزير المالية بالإنابة محمد فاضل عبد الكافي، حول إفلاس الخزينة وإمكانية العجز عن صرف الرواتب، لتفاقم حالة القلق لدى الأوساط الاقتصادية وعموم التونسيين.

ووجّهت دعوات إلى ضرورة تحديد المسؤوليات في التصريحات المتعلقة بالسياسة المالية، لأن مثل هذه التصريحات اختصاص حصري للبنك المركزي لتجنب التأويلات الخاطئة أو التداعيات غير محسوبة العواقب.
وكان وزير المالية بالإنابة قد كشف الأسبوع الماضي أن السيولة المالية للدولة التونسية أصبحت تتراجع في بعض الأحيان إلى مستوى لا يتيح دفع رواتب الموظفين.

وأكد عبد الكافي خلال جلسة عامة بالبرلمان صادقت على مشروع قانون يتعلق باتفاقية قرض مبرمة مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 500 مليون يورو (قرابة 1.4 مليار دينار)، إن هذا القرض هو دعم مباشر لميزانية الدولة حتى تتمكن من توفير أجور شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، مشيرا إلى أن كتلة الأجور بلغت حتى الآن قرابة 15 مليار دينار (6.25 مليارات دولار) مرشحة للزيادة.

ويرى الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، أن الحديث في الشأن الاقتصادي يجب أن يستند إلى مصدرين فقط، هما مؤشرات البنك المركزي ومعهد الإحصاء الحكومي، لافتا إلى أن الوضع المالي للبلاد مكشوف في البيانات التي ينشرها البنك المركزي على موقعه سواء فيما يتعلق بحجم السيولة أو باحتياطي النقد الأجنبي.

ولفت سعيدان في تصريح لـ "العربي الجديد" أن حقيقة الوضع الاقتصادي غير خافية على أحد، مشيراً إلى أن الهشاشة الاقتصادية تجعل من السوق المالية شديدة التأثر بالتصريحات أو التأويلات الخاطئة لما يقوله المسؤولون الحكوميون.

ويعتقد سعيدان، أن الوضع الاقتصادي في تونس آخذ في التدهور منذ سنوات ووصل إلى مرحلة خطرة فاقت الأزمة التي مرت بها البلاد سنة 1986، عندما تسببت السياسات الخاطئة وسوء التصرف المالي في الوصول إلى مرحلة من الغرق في الديون الخارجية.
وأشار سعيدان إلى أن الدينار التونسي يحتاج إلى وقت لاستعادة عافيته بعد التراجع الذي أعقب تصريح وزيرة المالية السابقة لمياء الزريبي، مؤكدا أن تعافي الاقتصاد متوقف على عودة الاستثمار.

ولفت إلى أن ضغوط المالية العامة لم تسمح على مدى السنوات الماضية بتوجيه جزء من القروض الخارجية إلى الاستثمار،
مؤكدا أن السياسة الاقتصادية المعتمدة من قبل الحكومة ماضية نحو مواصلة إغراق البلاد في الديون الخارجية التي فاقت 65% من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد.
واستكمل وفد من خبراء صندوق النقد الدولي الخميس الماضي، زيارة تقييم إلى تونس خاض خلالها مشاورات منذ 26 يوليو/تموز، مع مسؤولي الحكومة التونسية التي تسعى إلى تنفيذ برنامج إصلاح يدعمه الصندوق ووافق على تمويله.
وتأتي الزيارة بعد أسبوعين فقط من إصدار الصندوق تقرير المجلس التنفيذي حول المراجعة الأولى للبرنامج في تونس.

وبالإضافة إلى المطلب الرئيس بخفض كتلة الأجور ووقف الانتدابات في القطاع الحكومي، اقترح الصندوق وضع إجراءات لدعم التصرف في الإيرادات تمكّن من جمع عادل للضرائب والرسوم الجمركية المهمة التي تعادل قرابة 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وإضفاء المزيد من المرونة فيما يتعلق بسعر صرف الدينار.

ويوصي تقرير النقد الدولي بإصلاحات عميقة في ملف الوظائف الحكومية في تونس، بما يتيح جودة الخدمات، مشيرا إلى أهمية الجهود الحكومية لتقليص كتلة الأجور في القطاع العام التي تعد من بين الأعلى عالميا، حيث يتطلب الأمر تجميد الزيادات إلى حدود عام 2020، وكذلك إرساء برامج فاعلة وملائمة للحماية الاجتماعية، خاصة في ظل الإجراءات الترشيدية التي اتخذتها الحكومة، تلك إجراءات تتوافق مع وجهة نظر الصندوق الدولي.