تسليم الحوثي ميناء الحديدة لنفسه: أولى نتائج اختلاف تفسير الاتفاق

عدن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
31 ديسمبر 2018
59180E23-2ACE-4B18-8EDD-75400212B1DA
+ الخط -

في ظل صمود وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، غربي اليمن، كنتيجة لحضور الأمم المتحدة القوي على خط الرقابة، جاء إعلان جماعة أنصار الله (الحوثيين) عن خطوة أحادية الجانب بـ"إعادة الانتشار" في ميناء الحديدة، ليسلط الضوء مجدداً على العقبات الكامنة في تفاصيل اتفاق استوكهولم، إذ لا يزال كل طرفٍ يقدم تفسيراً مختلفاً لخطواته التنفيذية المفترضة، على نحوٍ يضيف المزيد من التعقيدات ما لم يتمكن كبير المراقبين الدوليين، الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت، من تقديم آلية تنفيذية يوافق عليها الطرفان. 

وخلال الـ48 ساعة الماضية، أثار إعلان الحوثيين الانسحاب أو إعادة الانتشار من ميناء الحديدة، وتسليمه لقوات تابعة لهم، استنفاراً في أوساط مسؤولي الشرعية.

وكشفت مصادر سياسية قريبة من الوفد الحكومي، لـ"العربي الجديد"، عن أن الجانب الحكومي، وفور إعلان الحوثيين الانسحاب، السبت الماضي، بدأ بتدارس الرد المناسب، بما في ذلك إمكانية تعليق المشاركة في اتفاق الحديدة، وطالب الأمم المتحدة وممثلها في الحديدة كاميرت باتخاذ موقف بشأن الخطوة يوضح ما إذا كان حضور الفريق الأممي حفل الاستلام والتسليم للميناء من قبل الحوثيين يعني موافقة على الخطوة.

وارتفعت حدة اللغط من الجانب الحكومي مع إعادة السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل آرون، تغريدة للمتحدث الرسمي باسم الحوثيين ورئيس وفد الجماعة المفاوض، محمد عبد السلام، يصف فيها الأخير ما جرى السبت الماضي في ميناء الحديدة بأنه "خطوة متقدمة"، لتبدو "إعادة التغريد" كما لو أنها موقف بريطاني بتأييد الحوثيين، في الوقت الذي تتزعم لندن الضغوط الدولية بشأن الحديدة، وكانت هي المسؤولة عن صياغة وتقديم مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن 2451، والذي صدر في الـ21 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري. 

في المقابل، جاء الموقف الأممي ليحسم الجدل، إذ نقل بيان صادر عن الأمم المتحدة، عن باتريك كاميرت، تأكيده على أن أي خطوة في إعادة الانتشار لا تتحقق منها مختلف الأطراف والأمم المتحدة "لن تكون ذات مصداقية"، وهو الأمر الذي رفع الحرج عن الفريق الأممي، بعد أن تواجد خلال عملية الاستلام والتسليم بين مسلحين من الجماعة بالزي المدني، وآخرين بالزي الخاص بشرطة خفر السواحل، والأخيرة يقودها قيادي في الجماعة هو عبد الرزاق المؤيد.

وضمن تفاعلات الخطوة انتشرت موجة تعليقات ساخرة في مواقع التواصل، وصف بعضها ما جرى السبت الماضي بأنه قيام "الحوثيين" بالتسليم لـ"أنصار الله" (المسميان يعبران عن الجماعة نفسها)، فيما اضطر السفير البريطاني، في السياق ذاته، إلى التوضيح والرد على استفسارات نشرها على حسابه أن "التغريدة (الخاصة بناطق الحوثيين) بدت كما لو أنها خطوة إيجابية وتحتاج للتشجيع؛ إلا أنني غير سعيد وغير موافق على ما حدث". 

من زاوية أخرى، لم تكن الخطوة التي مثلت أول تطور يثير أزمة حول اتفاق الحديدة سوى واحدة من الانعكاسات للصيغ المبهمة في اتفاق استوكهولم، والتي جعلت من كل طرفٍ يسعى لتفسيره بطريقته الخاصة المتطابقة مع الموقف الذي يتبناه، ويأتي مصطلح "إعادة الانتشار" ليعبر عن "الانسحاب" إلى مواقع خارج المدينة، ومتفق بشأنه بين الطرفين، غير أن الحوثيين، على سبيل المثال، اعتبروا أن قوات الأمن المحلية المنصوص عليها في الاتفاق، والمعنية بالإشراف على مدينة الحديدة وموانئها (الحديدة والصليف ورأس عيسى)، هي القوات الخاضعة لسيطرتهم حالياً، ومثل ذلك في ما يتعلق بالسلطة المحلية المعنية بإدارة المحافظة، وبالتالي التحايل على الاتفاق بارتداء زي الشرطة والحفاظ على السيطرة تحت غطاء السلطة المحلية. 

 

من جانبهم، يشدد مسؤولو الحكومة الشرعية على أن اتفاق الحديدة يفضي في مجمله إلى انسحاب الحوثيين من المدينة وموانئها، وتسليمها للسلطات المحلية التابعة للسلطة "الشرعية" المعترف بها دولياً، باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة وفقاً للدستور ومراجع المرحلة الانتقالية بفرض سلطتها في المدينة، وعلى هذا الأساس تربط المشاركة بأي مفاوضات مقبلة بتنفيذ اتفاق الحديدة، بما يفضي إلى انسحاب الحوثيين.

وبين رؤيتي الطرفين ينص بند اتفاق استوكهولم على "إعادة انتشار مشترك للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ". 

ولم تُعرّف بنود الاتفاق على وجه التحديد هوية "قوات الأمن المحلية"، وما إذا المقصود بها القوات التي كانت تتولى مهام الأمن في الحديدة قبل اجتياح الحوثيين لصنعاء أواخر العام 2014، أم أنها المكونات الأمنية الخاضعة للحوثيين حالياً، وكل ذلك يجعل من الخطوات التنفيذية لاتفاق الحديدة تحدياً عسيراً، مرتبطاً بقدرة الجانب الأممي على تقديم آلية تنفيذية وفرض تنفيذها على الطرفين، ومساحة التنازلات الممكنة لدى كل طرف على النحو الذي يسمح بصمود الاتفاق، وبالتالي الجهود الدولية الرامية لإحياء مسار السلام. ​

 

ذات صلة

الصورة
وفد أممي في مخيم نازحين سوريين في إدلب - سورية - 14 أكتوبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

زار وفد من الأمم المتحدة مدينة إدلب السورية، للاطلاع على أوضاع مواطنين سوريين وصلوا أخيراً بعد مغادرتهم لبنان وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد هناك.
الصورة
غوتيريس خلال المقابلة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 16 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

وقعت أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة على رسالة لدعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رداً على إعلان إسرائيل أنه "شخص غير مرغوب فيه".
الصورة
جنود إسبان من "يونيفيل" قرب الخيام، 23 أغسطس 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)

سياسة

تُظهر الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وكأن القوة الأممية باتت في آخر أيامها في لبنان.
الصورة
المرض في غزة

اقتصاد

مع دخول حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة عامها الأول، حولت آلة الحرب الإسرائيلية مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام بعد تدمير 75% من المباني.