وعلى الرغم من أن المحادثات الثنائية بين ترامب وماي لن تحقق الكثير، نظراً لأن الأخيرة ستستقيل من منصبها يوم الجمعة المقبل، وستغادر دواننغ ستريت في غضون أسابيع قليلة، وذلك فور اختيار خلفها، إلا أن الحكومة البريطانية تصر على أن اللقاء ذات معنى، نظراً للعوامل الثابتة في التحالف الأميركي - البريطاني.
ورجح أن تشمل القضايا التي تناولها ترامب وماي، الدور الإيراني في زعزعة استقرار الشرق الأوسط والعلاقات مع الصين وروسيا واستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. وترى الحكومة البريطانية أن هذه القضايا لن تتبدل بعد استقالة ماي "بغض النظر عمن يدير الحكومة، إذ هناك عوامل في التحالف الأميركي - البريطاني تجعله أهم من أي تحالف آخر"، وفقاً للمتحدث باسم الحكومة البريطانية.
وكانت ماي وصفت العلاقة بين بلدها والولايات المتحدة بأنها "شراكة عظيمة، ويمكن أن تصبح أشد عظمة، مع وجود محادثات تجارة حرّة ثنائية وتعاون اقتصادي أوسع واستمرار العمل سوية للتأثير على الاقتصاد العالمي وقواعده ومؤسساته، وإبقاء الأسواق حرة وعادلة ومفتوحة والحفاظ على تنافسية الصناعات"،
رغم ذلك، ستشهد شوارع العاصمة البريطانية لندن تظاهرة تقدر المشاركة فيها بمئات الآلاف من الأشخاص، للاحتجاج على زيارة الرئيس الأميركي، كما سيلقي فيها زعيم حزب "العمال" جيريمي كوربن كلمة يعبر فيها عن معارضته للزيارة. وكان كوربن وعدد من قادة أحزاب بريطانية أخرى، رفضوا حضور حفل عشاء أقيم على شرف ترامب مساء أمس.
وقالت إيميلي ثورنبيري، القيادية في حزب "العمال"، لشبكة "بي بي سي" صباح اليوم، إن "الزيارات الرسمية تشريف لا نعتقد أن هذا الرئيس يستحقه. الحقيقة أنه حاول إغلاق الحدود أمام الدول ذات الأغلبية المسلمة، ويحتجز أطفالاً مكسيكيين في أقفاص، وتحرش بالنساء وتفاخر بذلك. إنه متحرش جنسي، وعنصري، ويحق لنا قول ذلك".
كما بررت ثورنبيري رفض كوربن للدعوة، فيما كان التقى سابقاً برئيس الصين، بالقول إنه "عندما يكون لديك صديق مقرب يتصرف بطريقة خاطئة، يجب أن تكون أكثر صدقاً وصراحة معه ممن لا تربط بهم علاقة مقربة". وأضافت "يجب التعامل مع ترامب كما نتعامل مع المتنمرين، لأننا إن انحنينا لهم، سنتعرض للمزيد من الضرب".
Twitter Post
|
من جهته، اختار ترامب تجاهل منتقديه، إذ كتب مغرداً مساء أمس أنه تلقى ترحيباً كبيراً خلال الزيارة. وكتب على "تويتر" أن "رحلتنا في لندن تجري بشكل جيد جداً. لقد كانت الملكة وكامل العائلة المالكة رائعين. علاقتنا ببريطانيا قوية جداً. حشود غفيرة ممن يتمنون لنا الخير ويحبون بلدنا. لم أر أي متظاهرين بعد. ولكني متأكد من أن الأخبار الكاذبة ستعمل جاهدة للعثور عليهم. حب كبير في كل مكان. وأيضاً، يمكننا عقد صفقة تجارة كبيرة حالما تتخلص بريطانيا من قيودها، لقد بدأنا النقاش".
وفي الواقع، فإن حديث ترامب عن "الحشود الغفيرة" المرحبة به، يبدو مفاجئاً، بل إن منظمي حملة الاحتجاجات يتوقعون حشوداً غفيرة ترفض استقباله، قد تصل إلى 250 ألف شخص، كما كان الحال عندما زار بريطانيا في يوليو/ تموز الماضي.
وأطلق منظمو الاحتجاجات عنوان "كرنفال المقاومة" على التظاهرة التي ستحتشد في ساحة الطرف الأغر في العاصمة البريطانية، وبالقرب من مقر رئاسة الوزراء، حيث يجتمع ترامب وماي.
كما تشهد الاحتجاجات أيضاً "ترامب الطائر"، وهو عبارة عن بالون يصور ترامب كطفل غاضب يحمل هاتفاً جوالاً. وكان "ترامب الطائر" قد حلق فوق البرلمان البريطاني خلال زيارة ترامب العام الماضي.
وتشهد تظاهرة لندن تجمع جميع من يخالفون سياسات الرئيس الأميركي الحالي، ومنهم المحتجون على قوانين الإجهاض في الولايات المتحدة، والناشطون ضد التغيير المناخي الذي ينكره الرئيس الأميركي، إضافة إلى العديد من الطلاب والاتحادات العمالية وآخرين.
وقامت شرطة لندن بإغلاق طرق مؤدية إلى داوننغ ستريت كإجراء وقائي. وقالت شرطة "سكوتلاند يارد" إن "المحتجين لن يمروا عبر داوننغ ستريت. هذه عملية أمنية متعددة المراحل، وبينما يجب على شرطة العاصمة ضمان الاحتجاج السلمي، يجب أن تتم موازنة ذلك مع المتطلبات المعقدة للعملية الأمنية".
Twitter Post
|
ولن تقتصر الاحتجاجات على لندن، بل ينتظر أن تشهد مدن بريطانية أخرى، مثل إدنبرة وبرمنغهام وغلاسكو، احتجاجات مماثلة.
ويختتم ترامب زيارته لبريطانيا يوم غد الأربعاء، عندما يتلقي بعدد من قادة الدول الغربية المحتفلين بالذكرى الـ75 لإنزال النورماندي في الحرب العالمية الثانية.