وفي آخر الإجراءات الأميركية حتى الساعة، أعلن مكتب الممثل التجاري الأميركي اليوم الجمعة في بيان، أن "الولايات المتحدة تتقدم بشكوى أمام منظمة التجارة العالمية على الممارسات التكنولوجية غير المنصفة للصين والتي تخالف قواعد المنظمة".
وأوضح البيان "يبدو أن الصين تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية عبر حرمان حائزي براءات الاختراع الأجانب، بما في ذلك الشركات الأميركية، من حقوق براءات الاختراع الأساسية في وقف استخدام أي كيان صيني للتكنولوجيا بعد انتهاء عقد ترخيص محدد".
وأضاف "يبدو أن الصين تنتهك أيضاً قواعد منظمة التجارة العالمية عبر فرض شروط تعاقدية سلبية وملزمة تشكل تمييزاً ضد التكنولوجيا الأجنبية المستوردة". وتشعر واشنطن بالقلق خصوصاً إزاء نظام الشركات المشتركة الذي تفرضه بكين على نظيراتها الأميركية، إذ تفرض عليها لقاء السماح لها بالعمل في الأسواق الصينية أن تتقاسم جزءاً من تقنياتها مع نظيراتها المحلية.
وردّت الصين الجمعة على الولايات المتحدة ملوّحة بفرض رسوم جمركية على أكثر من مئة منتج أميركي، بعد ساعات على شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً على الاقتصاد الثاني في العالم.
وأثار شبح حرب تجارية بين الاقتصادين العملاقين إلى تدهور في البورصات العالمية مع تراجع بأكثر من 3% في شنغهاي وأكثر من 4.5% في طوكيو بعدما خسرت وول ستريت الخميس نحو 3%. وارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى في شهر اليوم الجمعة في الوقت الذي دفع فيه خطر نشوب حرب تجارية عالمية المستثمرين إلى الإقبال على الأصول الآمنة.
ويخشى المستثمرون من أن حرباً تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم قد تتطور إلى تبعات سلبية محتملة على النمو العالمي.
وانخفضت أسواق الأسهم العالمية والدولار الأميركي وعوائد السندات الأمريكية. وعادة ما يُنظر إلى الذهب على أنه ملاذ آمن في أوقات الضبابية. ويتلقى المعدن الأصفر المقوم بالدولار أيضاً دعماً من ضعف العملة الأميركية وتراجع عوائد السندات، ما يضفي المزيد من الجاذبية على الذهب الذي لا يدر عائداً.
وارتفع الذهب في التعاملات الفورية 0.9 % إلى 1340.66 دولار للأوقية (الأونصة) بعد أن بلغ أعلى مستوى منذ 20 فبراير/ شباط عند 1343.06 دولار.
وارتفع الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم أبريل/ نيسان 1% إلى 1340.90 دولار للأوقية.
وحذرت الصين الجمعة الولايات المتحدة من أنها "لا تخشى ابداً من حرب تجارية"، مضيفة: "اذا بدأت الولايات المتحدة حرباً تجارية، فإن الصين ستكافح حتى النهاية من أجل الدفاع عن مصالحها الشرعية بكل السبل الضرورية".
وشن ترامب هجومه التجاري الذي لوح به مراراً ضد الصين، لكنه كان أقرب إلى تحذير باجراءات فورية للرد على "الممارسات غير المشروعة" وفق تعبيره للعملاق الاسيوي.
ورحب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس بهذا الموقف، قائلاً "لقد ولى عهد الاستسلام الاقتصادي".
وقالت وزارة التجارة الصينية إن "الصين لا تريد خوض حرب تجارية، لكنها أيضاً لا تخشى من حرب تجارية". ووقع ترامب "مذكرة تستهدف العدوان الاقتصادي للصين". وأشار إلى اجراءات عقابية ضد الواردات الصينية يمكن أن تصل قيمتها إلى "60 مليار دولار" بهدف وضع حد لما يقول إنها "منافسة غير مشروعة من جانب الصين وسرقة للملكية الفكرية".
وكان مستشاروه تحدثوا في وقت سابق الخميس عن "نحو 50 مليار دولار" من الواردات الصينية. وبات أمام الادارة الأميركية مهلة 15 يوماً لنشر لائحة بالمنتجات التي ستفرض عليها رسوماً. إلا أن الادارة الاميركية لم تكن واضحة تماماً بشأن المقصود بهذه المبالغ وهل هي قيمة الواردات التي ستفرض عليها رسوم أو قيمة الرسوم على هذه الواردات.
وسارعت الصين إلى إعلان لائحة من 128 منتجاً أميركياً يمكن أن تفرض عليها رسوماً بين 15 و25% في حال فشلت المحادثات مع واشنطن.
إلا أن اجراءات الرد هذه تبدو معتدلة فالمنتجات المستهدفة تمثل 3 مليارات دولار من الواردات الصينية في العام الماضي، أي بالكاد 2% من اجمالي الصادرات الأميركية إلى هذا البلد والتي بلغت قيمتها 154 ملياراً بحسب الجمارك الصينية.
وبين المنتجات التي سيتم فرض رسوم بنسبة 15% عليها الفاكهة الطازجة والنبيذ والجينسنغ والايثانول وايضاً انابيب الصلب غير الملحومة، بينما سيتم فرض رسوم بنسبة 25% على لحوم الخنزير والألمنيوم المعاد تدويره.
ولا تضم اللائحة الصويا لأنه وفي حال فرض رسوم عليه، فإن العواقب يمكن أن تكون خطيرة على المزارعين الأميركيين خصوصاً في الولايات التي دعمت ترامب في الانتخابات الرئاسية في 2016. وعلقت خبيرة الاقتصاد بيتي وانغ من مصرف "ايه ان زي" إن اجراءات الرد تعتبر "غير صارمة نسبياً"، مضيفة أن بكين تسعى بكل السبل الى الحوار.
تم إعلان هذه الإجراءات رداً على رسوم الجمارك التي أعلنتها واشنطن على الواردات الاميركية من الألمنيوم والصلب والتي من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ اليوم الجمعة.
على هذا الصعيد، سعت إدارة ترامب إلى التهدئة مع العديد من شركائها الرئيسيين من بينهم الاتحاد الاوروبي، مع اعلانها تعليق هذه الضرائب حتى الأول من ايار/مايو المقبل.
ومع أن الصين المنتج الأول في العالم للفولاذ إلا أنها لا تؤمن سوى 2% من واردات الولايات المتحدة واقل من 10% من الألمنيوم. لكن إدارة ترامب تشدد على أن الهدف الرئيسي لهذه الاجراءات هو الصين التي لا تزال منذ زمن تعتمد زيادة مفرطة في الانتاج.
وتعتبر واشنطن وبكين حالياً شريكين اقتصاديين وثيقين إلا أن الولايات المتحدة تندد بعجز تجاري هائل ازاء الصين يبلغ 375.2 مليارات دولار في 2017 بحسب الجمارك الصينية. وكرر ترامب أنه طلب من كبار المسؤولين الصينيين "الحد فوراً من هذا العجز البالغ مئة مليار دولار"، وشدد على أن "المعاملة بالمثل هي الأساس"، وعلى أن الصين "بلد صديق".
وأكد وزير التجارة الاميركي ويلبور روس أن العقوبات الجديدة هي قبل كل شيء "مقدمة إلى سلسلة من المفاوضات". أما الممثل الاميركي للتجارة روبرت لايتهايزر فأشار إلى أن هذه الاجراءات تهدف خصوصاً إلى حماية قطاع التكنولوجيا المتطورة الذي اعتبر "الجزء الأهم" من الاقتصاد الأميركي.
(فرانس برس، رويترز)