ترامب يستغل الدستور لاغتيال "التجارة الحرة"

01 فبراير 2017
ترامب يفكر بعقلية تجارية جشعة في مفاوضات التجارة (Getty)
+ الخط -

حتى الآن، أصدر الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، مجموعة من المراسيم، منها مراسيم تخص الحماية التجارية وإلغاء اتفاقيات تجارية كاتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وإعادة التفاوض بشأن اتفاقية نافتا بين كل من المكسيك وكندا وأميركا، إضافة إلى مرسوم منع دخول مواطني 7 دول إسلامية، الذي لا يزال يتفاعل داخل وخارج الولايات المتحدة.

وحسب وعود ترامب الانتخابية، فإنه سيعمل، خلال المائة يوم الأولى، على مجموعة من إجراءات الحماية التجارية التي يعتقد أنها تصب في مصلحة العمال الذين صوتوا له، وفي مصلحة بناء "أميركا العظيمة" التي ربما تحوّل الولايات المتحدة إلى "كابوس عظيم" لسكانها
وباقي سكان المعمورة إذا واصل هذه المراسيم الجنونية. من بين هذه الوعود، تمزيق اتفاقيات التجارة، وفرض رسوم جمركية بنسبة 35% على واردات المكسيك و45% على واردات الصين.

كما وعد كذلك بمعاقبة الشركات الأميركية التي تنتج في الخارج بفرض رسوم جمركية نسبتها 35% على البضائع التي تصدّرها من الخارج إلى السوق الأميركي. لكن من أخطر وعود ترامب، الوعد الخاص بمنظمة التجارة العالمية، حيث قال إنه في حال وقفت قوانينها عقبة أمام خططه التجارية التي رسمها لمفهوم "أميركا أولاً"، فإنه سيقوم بإعادة التفاوض حول شروط عضوية الولايات المتحدة فيها، أو ربما الانسحاب من منظمة التجارة العالمية كلياً.
من الواضح أن البرامج التجارية تمثل تقويضاً كاملاً للتجارة العالمية وحرية انسيابها بين دول العالم، لكنْ ما هي الصلاحيات الدستورية التي يملكها ترامب فعلاً وتمكّنه من تمرير سياساته التجارية؟

تسعى "العربي الجديد" إلى الإجابة عن هذا السؤال، عبر آراء طُرحت في بعض معاهد الدراسات الأميركية الخاصة بالتجارة العالمية وقوانينها. في هذا الصدد، يقول الخبير الأميركي غيري كلايد هوفر، الزميل في معهد "بيترسون" الأميركي للدراسات الاقتصادية، إن الدستور الأميركي منح الكونغرس سلطة تنظيم الإجراءات التجارية مع الدول الأجنبية، وإن لديه الكلمة النهائية، لكن التعديلات التي أُدخلت على الدستور الأميركي، خلال قرن كامل، أعطت الرئيس الأميركي العديد من الصلاحيات الدستورية التي تسمح له باتخاذ العديد من الإجراءات.

من بينها، الحد من المتاجرة مع أي دولة من دون الرجوع للكونغرس، واتخاذ العديد من الإجراءات العقابية ضد الدول في حالات الفائض التجاري، أو التمييز ضد البضائع الأميركية، أو الحد من حرية التجارة مع أميركا، أو تصنيف الدول كعدو. وهنالك العديد من السلطات التي مُنحت للرئيس الأميركي وسيستخدمها ترامب في تنفيذ خططه الانعزالية ومحاربة دول العالم، أو حتى ربما القضاء على حرية التجارة العالمية ووأد منظمة التجارة العالمية، كما ذكرت "العربي الجديد" في تحليل قبل أسبوع.

ومن بين الصلاحيات الدستورية، سنتناول 6 تشريعات دستورية أطلقت يد الرئيس في إلغاء أو إعادة التفاوض، وهي:
أولاً: التعديل الذي تم في العام 1930 والمنصوص عليه في الفقرة رقم 338 من الدستور الأميركي. وهو تعديل سيمنح ترامب الحق في فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على تجارة الدول التي تنفذ إجراءات تمييزية ضد البضائع والخدمات الأميركية. ومن المتوقع أن يستغل ترامب هذه الصلاحية الدستورية في مفاوضاته مع الصين والمكسيك لاحقاً هذا الأسبوع. من بين التعديلات الدستورية التي تدعم جنون ترامب في مفاوضاته التجارية، وتجعله قادراً على إشهار سلاح التجارة في وجه أي دولة تعارضه، التعديل الذي خوّله إعادة التفاوض مع دول اتفاقية التجارة الحرة المعروفة اختصارا باسم "نافتا"، وهي كل من المكسيك وكندا.

ثانياً: التعديل الدستوري في العام 1962، الفقرة "332 بي"، تمنح ترامب الحق في فرض إجراءات عقابية على تجارة الدول التي يعتقد أنها تهدد الأمن القومي الأميركي.

ثالثاً: الفقرة 122 في التعديل الدستوري، الذي تم في العام 1972، تمنح ترامب الحق في فرض رسوم جمركية إضافية على تجارة الدول التي لديها فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، أو اتخاذ إجراءات للحد من تدفقها إلى السوق الأميركي. وهذه الرسوم الإضافية تصل إلى 15%.

رابعاً: الفقرة 301 من قانون التجارة الذي أقر في العام 1974، يمنح ترامب الحق في معاقبة الدول التي تمنع أميركا من المتاجرة بحرية معها أو تتخذ إجراءات غير مبررة ضد البضائع والخدمات الأميركية. وهذه المعاقبة يمكن أن تتم جمركياً عبر رفع الرسوم أو عبر الحد من استيراد بضائعها.

خامساً: قانون المتاجرة مع العدو الذي أقر في العام 1917، يمنح الرئيس ترامب الحق الدستوري في التصرف بكل أنواع التجارة الخارجية في أميركا، بما في ذلك اتخاذ أية إجراءات ضد الدولة العدو، وتجميد موجوداتها.

سادساً: سلطات الطوارئ في الاقتصاد العالمي: وهو قانون أقر في العام 1977، يمنح الرئيس ترامب الحق في اتخاذ أية إجراءات بشأن التجارة العالمية بما في ذلك تجميد الممتلكات داخل وخارج الولايات المتحدة. وهنالك سلطات أخرى منحت للرئيس بخصوص محاربة المخدرات والإرهاب.

وبالتالي، فالرئيس ترامب لديه صلاحيات واسعة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي وقوانين التجارة والاستثمار. وهذه الصلاحيات الدستورية تمنحه الحق في إصدار مراسيم رئاسية من دون حاجة إلى الرجوع للكونغرس.


دلالات