04 نوفمبر 2024
ترامب و"تويتر" وأزمة الخليج
صعود دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية حدثٌ قد لا تجود به السياسة على الخلق إلا نادراً. مع ذلك، لا نستطيع إنكار أن صناديق الاقتراع جاءت به، وأضفت عليه شرعيةً لا شك فيها، على الرغم من التحرّيات المفتوحة في شوائب وشبهاتٍ قد تكون اعترتها، كما لا يمكن أن نعدّها ديمقراطية زائفة، فالديمقراطية جميلة، لكنها قد تنجب جنيناً مشوهاً. لا يكون العيب في الديمقراطية هذه، ولكن، في سياقات الوحم والحمل التي أفسدت الخلق؟
نتذكّر ردود أفعال مثقفين وفنانين أميركيين كبار، اعتبرت أن ترامب اختطف، بماله ورعونته، أصوات ناخبيه الأميركيين. وها هو يدير شأن العالم من خلال "السوشيال ميديا"، يضغط على بعض الأزرار، فتشق كلماته المكتوبة البحر والبر أوامر ومواقف، وربما استراتيجيات. يعبر الرئيس تماماً في تغريداته، وهو لم ينزل من الطائرة على شاكلة التاجر العائد إلى أهله بعد سفرة شاقة، على أنه "استل من جيوب الخليجيين مئات المليارات، وهو لا يسعه إلا أن يهنئ شعبه بتلك الأموال التي ستدر عليهم رزقاً ورغداً وفيراً".
كسر كل الصور النمطية التي قدمتها البشرية والنظريات السياسية والبروتوكولات التي ترسّخت عن الرؤساء وخطاباتهم، فضلاً عن حركات وملامح وقسماتٍ كثيرة. ومع ذلك، انتخبه شعبه، لأسباب عديدة تعود إلى انتظارات الناخب الأميركي ممن لم تشبعه أيديولوجيات العدالة والإخاء التي اشتغل عليها أوباما، غير أن بعضها مازال غامضاً. ولكن، علينا في كل الحالات أن نتحمّل كل ما سيصدر عنه، فمصير العالم إلى حد ما بين يديه. يقلبه كما شاء، استوى لديه الأمر، بعد أن اختفى أي منافس جديد يمكن أن يتقاسم معه هذا النفود. ما زال بوتين يتدرّب على كيفية الخروج من معاركه الصغرى التي شدّته إلى زوايا ضيقة. يقدّم ترامب أنه يقود معاركه باسم العالم جميعاً، وكأننا منحناه إنابة شاملة عنا، في حين يخوض بوتين معاركه باسم روسيا وحلفائها. يستحق ترامب أن يكون زعيم طائفةٍ أو مذهب، فهو لا يخفي إحساساً ما بأنه مبعوث العناية الإلهية، وأن له بركات تفوق بعض مشائخ طرقنا وأئمتنا ومذاهبنا، وما أكثرهم.
في الأيام الأخيرة، كان ترامب صريحاً إلى حد الصدمة، وهو يعلن، مجدّداً عبر "السوشيال ميديا"، إنه استجاب إلى طلبات الإخوة الأعداء، وهم يلحّون عليه أن يعاقب من تخلى عن معركة الإرهاب، فوعد وتوعد وجمع مالاً كثيراً. تخوض الولايات المتحدة معاركها بأموالنا وأرواحنا، هذه قناعة أميركية حديثة، عبّر عنها أكثر من مسؤول.
سيكون مؤلماً أن نرى حرباً بين الأشقاء، وسيكون من السخافة أن نرى في القرن الواحد والعشرين دولاً تُشطب وأنظمةً تغير باستعمال القوة. خبرنا غزو الكويت وغزو العراق وما صاحبهما، ولعل ما يحدث الآن تداعياتٍ لما تم آنذاك، علينا العمل، حينئذٍ، على تجنب حربٍ أخرى. ستظل الصدور غائرةً حقداً وكراهية، ولن تنفع وصفات الدنيا كلها في رأب ذلك الصدع، لو انزاحت التهديدات الجارية حالياً إلى مجازفةٍ غير محمودة العواقب. ما حدث في ليبيا واليمن وسورية يؤيد هذه الفرضية.
منحت تغريدات ترامب الأولى بعضهم جرأةً في الذهاب إلى أبعد حد ممكن، تحت تحشيد إعلامي، ما كنا نظن أن نسمع مثله يوماً، وقد ألقى عرضاً بكل المواثيق الأخلاقية التي عُرفت عن أهل الخليج. هتك الناس أعراض بعضهم بعضاً، واختلقوا مئات الروايات الباطلة، فضلاً عن صنع الأراجيف والحملات المغرضة. وقد أحرج الرئيس ترامب معاونيه وإدارته مراتٍ كثيرة، حين وضعهم في ورطةٍ لزلات لسانه، أو رعونة مواقفه، الصادمةً أحياناً. ولكن، ما علينا إلا نعد تلك الأخطاء مجرد افتقاد خصال سياسية على النمط الذي استقرت عليه الأعراف، فللرجل إرادة صلبة في تنفيذ ما يعتقد أنها رسالته الإنسانية الخالصة التي بعث لأجلها.
يعتقد ترامب، أو يتوهم، أنه مبعوث عناية إلهية، وأن الأقدار حملته لإصلاح العالم. لذلك يتحدّث عن مرحلة تأسيسيةٍ رسولية، تبدأ بتأديب إيران ودعوتها إلى التوبة، وتنتهي باختفاء الإرهاب وكل أنواع الشرور في عهده، ليعمّ الخير والهناء على يديه. لكن ينسى ترامب أنه على فرض قبولنا تلك النهاية، علينا أن نسير في درب آلامٍ طويلٍ من الحروب التي، للأسف، ستجري مجملها في أراضينا وبمالنا. يقرع بعضهم طبول الحرب، فيشرع آخرون في الرقص، ولو على أشلاء بعضنا. لن يكون الخلاص وصفة ترامبية مطلقاً.
كسر كل الصور النمطية التي قدمتها البشرية والنظريات السياسية والبروتوكولات التي ترسّخت عن الرؤساء وخطاباتهم، فضلاً عن حركات وملامح وقسماتٍ كثيرة. ومع ذلك، انتخبه شعبه، لأسباب عديدة تعود إلى انتظارات الناخب الأميركي ممن لم تشبعه أيديولوجيات العدالة والإخاء التي اشتغل عليها أوباما، غير أن بعضها مازال غامضاً. ولكن، علينا في كل الحالات أن نتحمّل كل ما سيصدر عنه، فمصير العالم إلى حد ما بين يديه. يقلبه كما شاء، استوى لديه الأمر، بعد أن اختفى أي منافس جديد يمكن أن يتقاسم معه هذا النفود. ما زال بوتين يتدرّب على كيفية الخروج من معاركه الصغرى التي شدّته إلى زوايا ضيقة. يقدّم ترامب أنه يقود معاركه باسم العالم جميعاً، وكأننا منحناه إنابة شاملة عنا، في حين يخوض بوتين معاركه باسم روسيا وحلفائها. يستحق ترامب أن يكون زعيم طائفةٍ أو مذهب، فهو لا يخفي إحساساً ما بأنه مبعوث العناية الإلهية، وأن له بركات تفوق بعض مشائخ طرقنا وأئمتنا ومذاهبنا، وما أكثرهم.
في الأيام الأخيرة، كان ترامب صريحاً إلى حد الصدمة، وهو يعلن، مجدّداً عبر "السوشيال ميديا"، إنه استجاب إلى طلبات الإخوة الأعداء، وهم يلحّون عليه أن يعاقب من تخلى عن معركة الإرهاب، فوعد وتوعد وجمع مالاً كثيراً. تخوض الولايات المتحدة معاركها بأموالنا وأرواحنا، هذه قناعة أميركية حديثة، عبّر عنها أكثر من مسؤول.
سيكون مؤلماً أن نرى حرباً بين الأشقاء، وسيكون من السخافة أن نرى في القرن الواحد والعشرين دولاً تُشطب وأنظمةً تغير باستعمال القوة. خبرنا غزو الكويت وغزو العراق وما صاحبهما، ولعل ما يحدث الآن تداعياتٍ لما تم آنذاك، علينا العمل، حينئذٍ، على تجنب حربٍ أخرى. ستظل الصدور غائرةً حقداً وكراهية، ولن تنفع وصفات الدنيا كلها في رأب ذلك الصدع، لو انزاحت التهديدات الجارية حالياً إلى مجازفةٍ غير محمودة العواقب. ما حدث في ليبيا واليمن وسورية يؤيد هذه الفرضية.
منحت تغريدات ترامب الأولى بعضهم جرأةً في الذهاب إلى أبعد حد ممكن، تحت تحشيد إعلامي، ما كنا نظن أن نسمع مثله يوماً، وقد ألقى عرضاً بكل المواثيق الأخلاقية التي عُرفت عن أهل الخليج. هتك الناس أعراض بعضهم بعضاً، واختلقوا مئات الروايات الباطلة، فضلاً عن صنع الأراجيف والحملات المغرضة. وقد أحرج الرئيس ترامب معاونيه وإدارته مراتٍ كثيرة، حين وضعهم في ورطةٍ لزلات لسانه، أو رعونة مواقفه، الصادمةً أحياناً. ولكن، ما علينا إلا نعد تلك الأخطاء مجرد افتقاد خصال سياسية على النمط الذي استقرت عليه الأعراف، فللرجل إرادة صلبة في تنفيذ ما يعتقد أنها رسالته الإنسانية الخالصة التي بعث لأجلها.
يعتقد ترامب، أو يتوهم، أنه مبعوث عناية إلهية، وأن الأقدار حملته لإصلاح العالم. لذلك يتحدّث عن مرحلة تأسيسيةٍ رسولية، تبدأ بتأديب إيران ودعوتها إلى التوبة، وتنتهي باختفاء الإرهاب وكل أنواع الشرور في عهده، ليعمّ الخير والهناء على يديه. لكن ينسى ترامب أنه على فرض قبولنا تلك النهاية، علينا أن نسير في درب آلامٍ طويلٍ من الحروب التي، للأسف، ستجري مجملها في أراضينا وبمالنا. يقرع بعضهم طبول الحرب، فيشرع آخرون في الرقص، ولو على أشلاء بعضنا. لن يكون الخلاص وصفة ترامبية مطلقاً.