لولا تسريبات موقع "ويكيليكس" للرسائل الإلكترونية المقرصنة من حسابات مساعدي المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون، لأمكن القول إن الحملة الانتخابية التي يقودها المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، قد غرقت تماماً في حالة الإنكار ونفي التهم الموجهة إليه بالتحرش الجنسي والإساءة إلى النساء، والتي لا تزال تتوالى فصولاً ويشتد زخمها مع اقتراب يوم الاقتراع في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
الواضح حتى الآن أن نتائج معركة التسريب المتبادل للمعلومات، تميل لصالح حملة كلينتون المدعومة، حسب ترامب، مما يسمى بالـ"إستبلشمنت" في واشنطن (أي المؤسسات التقليدية الحاكمة في البلاد)، ومن وسائل الإعلام و"لوبيات" الضغط المالي وأثرياء وول ستريت (حي المال والبورصة في الولايات المتحدة).
في المقابل، لا تزال هيلاري كلينتون تتعرض لموجات من تسريب الرسائل الإلكترونية المقرصنة، إذ تلاحقها "لعنة" هذه الرسائل منذ عامين. وبدأت تشكل لها إحراجاً فعلياً منذ عمليات القرصنة الإلكترونية لبريد الحزب الديمقراطي قبل نحو ثلاثة أشهر، ومن ثم عمليات القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها الحملة الانتخابية لكلينتون وحسابات عدد من مساعديها. وتتهم حملة كلينتون الاستخبارات الروسية بالقيام بعمليات القرصنة ومن ثم تسريب الوثائق إلى موقع "ويكيليكس" الذي يقوم بنشرها وفق روزنامة الانتخابات الأميركية ومن أجل دعم الحملة الانتخابية لترامب. وبات واضحاً أن ترامب يحاول الاعتماد، في حملته، على تسريبات "ويكيليكس"، التي توفر له مادة أساسية في الهجوم على كلينتون.
وعلى الرغم من تسريب "ويكيليكس" آلاف الرسائل والوثائق المقرصنة، لكن مفاجأة شهر أكتوبر/تشرين الأول التي وعد مدير موقع "ويكيليكس"، جوليان أسانج، بالكشف عنها، والتي من الممكن أن تلحق أضراراً كبيرة بحملة كلينتون، لم تظهر بعد. فضلاً عن ذلك، لم تنجح حملة ترامب في استخدام وتوظيف المادة التي تقدمها "ويكيليكس" في الهجوم على مرشحة الحزب الديمقراطي، ربما بسبب غرقها في مستنقع الفضائح واعتمادها استراتيجية الدفاع وتقليل الخسائر. في المقابل، نجحت كلينتون في جرّ السجال الانتخابي وتركيزه حول قضية المرأة، وهي الورقة الرابحة ضد خصمها ترامب الذي نجحت في تقديمه للرأي العام الأميركي بوصفه رجلاً غريب الأطوار ومهووساً بالنساء والجنس.