يشهد منسوب النيل في الخرطوم تذبذبا كبيرا بين الانحسار والارتفاع عقب الخطوة الإثيوبية ببدء ملء سد النهضة، وهي الخطوة التي أثارت غضب كل من مصر والسودان.
وأعلنت هيئة مياه ولاية الخرطوم، اليوم الأحد، عن ارتفاع مفاجئ في مستويات الأنهار الثلاثة (الأزرق والأبيض والنيل الرئيس)، ما أدى إلى انخفاض إنتاجية المياه النقية في عدد من المحطات، خاصة محطة تنقية مياه بحري، لافتة إلى استمرار العمل على رفع المنصات المائية في المحطات.
وبرّر وزير الري والموارد المائية السابق عثمان التوم حمد الإرباك والتأرجح في مستوى مياه النيل في السودان إلى عوامل عدة.
وقال لـ"العربي الجديد" إن الانحسار الذي حدث في منسوب النيل الأسبوع المنصرم، والذي استغرق أسبوعاً، تسببت فيه 3 عوامل رئيسة، وهي بدء الحكومة الإثيوبية ملء سد النهضة، وبدء التخزين، وفتح خزان جبل أولياء لتخزين المياه حسب البرنامج المعلن، والذي تم التخزين فيه مبكرا لخلو منطقة السد من الطمي، ما يسهل عملية تخزين مياه الفيضان فيه ورفع منصات طلمبات المياه إلى أعلى تفادياً لتعرضها للغطس تحسباً للفيضان، ما أسهم في الانحسار بشكل عام.
وأشار إلى أن ارتفاع منسوب الأنهار الثلاثة، الذي أعلنته هيئة مياه الخرطوم، تم نتيجة لإيقاف التخزين في خزان جبل أولياء مؤقتا، ليتسنى للهيئة إسعاف المحطات التي خرجت عن الخدمة، إلى جانب اكتمال التخزين الابتدائي لسد النهضة، ما أدى إلى حدوث فيضان عال يمر عبر خزاني الروصيرص وسنار إلى النيل الرئيس في الخرطوم.
وأشار إلى أن المياه التي تمر من سد النهضة إلى النيل محملة بكمية من الطمي، ما تسبب في ارتفاع مستوى العكارة إلى 14 ألف وحدة، والتي تصل إلى أعلى حالاتها في يوليو/تموز الحالي.
وكشف مدير عام الهيئة المهندس أنور السادات الحاج، في تعميم صحافي، ارتفاع تعكر المياه من 3 إلى 14 ألف وحدة بصورة مفاجئة، ما قلل إنتاجية المياه النقية في جميع المحطات في الولاية.
وأشارت الهيئة سابقاً إلى خروج عدد من محطاتها النيلية عن الخدمة جرّاء انحسار مفاجئ للنيلين الأبيض والأزرق ونهر النيل، لافتة إلى أنه "لا تزال منصات مضخات المياه الخام عند أدنى مستوى لها في محطات مياه سوبا بحري القديمة، المقرن، والمنارة.
ورُصدت أزمة مياه حادة في عدة مناطق في الخرطوم وشمال مدينة الخرطوم بحري امتدت عدة أيام.
وأكدت هيئة مياه ولاية الخرطوم، في بيان صحافي، أن الانحسار أدى إلى خفض كميات المياه النقية المنتجة من المحطات، معلنة إبلاغ إدارة الخزانات بخروج محطاتها عن الخدمة بسبب الانحسار المفاجئ للنيل، والتي فتحت عدداً من بوابات خزان الروصيرص، وبأن المياه ستنساب نحو الولايات في المسار النيلي في غضون 48 ساعة، وتوقعت حدوث شح في إمدادات المياه في عدد من الأحياء في الولاية، ونقصها الحاد في مناطق أخرى بعيدة.
وقال العضو السابق للجنة الدولية للتفاوض حول سد النهضة لدى وزارة الري دياب حسن، لـ"العربي الجديد"، إن التخزين غير المتفق عليه لسد النهضة تسبب في تأرجح منسوب النيل بين انخفاض وارتفاع فجائي.
وأشار إلى أن سد النهضة يحوي 4 أبواب سفلى خصصت لتحويل المجرى، يبلغ قــطر الواحد منها 8 أمتار، وهي تمرر 12 ألف متر مكعب من المياه في الثانية، يؤدي إغلاقها وفتحها إلى ارتفاع وانحسار منسوب النيل، وقد تسبب فتحها من دون إخطار رسمي للدولتين الشريكتين، مصر والسودان، لتخزين 4 مليارات و900 مليون متر مكعب من المياه لمنسوب 570 بهدف توليد الكهرباء، ما تسبب في خفض منسوب النيل في خزان الروصيرص إلى 90 مليون متر مكعب يومياً، وفي منطقة الديم إلى 1.70 متر، ما تسبب في تراكم الطمي أمام التوربينات وتأثر طلمبات المياه النقية بالعكارة في مناطق عدة، من بينها الصالحة بأم درمان وبحري.
وقال حسن إن الارتفاع الحالي في منسوب النيل يرجع إلى حصول إثيوبيا على كفايتها من المياه واضطرارها لتمرير المياه للنيل بسبب وجود فتحة في منتصف سد النهضة تمنعها من التخزين لأكثر من ذلك، مشيراً إلى أن التصريف الحالي للمياه الوارد إلى النيل من سد النهضة يتم عبر اثنتين من البوابات السفلى في منسوب 545 وتوفر هذه الأبواب 70 مليون متر مكعب من المياه في اليوم، ما أدى إلى ارتفاع منسوبه.
وطالب الحكومة السودانية بالاتجاه إلى رفع المنسوب الأدنى للتخزين بخزانات البلاد لتوفير احتياطي مقدّر من المياه تحسباً لأي انحسار محتمل في المياه بسبب سد النهضة مستقبلاً.