وحاول نتنياهو، والذي أعلن فور صدور القرار رفض إسرائيل له وعدم نيتها التقيد به، إلقاء كامل المسؤولية على أوباما، وهو ما كرره مرة أخرى في جلسة الحكومة الإسرائيلية، أمس الأحد، متهماً إدارة أوباما بأنها هي التي صاغت وشجعت وتكفلت بتمرير القرار، في نقض واضح، حسب ادعائه، للالتزامات الأميركية تجاه إسرائيل، بما في ذلك التزام من أوباما نفسه في عام 2011. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن نتنياهو، والذي يشغل حقيبة وزارة الخارجية، استدعى السفير الأميركي في تل أبيب، دان شابيرو، مشيرة إلى أنه سيلتقيه قريباً لتوبيخه بسبب عدم استخدام واشنطن حق النقض ضد مشروع القرار.
ومع أن نتنياهو، في رد فعل أولي، أعلن عن قرار حكومة الاحتلال إعادة النظر في علاقاتها مع الأمم المتحدة، بدءاً من وقف دفع التمويل الذي تقدمه إسرائيل للمنظمة الدولية والمقدر بـ30 مليون شيكل (نحو 8 ملايين دولار)، من جهة، واعتزام حكومته فرض عقوبات على الدول التي ساندت القرار، وما تبعه من استدعاء سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن لتوبيخهم، إلا أنه دعا وزراء حكومته إلى التصرف بترو وعدم إطلاق الحرية لألسنتهم بتصريحات ضد أوباما، أو لجهة الحديث عن رد إسرائيلي صارم على شاكلة تسريع البناء الاستيطاني، أو تسريع سن قانون لضم مستوطنة معاليه أدوميم شرقي القدس إلى إسرائيل، أو فرض القانون الإسرائيلي على المناطق "سي" في الضفة الغربية.
ولم يخف نتنياهو مخاوف حكومته من احتمال إقدام إدارة أوباما، قبل رحيلها، على خطوة إضافية ضد إسرائيل وضد المستوطنات. ويستدل من فيض التقارير في الصحف الإسرائيلية، ووسائل الإعلام، أن مراهنة حكومة إسرائيل على تغيير وضعها وموقفها مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترامب، البيت البيض في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، لا تخفي القلق من تداعيات قرار مجلس الأمن على عدة مستويات، خصوصاً تلك التي ستكون مرتبطة بقرار الدول لجهة إعطاء دفعة لحملات مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية، وربما التوجه نحو مقاطعة الإنتاج الإسرائيلي ككل، فضلاً عن الخطر الأكبر، من وجهة النظر الإسرائيلية، وهو اتجاه المحكمة الجنائية الدولية إلى رفع مستوى تعاملها مع الشكاوى الفلسطينية بشأن المشروع الاستيطاني إلى مستوى فتح تحقيق رسمي في مدى كونها تنتهك القانون الدولي.
ودفعت هذه المواقف إلى عقد اجتماع عاجل للكابينت الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية، بموازاة إعلان وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان عن وقف الاتصالات السياسية والمدنية مع السلطة الفلسطينية، مقابل الإبقاء على التنسيق الأمني فقط. وكانت الردود الإسرائيلية الأولية، كتوبيخ السفراء الأجانب وإلغاء الزيارات المقررة لرئيس حكومة أوكرانيا ووزير خارجية السنغال إلى إسرائيل، فتحت الطريق أمام سيل من الدعوات من وزراء إلى تكثيف الاستيطان، وإعلان ضم المناطق "سي" في الضفة الغربية والكتل الاستيطانية إلى إسرائيل، بشكل يبدو أنه أثار فزعاً لدى نتنياهو، ما فرض عليه التراجع ومطالبة الوزراء في الحكومة التريث قبل إطلاق التصريحات والأخذ بعين الاعتبار احتمال توجيه أوباما ضربة إضافية لإسرائيل. ويشير هذا التحذير الذي أطلقه نتنياهو، إلى إمكانية اعتماد حكومته، في الوقت المتبقي لإدارة أوباما، سياسة حذرة للغاية، خلافاً للانطباع الذي خلفته تصريحاته وردود الفعل الأولى. وقد تؤجل حكومته تطبيق الاقتراحات والخطوات التي أعلن عنها، وفي مقدمتها مسألة إقرار بناء 5600 وحدة سكنية استيطانية جديدة، يفترض أن تبت بشأنها لجنة التنظيم والبناء التابعة لبلدية القدس المحتلة الأربعاء. وفي هذا السياق، رفض عضو الكنيست من الليكود، يوآف كيش، عرض مقترح قانون ضم معاليه أدوميم ومستوطنات غوش عتصيون للسيادة الإسرائيلية على لجنة التشريع الوزارية، وأعلن أنه سينتظر دخول الإدارة الجديدة للبيت الأبيض.