تخريب المجتمع بتخريب التربية والتعليم

13 نوفمبر 2014
+ الخط -

تناقلت فضائيات عراقية خبراً، مفاده أن داعش أمرت باستئناف الدراسة في المناطق التي تسيطر عليها، في محافظة كركوك، وجاء في الخبر أنها أمرت، أيضاً، بإلغاء دروس من المناهج المقررة، مثل النشيد والموسيقى والرياضة والرسم والفنية والوطنية. وبحسب ما تقول المصادر، فإنها تنوي إعادة النظر في دروس الفيزياء والكيمياء، وقياساً على ذلك سيشمل التعديل التاريخ والجغرافيا ضمن هذه التعديلات.

من المعروف، والبدهي، أن للتعليم شأناً كبيراً في حياة الأمم، منذ خلق الله البشر، ولولاه لما وصلت البشرية إلى ما وصلت إليه اليوم. الله عز وجل هو المعلّم الأول، ويقال إنه سبحانه بعث 124 ألف نبي ورسول لهداية وتعليم البشر، وأنزل كتباً سماوية. الحقيقة المبهرة والعجيبة أن الله، جل شأنه، لم يعلّم الإنسان فقط، بل علّم كل شيء خلقه سبحانه، من حيوانات وطيور ونبات وحشرات، وحتى فيروسات وجراثيم. كلها تمتلك شيئاً من المعرفة، بحسب حاجتها، والهدف الذي خُلقت من أجله.

المعنى من هذا الكلام أن العلم حالة أساسية في حياة الإنسان، فقال جل شأنه (وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)، وحتى في الفلسفة، يقول أفلاطون: "العلم هو الفضيلة والجهل هو الرذيلة". ما ورد من كلام يستوجب، منا، أن نضع مناهج دراسية معتمدة عالمياً، أساسها العلم والمعرفة قابلة للتطور غير خاضعة لهوى ورغبات الحكام في مجال العلوم الصرفة والعلوم الإنسانية والحياتية. وهذا هو السائد في أغلب دول العالم المتطورة، لكن الحال يختلف عندنا في الوطن العربي عموماً، والعراق خصوصاً. فنرى أن العلوم الإنسانية، في أغلبها، يخضع جزء كبير منها إلى هوى السياسيين والحكام.

وبالنظر إلى الأعداء، نجد أن إسرائيل تصرف جهداً هائلاً ومالا كثيراً على تعليم أبنائها، وفي المقابل، تصرف الجهد نفسه بغية تخريب العملية التربوية لدينا، معتمدة على عملائها، وعلى إيجاد مناخ وظروف تساهم في عملية التخريب هذه، وخصوصاً المرحلتين، الابتدائية والمتوسطة، وحالة التخريب في تصاعد مستمر أفقياً وعمودياً، فما الذي ننتظره حتى نهب لحماية تعليمنا ومناهجنا ومؤسساتنا التربوية، التي هي أساس بناء مستقبل مجتمعاتنا وحريتها.

CFD694FA-B0C3-4250-B93D-209510561943
CFD694FA-B0C3-4250-B93D-209510561943
عبد القادر أبو عيسى (العراق)
عبد القادر أبو عيسى (العراق)