يصف رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية عباس شراقي، عملية تحلية مياه البحر بهدف استخدامها في الزراعة بالحل "غير الواقعي" لأزمة موارد مصر المائية المتراجعة والتي يهدد سد النهضة الإثيوبي بمزيد من الخطر لأسباب اقتصادية وبيئية، وهو ما يوافقه عليه زميله في جامعة القاهرة، خبير الموارد المائية وأستاذ استصلاح الأراضي والمياه الدكتور نادر نور الدين، الذي يوضح أن الأراضي الزراعية تحتاج سنوياً إلى 57 مليار متر مكعب من المياه، أي أكثر من حصة مصر من مياه النيل التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، مقارنة بثلاثة مليارات متر مكعب تستخدمها الصناعة، وعشرة مليارات متر مكعب من المياه للاستخدام المنزلي، ما يعني أن العجز الحقيقي الذي تعاني منه مصر هو في مياه الزراعة والتي لا يمكن تغطية حجمها الهائل عبر تحلية المياه التي لا يتجاوز حجم إنتاجها الحالي 800 ألف متر مكعب يوميا بنسبة 2.4% من إجمالي الضخ اليومي لمياه الشرب فقط. ومن المتوقع الاستمرار في تنفيذ مخطط التوسع في المحطات حتى سنة 2037 ليبلغ إجمالي طاقة محطات التحلية بالشركات التابعة للشركة القابضة حوالى 2.7 مليون متر مكعب يوميا، وفق ما أوضحه نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي الدكتور أحمد معوض في تصريحات خاصة.
اقــرأ أيضاً
عجز مصر المائي
بعد إعلان وزارة الموارد المائية والري في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة المقترحات التي تراعي مصالح مصر المائية، لم يجد الرئيس عبد الفتاح السيسي من حل لطمأنة المصريين سوى القول إن "مصر أعدت خطة منذ توليه الرئاسة في صيف 2014، لتعزيز موارد مصر المائية وتكلف ما يقرب من 200 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية. ومن المتوقع أن تصل إلى 900 مليار جنيه بحلول العام 2037، وذلك لإعادة تدوير المياه الثلاثية المتطورة، وإنشاء محطات تحلية مياه البحر"، بحسب ما جاء في تصريحاته في الندوة التثقيفية الـ31 للقوات المسلحة.
ويعد الاستخدام المنزلي للمياه أولوية في التعامل مع موارد البلاد المائية، بحسب ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووفق لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي قدمت في تعليقها العام رقم 15 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في الماء وحمايته والوفاء به، وفق ما أوضحه الدكتور نور الدين الذي يؤكد هو والبروفسيور شراقي على أنه "ليس هناك دولة في العالم تعتمد على المياه المحلاة في الزراعة، ومن المستحيل أن يتم حل أزمة نقص المياه الحالي أو التي ستنتج عن بناء سد النهضة الإثيوبي من خلال تحلية مياه البحر واستخدامها في الزراعة".
ويبلغ نصيب المواطن المصري من المياه 600 متر مكعب سنويا، بينما يقف خط الفقر المائي عند 1000 متر مكعب سنويا، بما يعني وجود عجز في نصيب الفرد مقداره 400 متر مكعب سنويا، وفق ما أوضحه شراقي.
سوء استخدام
تنفذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة محطات التحلية في المدن الجديدة، وكذلك الهيئة القومية لمياه الشرب، لكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تسيطر على تنفيذ مشروعات تحلية مياه البحر في محافظة مطروح ومناطق العلمين وجبل الجلالة، وانتهت الحكومة المصرية من خطة لقطع مياه نهر النيل عن الساحل الشمالي (أقصى شمالي مصر)، والبحر الأحمر (شرقي البلاد)، والاعتماد على المياه المحلاة مع حلول عام 2020، وفق ما أعلنه السيسي في الندوة التثقيفية، لكن خبير جودة المياه سمير عزت يرى أن محطات التحلية الموجودة بمصر حالياً تعاني من غياب الرقابة الحكومية وستكون لها تأثيرات بيئية خطيرة.
وتابع في تصريحات خاصة: "هناك سوء استخدام لمحطات التحلية في مصر، خاصة في الساحل الشمالي؛ فعلى سبيل المثال توجد في منطقة مارينا بالساحل الشمالي 4 محطات لتحلية المياه وتخدم القاطنين هناك على مساحة 13 كيلومترا، لكن المؤسف أن من يديرون تلك المحطات يستخدمون مياه النيل التي تأتي عن طريق الأجهزة المحلية ويضخونها في المحطات كأنها مياه ناتجة عن التحلية، وهو ما يعد سوء استغلال وإهدار للمال العام، وهذه المحطات تم إنشاؤها بمنحة كندية وصلت كلفتها إلى 40 مليون جنيه، فضلا عن أن هذه المحطات حاليا متهالكة تماما بسبب سوء الاستخدام".
مشاكل التحلية
تعمل مصر حاليا على بناء 54 محطة لتحلية مياه البحر في مناطق (الضبعة وجنوب الوادي والسخنة وسيناء)، كما يقول نور الدين، مؤكداً أنه تم بناء 23 محطة، وجارٍ تنفيذ باقي المحطات بحد أقصى عام 2030، مشيرا إلى أن مصر تحتاج 50 مليار جنيه سنوياً لتحلية مياه البحر، وهي تكاليف إنشاء المحطات وكلفة الكهرباء المستخدمة بها، وهو ما يعني أن تحلية مياه البحر مناسبة فقط للدول الغنية وليس للدول النامية مثل مصر، ومن ثم فلا جدوى اقتصادية من استخدام تقنية تحلية مياه البحر في الزراعة، خاصة أن كلفة المتر المكعب الواحد من المياه المحلاة بواسطة محطات التحلية تتكلف ما بين 48 و68 سنتا أميركيا، بما يعادل ما بين 10 جنيهات و12 جنيها مصريا، وتلزم 10 جنيهات أخرى كلفة التوصيل وتركيب المواسير لمسافة أكثر من 60 كيلومترا، بخلاف إنشاء محطات التحلية، إذن الكلفة ستزيد على 20 جنيها للمتر الواحد.
وأردف نور الدين: "هذا ليس كل شيء، ولكن يشترط أيضا أن يكون للدولة مصدر رخيص للطاقة الكهربائية، لأن مياه البحر تعتبر موردا شحيحا ذا استهلاك عالٍ للكهرباء، إذ تحتاج تحلية متر مكعب واحد 2.5 كيلو/وات في الساعة من الكهرباء، بخلاف أن كلفة التخلص من النفايات الناتجة عن التحلية مرتفعة جدا".
ويتفق أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور محروس سالم مع الرأي السابق، موضحا أن مصر ليس فيها منظومة آمنة للتخلص من مخلفات المياه المالحة، إذ إن المياه المعالجة من خلال محطات التحلية يخرج منها ثلث المياه محلاة يمكن استخدامها في الزراعة، بينما الثلثان الباقيان تكون مياههما شديدة الملوحة وغير صالحة للاستخدام، وفي حال التخلص منها في البحر مرة أخرى تزيد الملوحة بشكل أكثر ما يؤثر على البيئة البحرية والمائية والثروة السمكية ويخلق خللا بيئيا، وهذا ينطبق على المحطات الحكومية والخاصة معا، وهو ما يحذر منه الخبير عزت من واقع مراقبته لمحطات التحلية في الساحل الشمالي، قائلا: "يقوم المستثمرون ممن يعمدون إلى تحلية مياه البحر أو تنقية المياه الجوفية بإلقاء مخلفات التحلية في البحر مرة أخرى، وهو ما يؤدي إلى تأثيرات بيئية خطيرة، فالمواد الناتجة عن التحلية تكون شديدة الملوحة وتدمر البيئة البحرية، كما تضر بالإنسان أيضا الذي يتناول الأسماك الملوثة بالمعادن الثقيلة الناتجة عن عملية التحلية، كما أنها تقتل الأسماك. وكل ذلك يحدث في ظل غياب الرقابة الحكومية على تلك المحطات".
ومن غير المنطقي زراعة القمح أو الذرة أو الأرز والتي تعد محاصيل استراتيجية تستوردها مصر بمياه محلاة، لأن كلفتها الاقتصادية سترتفع بشدة، كما أوضح شراقي، مشيرا إلى أن تلك المياه لها تأثيرات سلبية على الأراضي الزراعية، حيث تؤدي إلى تدهور الأرض الزراعية وخصوبتها وتملُّحها، كما أنها يمكن أن تتسرب إلى المياه الجوفية وتؤثر أيضا على جودتها.
من الناحية الاقتصادية، قال شراقي إن كيلوغراما واحدا من محصول الأرز يحتاج إلى نحو 5 أمتار مكعبة من مياه النيل، وإذا استخدمت المياه المحلاة في زراعة هذا الكيلوغرام من الأرز ستصل كلفة إنتاجه إلى 100 جنيه (6.21 دولارات)، بينما سعره الحالي 13 جنيها (0.81 سنتا)، وينطبق هذا المثال أيضًا على محاصيل أخرى مثل قصب السكر.
وأشار إلى أنه إذا استخدمت المياه المحلاة في زراعة القمح، فإن اقتصادياتها ستكون أيضاً غير مجدية، لأن إنتاج كيلوغرام واحد من القمح يستهلك متراً واحداً من المياه، وإذا استخدمت المياه المحلاة ستكون كلفة الكيلوغرام 20 جنيهاً (1.24 دولار)، في حين أن استيراده يتكلف نحو 4 جنيهات تقريباً (0.25 سنتا).
اقــرأ أيضاً
حلول بديلة
يحذر شراقي من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي في الري حتى لا تزيد من تملح الأراضي الزراعية ونقص خصوبتها، لكن توجد حلول بديلة يمكن أن تساهم في مواجهة العجز المائي، مثل تطوير الإنتاج الزراعي ورفع كفاءة نظم الري وتقليل المهدور منها، واستخدام التقاوي عالية الإنتاجية في الزراعة، والأهم هو العمل على تنمية الموارد المائية عبر قنوات تستفيد من المستنقعات وتقلل من الفاقد بلا فائدة في العمق الأفريقي، ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي التي يمكن أن توفر حوالي 15 مليار متر مكعب بكلفة جنيهين للمتر المكعب، لاستخدامها في الصناعة ونوفر ما نستخدمه حاليا في هذا القطاع للزراعة، بحيث نتوسع في إنشاء محطات ووحدات معالجة مياه المخلفات، وهي أرخص كثيراً من تحلية مياه البحار المكلفة والمستنفدة للكهرباء، فضلا عن إعادة استخدام المياه في الري، لكن تنقصنا في هذا المجال المعالجات الأكثر تقدما لمعالجة هذه المياه ثلاثيا ورباعيا للتخلص من متبقيات المبيدات والأسمدة والميكروبات الممرضة والملوثة للتربة والغذاء، كما أوضح نور الدين، مضيفا أن الحديث عن تحلية مياه البحر كحل وحيد هو "تهور وعدم وعي".
عجز مصر المائي
بعد إعلان وزارة الموارد المائية والري في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة المقترحات التي تراعي مصالح مصر المائية، لم يجد الرئيس عبد الفتاح السيسي من حل لطمأنة المصريين سوى القول إن "مصر أعدت خطة منذ توليه الرئاسة في صيف 2014، لتعزيز موارد مصر المائية وتكلف ما يقرب من 200 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية. ومن المتوقع أن تصل إلى 900 مليار جنيه بحلول العام 2037، وذلك لإعادة تدوير المياه الثلاثية المتطورة، وإنشاء محطات تحلية مياه البحر"، بحسب ما جاء في تصريحاته في الندوة التثقيفية الـ31 للقوات المسلحة.
ويعد الاستخدام المنزلي للمياه أولوية في التعامل مع موارد البلاد المائية، بحسب ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووفق لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي قدمت في تعليقها العام رقم 15 إرشادات مفصّلة للدول بشأن التزاماتها باحترام الحق في الماء وحمايته والوفاء به، وفق ما أوضحه الدكتور نور الدين الذي يؤكد هو والبروفسيور شراقي على أنه "ليس هناك دولة في العالم تعتمد على المياه المحلاة في الزراعة، ومن المستحيل أن يتم حل أزمة نقص المياه الحالي أو التي ستنتج عن بناء سد النهضة الإثيوبي من خلال تحلية مياه البحر واستخدامها في الزراعة".
ويبلغ نصيب المواطن المصري من المياه 600 متر مكعب سنويا، بينما يقف خط الفقر المائي عند 1000 متر مكعب سنويا، بما يعني وجود عجز في نصيب الفرد مقداره 400 متر مكعب سنويا، وفق ما أوضحه شراقي.
سوء استخدام
تنفذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة محطات التحلية في المدن الجديدة، وكذلك الهيئة القومية لمياه الشرب، لكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تسيطر على تنفيذ مشروعات تحلية مياه البحر في محافظة مطروح ومناطق العلمين وجبل الجلالة، وانتهت الحكومة المصرية من خطة لقطع مياه نهر النيل عن الساحل الشمالي (أقصى شمالي مصر)، والبحر الأحمر (شرقي البلاد)، والاعتماد على المياه المحلاة مع حلول عام 2020، وفق ما أعلنه السيسي في الندوة التثقيفية، لكن خبير جودة المياه سمير عزت يرى أن محطات التحلية الموجودة بمصر حالياً تعاني من غياب الرقابة الحكومية وستكون لها تأثيرات بيئية خطيرة.
وتابع في تصريحات خاصة: "هناك سوء استخدام لمحطات التحلية في مصر، خاصة في الساحل الشمالي؛ فعلى سبيل المثال توجد في منطقة مارينا بالساحل الشمالي 4 محطات لتحلية المياه وتخدم القاطنين هناك على مساحة 13 كيلومترا، لكن المؤسف أن من يديرون تلك المحطات يستخدمون مياه النيل التي تأتي عن طريق الأجهزة المحلية ويضخونها في المحطات كأنها مياه ناتجة عن التحلية، وهو ما يعد سوء استغلال وإهدار للمال العام، وهذه المحطات تم إنشاؤها بمنحة كندية وصلت كلفتها إلى 40 مليون جنيه، فضلا عن أن هذه المحطات حاليا متهالكة تماما بسبب سوء الاستخدام".
مشاكل التحلية
تعمل مصر حاليا على بناء 54 محطة لتحلية مياه البحر في مناطق (الضبعة وجنوب الوادي والسخنة وسيناء)، كما يقول نور الدين، مؤكداً أنه تم بناء 23 محطة، وجارٍ تنفيذ باقي المحطات بحد أقصى عام 2030، مشيرا إلى أن مصر تحتاج 50 مليار جنيه سنوياً لتحلية مياه البحر، وهي تكاليف إنشاء المحطات وكلفة الكهرباء المستخدمة بها، وهو ما يعني أن تحلية مياه البحر مناسبة فقط للدول الغنية وليس للدول النامية مثل مصر، ومن ثم فلا جدوى اقتصادية من استخدام تقنية تحلية مياه البحر في الزراعة، خاصة أن كلفة المتر المكعب الواحد من المياه المحلاة بواسطة محطات التحلية تتكلف ما بين 48 و68 سنتا أميركيا، بما يعادل ما بين 10 جنيهات و12 جنيها مصريا، وتلزم 10 جنيهات أخرى كلفة التوصيل وتركيب المواسير لمسافة أكثر من 60 كيلومترا، بخلاف إنشاء محطات التحلية، إذن الكلفة ستزيد على 20 جنيها للمتر الواحد.
وأردف نور الدين: "هذا ليس كل شيء، ولكن يشترط أيضا أن يكون للدولة مصدر رخيص للطاقة الكهربائية، لأن مياه البحر تعتبر موردا شحيحا ذا استهلاك عالٍ للكهرباء، إذ تحتاج تحلية متر مكعب واحد 2.5 كيلو/وات في الساعة من الكهرباء، بخلاف أن كلفة التخلص من النفايات الناتجة عن التحلية مرتفعة جدا".
ويتفق أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور محروس سالم مع الرأي السابق، موضحا أن مصر ليس فيها منظومة آمنة للتخلص من مخلفات المياه المالحة، إذ إن المياه المعالجة من خلال محطات التحلية يخرج منها ثلث المياه محلاة يمكن استخدامها في الزراعة، بينما الثلثان الباقيان تكون مياههما شديدة الملوحة وغير صالحة للاستخدام، وفي حال التخلص منها في البحر مرة أخرى تزيد الملوحة بشكل أكثر ما يؤثر على البيئة البحرية والمائية والثروة السمكية ويخلق خللا بيئيا، وهذا ينطبق على المحطات الحكومية والخاصة معا، وهو ما يحذر منه الخبير عزت من واقع مراقبته لمحطات التحلية في الساحل الشمالي، قائلا: "يقوم المستثمرون ممن يعمدون إلى تحلية مياه البحر أو تنقية المياه الجوفية بإلقاء مخلفات التحلية في البحر مرة أخرى، وهو ما يؤدي إلى تأثيرات بيئية خطيرة، فالمواد الناتجة عن التحلية تكون شديدة الملوحة وتدمر البيئة البحرية، كما تضر بالإنسان أيضا الذي يتناول الأسماك الملوثة بالمعادن الثقيلة الناتجة عن عملية التحلية، كما أنها تقتل الأسماك. وكل ذلك يحدث في ظل غياب الرقابة الحكومية على تلك المحطات".
ومن غير المنطقي زراعة القمح أو الذرة أو الأرز والتي تعد محاصيل استراتيجية تستوردها مصر بمياه محلاة، لأن كلفتها الاقتصادية سترتفع بشدة، كما أوضح شراقي، مشيرا إلى أن تلك المياه لها تأثيرات سلبية على الأراضي الزراعية، حيث تؤدي إلى تدهور الأرض الزراعية وخصوبتها وتملُّحها، كما أنها يمكن أن تتسرب إلى المياه الجوفية وتؤثر أيضا على جودتها.
من الناحية الاقتصادية، قال شراقي إن كيلوغراما واحدا من محصول الأرز يحتاج إلى نحو 5 أمتار مكعبة من مياه النيل، وإذا استخدمت المياه المحلاة في زراعة هذا الكيلوغرام من الأرز ستصل كلفة إنتاجه إلى 100 جنيه (6.21 دولارات)، بينما سعره الحالي 13 جنيها (0.81 سنتا)، وينطبق هذا المثال أيضًا على محاصيل أخرى مثل قصب السكر.
وأشار إلى أنه إذا استخدمت المياه المحلاة في زراعة القمح، فإن اقتصادياتها ستكون أيضاً غير مجدية، لأن إنتاج كيلوغرام واحد من القمح يستهلك متراً واحداً من المياه، وإذا استخدمت المياه المحلاة ستكون كلفة الكيلوغرام 20 جنيهاً (1.24 دولار)، في حين أن استيراده يتكلف نحو 4 جنيهات تقريباً (0.25 سنتا).
حلول بديلة
يحذر شراقي من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي في الري حتى لا تزيد من تملح الأراضي الزراعية ونقص خصوبتها، لكن توجد حلول بديلة يمكن أن تساهم في مواجهة العجز المائي، مثل تطوير الإنتاج الزراعي ورفع كفاءة نظم الري وتقليل المهدور منها، واستخدام التقاوي عالية الإنتاجية في الزراعة، والأهم هو العمل على تنمية الموارد المائية عبر قنوات تستفيد من المستنقعات وتقلل من الفاقد بلا فائدة في العمق الأفريقي، ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي التي يمكن أن توفر حوالي 15 مليار متر مكعب بكلفة جنيهين للمتر المكعب، لاستخدامها في الصناعة ونوفر ما نستخدمه حاليا في هذا القطاع للزراعة، بحيث نتوسع في إنشاء محطات ووحدات معالجة مياه المخلفات، وهي أرخص كثيراً من تحلية مياه البحار المكلفة والمستنفدة للكهرباء، فضلا عن إعادة استخدام المياه في الري، لكن تنقصنا في هذا المجال المعالجات الأكثر تقدما لمعالجة هذه المياه ثلاثيا ورباعيا للتخلص من متبقيات المبيدات والأسمدة والميكروبات الممرضة والملوثة للتربة والغذاء، كما أوضح نور الدين، مضيفا أن الحديث عن تحلية مياه البحر كحل وحيد هو "تهور وعدم وعي".