اندلع حريق كبير في منطقة السوق الحرة بمرفأ بيروت، اليوم الخميس، هو الثاني من نوعه هذا الأسبوع، وتوجّهت فرق الدفاع المدني لإطفائه.
وقال مصدر في قيادة الجيش، لـ"العربي الجديد"، إنّ المخزن، مكان اندلاع الحريق، يقع في المنطقة الحرّة، موضحاً أنّ "الحريق ناجم عن اشتعال زيوت وإطارات، ولا خوف من انفجار. ولم تسجل إصابات حتى الساعة".
وللوقوف على الآثار البيئية للحريق، اتصل "العربي الجديد" بالأستاذة الجامعية المتخصّصة في الكيمياء التحليلية ونوعية الهواء، نجاة صليبا، التي حذّرت من "خطورة تنشّق الدخان المتصاعد جرّاء حريق اليوم في مرفأ بيروت، لا سيّما إذا استمر لفترة طويلة، كونه يشير من لونه الأسود الغامق إلى أنّ المواد الناجمة عنه مواد سرطانية، مضرّة جداً بالصحة".
وإذ لفتت إلى أنّه لم "يُعرف مصدر الحريق لغاية الساعة، فقد يكون ناجماً عن احتراق زيوت أو دواليب، وكلاهما تنجم عن اشتعاله مواد سرطانية".
ونبّهت إلى "ضرورة ملازمة أهالي العاصمة لمنازلهم وإغلاق النوافذ والأبواب، حال وجودها، كون العديد منها دُمّر مع الانفجار الأخير. وفي حال عدم وجودها، فعلى الأهالي إغلاقها بمادة النايلون وارتداء الكمّامة، والبقاء في الغرفة الأقل تأثراً بالدخان، كما عزل الأولاد وكبار السن، والاعتماد على المكيّفات تفادياً للحرّ الشديد".
ونصحت صليبا الأهالي "في حال اضطرارهم للخروج إلى الشرفة أو السطوح بسبب موجة الحرّ، أن يقوموا على الأقل بترطيب الجدران والأرض بالمياه، كي يترسّب الغبار بشكل سريع، وبالتالي ارتداء الكمّامة".
وأوضحت أنّ "التأثير الصحي السريع للدخان المنبعث، يكمن في كونه يسبّب ضيقاً في التنفّس، ومن ثمّ أمراضاً سرطانية على المدى البعيد في حال استمراره"، قائلةً بأسف: "ليس من الضروري أن نتنشّق مواد سرطانية إضافية، يكفينا ما أصابنا".
وعمّا إذا كان دخان اليوم أخطر من ذلك الذي ملأ سماء العاصمة يوم انفجار 4 أغسطس/ آب الماضي، تجيب صليبا: "مادة نترات الأمونيوم بحد ذاتها ليست خطرة، إنّما تجسّدت الخطورة حينها بالانفجار الذي حطّم المباني والأبواب والنوافذ وخلّف أضراراً كبيرة. لكنّنا لا نعلم ما هي المواد التي احترقت مع النترات، لنقدّر إن كان ذلك الدخان أخطر من دخان اليوم أم لا".
بدوره أبدى أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية، معين حمزة، استياءه الشديد من الحريق الحاصل، قائلاً لـ"العربي الجديد": "إنّها جريمة بحق الإنسانية وبحق البيئة وصحة الإنسان، إذ لا داعي للقول إنّ الدواليب والمحروقات والمواد المشتعلة حالياً في المرفأ، مهما كان نوعها، هي مواد مؤذية. فمسألة التلوّث واضحة تماماً و"الجريمة" حصلت أمام عيون الجميع، بعد أن وصلت الغيمة السوداء إلى ضواحي بيروت، ولا تزال لغاية الساعة تواصل تمدّدها. ويمكننا أن نقول إنّ كلّ هذا سيضرّ بصحة الناس، من دون انتظار صدور أيّ مؤشرات أو أرقام، أو حتى تحليلات ومعلومات".
ودعا حمزة أهالي العاصمة والمقيمين فيها، إلى "اتّخاذ أقصى درجات الوقاية والاحتياط، وارتداء كمّامتين عوضاً عن الواحدة في حال خرجوا من منازلهم".
وأضاف: "من الأفضل عدم تشغيل المكيّفات رغم موجة الحر، وذلك تفادياً لسحب الدخان إلى غرفهم. كما أنصح كبار السن والأطفال ومرضى الجهاز التنفّسي بملازمة منازلهم". وتابع: "لا يمكننا مطالبة أهالي العاصمة بإخلاء منازلهم، فهذا قرار حكومي، حيث يجب عندها إبلاغهم أين سيذهبون، لكن أين سنذهب بـ 800 ألف نسمة؟!".
وأكّد حمزة أنّ "الدخان الكثيف الذي غطّى سماء بيروت، ناتج عن مواد شديدة التلوّث بغض النظر عن نوعها ومصدرها. إنّها جرائم تلحق بالبلد ونحن ضحاياها".
ونجم الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، في 4 أغسطس/ آب الماضي، عن انفجار كمية كبيرة من "نترات الأمونيوم" كانت مخزنة في العنبر رقم 12 في المرفأ، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 190 شخصاً، وجرح زهاء 6 آلاف شخص، فضلاً عن أضرار مادية فادحة.