لا تهدأ حركة المزارع التونسي محمد العوادني الذي يسارع عقارب الساعة حتى يستغل الفترة المناسبة لغرس أشجار الزيتون في حقله الذي يحتوي حاليا على أكثر من 1200 زيتونة.
في فترة الليالي البيض حسب التقويم الشعبي التونسي الذي يتزامن مع بداية يناير/كانون الثاني تكون نسبة الإنبات الأفضل مقارنة ببقية أشهر فصل الشتاء.
لا يعلم العوادني الذي أشرف على نهاية عقده السادس (58 سنة) إذا كان القدر سيمهله ليجني ثمار شجيرات الزيتون التي غرسها أم لا؟ لكنه يدرك جيدا أن تجديد حقله هو استثمار مربح ستعيش من ريعه أجيال من أبنائه وأحفاده كما جنى هو ريع الأشجار التي ورثها عن جده ووالده.
قال المزارع التونسي لـ"العربي الجديد" إن "الزيتون من أكثر الاستثمارات الزراعية مردودية واصفاً إياه باستثمار الأجيال".
وأضاف العوادني أن "أشجار الزيتون مجدية ماليا في جميع مراحلها، لافتا إلى أن الأشجار التي تشيخ وتقتلع يتم تحويلها إلى فحم ذي جودة عالية".
ويعتبر المزارع أن تجديد غابات الزيتون ورفع نسبة مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد المحلي مسؤولية مشتركة بين المزارعين والحكومة، داعياً إلى توفير حوافز جديدة للمزارعين لتشجيعهم على توسعة المساحات المخصصة لهذه الشجرة المباركة، وفق قوله.
والزيتون الذي يصفه خبراء زراعة دوليون بـ"الذهب الأخضر" نظراً لجودته، يحظى بمكانة خاصة في العادات الغذائية التونسية حيث لا تخلو الموائد التونسية من هذه الثمرة على مدار السنة، فيما تختص كل جهة بنوعية معينة على غرار "الشتوي" في الشمال و"الشملالي" في الوسط والساحل و"الزلماطي" في الجنوب.
وتلعب زراعة الزيتون دورا أساسيا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، حيث يمثل الزيتون 15 % من إجمالي الإنتاج الفلاحي في حين يمثل زيت الزيتون 50 % من الصادرات الفلاحية و5.5 % من الصادرات.
كما يمثل القطاع مصدر رزق مباشر أو غير مباشر لأكثر من مليون شخص إضافة إلى كونه يوفر 34 مليون يوم عمل في السنة الواحدة، وهو ما يعادل نسبة 20 % من التشغيل في القطاع الفلاحي.
ونظرا لأهمية الاستثمار في الزيتون لدى مزارعي تونس، تسعى السلطات عبر وزارة الزراعة إلى حث المزارعين على تجديد الغابات الحالية ورفع مردوديتها الاقتصادية بإدخال أصناف جديدة إما يقع توريدها من الخارج أو يتم تحويرها جينيا في المخابر التونسية انطلاقا من المشاتل المحلية.
اقــرأ أيضاً
وتشتغل وزارة الزراعة حاليا على برنامج لتكثيف زراعة الزيتون بولايات الشمال عبر غرس 5 ملايين شجرة خلال الفترة 2016 /2020 بكلفة تتجاوز 39 مليون دينار، أي ما يعادل 17 مليون دولار.
وقال مدير عام الإنتاج الزراعي بوزارة الزراعة توفيق الوسلاتي في تصريحات صحافية سابقة إن "الوزارة أعدت لـ 7 محافظات شمال البلاد ووسطها برنامجاً لتجديد غابات الزيتون ودعم كثافتها"، مؤكداً على أن اختيار المناطق تم وفقا لدراسات علمية حول المردودية ونوعية الزيتون أو الزيوت التي تنتجها هذه المناطق.
ومن المنتظر أن تمتد الزراعات الجديدة وفق تصريح المسؤول بوزارة الزراعة لـ"العربي الجديد "على 50 ألف هكتار.
وتونس هي البلد الأكثر شهرة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط في مجال زراعة الزيتون، حيث تخصص أكثر من 30 % من أراضيها الزراعية لزراعته.
وقال الخبير في الدراسات الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان اللاحقة، لـ"العربي الجديد"، إن "زراعة الزيتون ساهمت بشكل كبير في تنمية ودعم الاقتصاد بشكل ملموس لكونها تبقى الزراعة الوحيدة المنتشرة بالمناطق الأكثر فقراً". وأضاف اللاحقة أن "الاستثمار في الزيتون يحد من الهجرة الداخلية والنزوح من الأرياف نحو المدن الصناعية نظرا لأيام العمل التي يوفرها العمل في حقول الزيتون خاصة في محافظات الشمال والوسط التي تنعدم فيها آفاق التنمية".
ويصف خبراء زراعة دوليون الزيتون التونسي بـ"الذهب الأخضر" لخلوّه من الملوثات العضوية، ذلك أن حوالي 85% من زيت الزيتون في تونس يتم إنتاجه بطرق تقليدية ودون استخدام أسمدة كيماوية أو مبيدات حشرية.
وتعمل وزارة الزراعة بالشراكة مع منظمات أوروبية على تقديم الدعم التقني لمزارعي الزيتون من أجل ضمان أكبر قدر من الفعالية أثناء جني المنتج ورفع مستوى جودته.
ولا يحجب إقبال مزارعي تونس على الاستثمار في الزيتون المصاعب التي باتت تعترضهم بفعل التغيرات المناخية وشح المياه في أغلب المحافظات، وهو ما يحد من مردوديته من سنة إلى أخرى وسط مخاوف من أن تفقد تونس موقعها المتقدم في السوق العالمية للزيت في حال تواصل شح الأمطار.
وقال أمين عام الجمعية الوطنية لمنتجي الزيتون، محمد النصراوي، لـ"العربي الجديد" إن "الزيتون له شأن كبير في الثقافة الزراعية التونسية، لكن التغيرات المناخية فرضت تغيرات كبيرة"، معتبرا أن استثمار المزارعين في هذا المجال قد يتقلص من عام الى آخر في حال تواصل مواسم الجفاف.
وأضاف النصراوي أن "الزيتون التونسي يعوّل بنسبة 80 % على تساقطات الأمطار نظرا لمحدودية المساحات المروية" ملاحظاً أن هذا الإشكال جوهري وعميق ولا يمكن تجاوزه نظرا لانحسار المساحات المروية في البلاد.
وعلى الصعيد العالمي، تحتل تونس المرتبة الرابعة من حيث عدد أشجار الزيتون والمرتبة الثانية فيما يخص المساحات.
ويتراوح معدّل الكثافة ما بين 100 و150 شجرة في الهكتار الواحد في المناطق المزروعة عبر الري و40 شجرة في الهكتار بالمناطق الممطرة.
اقــرأ أيضاً
لا يعلم العوادني الذي أشرف على نهاية عقده السادس (58 سنة) إذا كان القدر سيمهله ليجني ثمار شجيرات الزيتون التي غرسها أم لا؟ لكنه يدرك جيدا أن تجديد حقله هو استثمار مربح ستعيش من ريعه أجيال من أبنائه وأحفاده كما جنى هو ريع الأشجار التي ورثها عن جده ووالده.
قال المزارع التونسي لـ"العربي الجديد" إن "الزيتون من أكثر الاستثمارات الزراعية مردودية واصفاً إياه باستثمار الأجيال".
وأضاف العوادني أن "أشجار الزيتون مجدية ماليا في جميع مراحلها، لافتا إلى أن الأشجار التي تشيخ وتقتلع يتم تحويلها إلى فحم ذي جودة عالية".
ويعتبر المزارع أن تجديد غابات الزيتون ورفع نسبة مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد المحلي مسؤولية مشتركة بين المزارعين والحكومة، داعياً إلى توفير حوافز جديدة للمزارعين لتشجيعهم على توسعة المساحات المخصصة لهذه الشجرة المباركة، وفق قوله.
والزيتون الذي يصفه خبراء زراعة دوليون بـ"الذهب الأخضر" نظراً لجودته، يحظى بمكانة خاصة في العادات الغذائية التونسية حيث لا تخلو الموائد التونسية من هذه الثمرة على مدار السنة، فيما تختص كل جهة بنوعية معينة على غرار "الشتوي" في الشمال و"الشملالي" في الوسط والساحل و"الزلماطي" في الجنوب.
وتلعب زراعة الزيتون دورا أساسيا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، حيث يمثل الزيتون 15 % من إجمالي الإنتاج الفلاحي في حين يمثل زيت الزيتون 50 % من الصادرات الفلاحية و5.5 % من الصادرات.
كما يمثل القطاع مصدر رزق مباشر أو غير مباشر لأكثر من مليون شخص إضافة إلى كونه يوفر 34 مليون يوم عمل في السنة الواحدة، وهو ما يعادل نسبة 20 % من التشغيل في القطاع الفلاحي.
ونظرا لأهمية الاستثمار في الزيتون لدى مزارعي تونس، تسعى السلطات عبر وزارة الزراعة إلى حث المزارعين على تجديد الغابات الحالية ورفع مردوديتها الاقتصادية بإدخال أصناف جديدة إما يقع توريدها من الخارج أو يتم تحويرها جينيا في المخابر التونسية انطلاقا من المشاتل المحلية.
وتشتغل وزارة الزراعة حاليا على برنامج لتكثيف زراعة الزيتون بولايات الشمال عبر غرس 5 ملايين شجرة خلال الفترة 2016 /2020 بكلفة تتجاوز 39 مليون دينار، أي ما يعادل 17 مليون دولار.
وقال مدير عام الإنتاج الزراعي بوزارة الزراعة توفيق الوسلاتي في تصريحات صحافية سابقة إن "الوزارة أعدت لـ 7 محافظات شمال البلاد ووسطها برنامجاً لتجديد غابات الزيتون ودعم كثافتها"، مؤكداً على أن اختيار المناطق تم وفقا لدراسات علمية حول المردودية ونوعية الزيتون أو الزيوت التي تنتجها هذه المناطق.
ومن المنتظر أن تمتد الزراعات الجديدة وفق تصريح المسؤول بوزارة الزراعة لـ"العربي الجديد "على 50 ألف هكتار.
وتونس هي البلد الأكثر شهرة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط في مجال زراعة الزيتون، حيث تخصص أكثر من 30 % من أراضيها الزراعية لزراعته.
وقال الخبير في الدراسات الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان اللاحقة، لـ"العربي الجديد"، إن "زراعة الزيتون ساهمت بشكل كبير في تنمية ودعم الاقتصاد بشكل ملموس لكونها تبقى الزراعة الوحيدة المنتشرة بالمناطق الأكثر فقراً". وأضاف اللاحقة أن "الاستثمار في الزيتون يحد من الهجرة الداخلية والنزوح من الأرياف نحو المدن الصناعية نظرا لأيام العمل التي يوفرها العمل في حقول الزيتون خاصة في محافظات الشمال والوسط التي تنعدم فيها آفاق التنمية".
ويصف خبراء زراعة دوليون الزيتون التونسي بـ"الذهب الأخضر" لخلوّه من الملوثات العضوية، ذلك أن حوالي 85% من زيت الزيتون في تونس يتم إنتاجه بطرق تقليدية ودون استخدام أسمدة كيماوية أو مبيدات حشرية.
وتعمل وزارة الزراعة بالشراكة مع منظمات أوروبية على تقديم الدعم التقني لمزارعي الزيتون من أجل ضمان أكبر قدر من الفعالية أثناء جني المنتج ورفع مستوى جودته.
ولا يحجب إقبال مزارعي تونس على الاستثمار في الزيتون المصاعب التي باتت تعترضهم بفعل التغيرات المناخية وشح المياه في أغلب المحافظات، وهو ما يحد من مردوديته من سنة إلى أخرى وسط مخاوف من أن تفقد تونس موقعها المتقدم في السوق العالمية للزيت في حال تواصل شح الأمطار.
وقال أمين عام الجمعية الوطنية لمنتجي الزيتون، محمد النصراوي، لـ"العربي الجديد" إن "الزيتون له شأن كبير في الثقافة الزراعية التونسية، لكن التغيرات المناخية فرضت تغيرات كبيرة"، معتبرا أن استثمار المزارعين في هذا المجال قد يتقلص من عام الى آخر في حال تواصل مواسم الجفاف.
وأضاف النصراوي أن "الزيتون التونسي يعوّل بنسبة 80 % على تساقطات الأمطار نظرا لمحدودية المساحات المروية" ملاحظاً أن هذا الإشكال جوهري وعميق ولا يمكن تجاوزه نظرا لانحسار المساحات المروية في البلاد.
وعلى الصعيد العالمي، تحتل تونس المرتبة الرابعة من حيث عدد أشجار الزيتون والمرتبة الثانية فيما يخص المساحات.
ويتراوح معدّل الكثافة ما بين 100 و150 شجرة في الهكتار الواحد في المناطق المزروعة عبر الري و40 شجرة في الهكتار بالمناطق الممطرة.