بين التشابه والسرقة: أغنيات تنجح وحقوق تضيع

20 ابريل 2019
نجوى كرم اتهمت بالسرقة في أغنيتها الجديدة (المكتب الاعلامي)
+ الخط -
أن تعود الفنانة اللبنانية نجوى كرم إلى صدارة الترتيب على منصّة يوتيوب، فهو أمرٌ مثيرٌ للجدل، وخصوصاً في ظل احتلال هذه المساحة من قبل فنانين شباب، وظواهر فنية تقتحم عالم المنصات الرقمية، وتصل للمراتب الأولى في خلال ساعات. ولكن النجاح المثير لأغنية "ملعون أبو العشق"، ترافق مع جدل حول سرقة حقوق ملكية الأغنية، إثر خلاف استمرَّ لسنوات على اسم هوية المغني.

حقوق الملكية موضوع مثير للجدل في العالم العربي، إذْ كانت لسنوات وما زالت، سبباً رئيسياً لدخول المحاكم والتراشق بين الفنانين، وخاصة حين يستولي نجم كبير على أغنية لفنان شاب لا حول له ولا قوة في ساحة النجم الأقوى، ما يعني الاستسلام أمام الوضع الراهن. فما زال في ذاكرة الجمهور الصراع المحتدم على أغنية "ماندم عليك"، للفنانتين السورية هويدا يوسف واللبنانية نوال الزغبي، ورغم مرور أكثر من عشرين عاماً على الأغنية، ما زالت كلتاهما ترفضان الاعتراف بحقيقة من حازت الأغنية أولاً.

كما لم تغب قصة "سمرا وأنا الحاصودي" عن الأذهان، بعدما قرر الفنان اللبناني محمد اسكندر غناءها وإصدارها بعد أشهر قليلة على غنائها من قبل الفنان السوري علي الديك. كما سعت الفنانة المصرية شيرين، لغناء أغنية "آه يا دنيا" بعدما كانت قد انتشرت بصوت الفنانة الشعبية بوسي.

كثيرة هي الأمثلة على حالات أدى فيها عدة فنانين نفس الأغنية. إلا أن قصة "ملعون أبو العشق" تدخل فيها مجموعة من الأسماء، بينها الملحن علي حسون وكاتب الكلمات عامر لاوند والموزع صبحي محمد والفنان أيمن زبيب، لتترفع الفنانة نجوى كرم عن الردّ المباشر حول حقيقة ملكية الأغنية. ولتقوم شبكة "روتانا" بحذف الأغنية بصوت فنان سوري مقيم في الأرجنتين، اسمه وسيم عزام، كان قد نشر الأغنية قبل شهرين على يوتيوب مسجلةً في استديو صبحي محمد، وبتوزيع مختلف.



أما الكليب، فجاء مقتبساً من أغنية للفنانة جنيفير لوبيز، تدور فكرتها حول مفاجأة النجم للجمهور بالشارع والمواقف الطريفة التي تحدث حين يراه المارّة. إذْ استفاق المارّة في شارع الحمرا على نجوى كرم تغني بجوار مقهى ROSSA وخلفها مجموعة من الشباب يدبكون على الطريقة اللبنانية، وسط عشرات الهواتف المحمولة ومع تفاعل كبير من العابرين.

بلغ الفيديو كليب المليون مشاهدة في أقل من أربع وعشرين ساعة: ولكن المقارنة مع فيديو لوبيز، أعادت الحديث حول سرقة فكرة الفيديو كليب. إذْ اصطفَّ جزءٌ من المشاهدين مع المخرج وليد ناصيف، مدافعين عن فكرة المفاجأة، وهي قالب عالمي لا حقوق ملكية عليه. جزء آخر هاجم ناصيف في اقتباس أفكار ومشاهد كثيرة من كليب جنيفير لوبيز الأصلي، وخاصة أنه لم يبنِ لنفسه رؤية إخراجية للعمل، فلم تأتِ تجربته في الدراما غنية بالأفكار حالها حال الفيديو كليبات.


حالة ثانية صادفت الوسط الفني خلال الأسبوع الفائت، هي أغنية الفنانة السورية أصالة "بنت أكابر". وقد رصدت أصالة للأغنية حملة تسويقية عالية منذ بداية تحضيراتها، وتحدثت في مقابلاتها الإعلامية عن تعلقها بهذه الأغنية، لكونها تدخل أصالة بيئة الصعيد المصرية. وتتشابه في إيقاعها مع أغنية "منازل" التي سبق أن قدمتها قبل سنوات. كما انتشر في الصفحات الإعلامية تشابه لحن الأغنية الذي ألّفه المصري محمود خيامي، مع أغنية "يللي بتحب النعنع" للفنان الأردني طوني قطان. طوني الذي يعتمد في أغنياته على عبارات سهلة، وألحان مستوحاة من إيقاعات الشارع، كان قد أصدر الأغنية قبل عامين وحققت ما يقارب 70 مليون مشاهدة على اليوتيوب. لتعود أصالة بعد عامين وتقدّم "بنت أكابر" في كليب يحمل أجواءً احتفالية وألواناً مبهرة. فهل تعمّد خيامي السرقة؟

الفنان الأردني طوني قطّان، بدوره لم يفتح نيرانه على أصالة، بل افتخر بمسيرتها الفنية، وأنّ احتمالية التشابه في المقطع الأول ممكنة رغم استبعاده لذلك. ولعله فضّل في ذلك تجنيب أغنيته الحذف من اليوتيوب، أو الوقوع في مهاترات إعلامية، تظهرهُ باحثاً عن الشهرة من خلال هذا الباب.

بالمقابل، تُعدُّ أصالة واحدة من الفنانات القليلات في العالم العربي، التي دعمت الفنانين الشباب والفرق الموسيقية المستقلة. بدايةً بالديو الشهير مع الفنان التونسي صابر الرباعي، في أولى سنوات احترافه، ثم أغنيات ثنائية مع رامي صبري وفرقة "وسط البلد" وفرقة "ببساطة". ومؤخراً في دعمها للفنان الخليجي الشاب مطرف المطرف.



أما الحقوق الرقمية للأغنية فما زالت خاضعة لقوانين الدول العربية، التي لم تطوّر من قوانينها لتناسب معطيات العصر في النشر الإلكتروني. فهجوم أيّ فنان على آخر، أو غناؤه لإحدى أغنياته دون إذن، قد يكلّفه حذف صفحته على يوتيوب، كما حدث مع الفنان السوري عبود برمدا، بعدما أعاد غناء "القصيدة الدمشقية" ضمن مشروع لدعم الأطفال في سورية، يحمل اسم "الطفولة حياة". فبعدما نشر عبود الأغنية على قناته الخاصة حُذفت القناة الرسمية، لكون قناة المشروع الرسمية هي المصرّح لها رسمياً من قبل الفنانة أصالة لنشر الأغنية فقط.

وبين باحث عن فرصة للظهور، قد يضحّي ملحن أو موزّع بشركائه السابقين للوصول لنجوم الصف الأول، فتضيع الحقوق بين أغنية وأخرى ويكسب الجمهور أغنية ناجحة يعرفها بصوت فنان مشهور. وقليلون من سيتذكرون أن هناك من غناها قبله، أو أنّها كانت في الأصل لفنان آخر.



المساهمون