وأسفرت الانتخابات الفرعية، التي جرت في دائرة بريكون ورادونورشير في ويلز عن ضربة قوية لحزب المحافظين، الذين أملوا أن يعطي انتخاب جونسون لزعامة الحزب دفعة قوية للناخبين البريطانيين.
إلا أن تحالفاً بين الأحزاب المعارضة لـ"بريكست" في تلك الدائرة الانتخابية، أدى إلى دعم حزب "ويلز" وحزب "الخضر" لمرشحة "الديمقراطيين الليبراليين" جين دودز، وهو ما منحها نحو 14 ألف صوت، وبنسبة 44 في المائة من الأصوات.
أما حزب "بريكست" الذي يتزعمه نايجل فاراج، فكان يأمل أن يحصل على أول مقعد له في البرلمان البريطاني، بناءً على أدائه القوي في انتخابات البرلمان الأوروبي. إلا أنّ مرشح حزب فاراج اكتفى بنحو 11 في المائة من الأصوات.
بينما كانت الضربة القاصمة لحزب "العمال" الذي حلّ رابعاً وبدعم 5 في المائة من الناخبين، ولتطرح المزيد من التساؤلات عن أداء الحزب في عهدة جيريمي كوربن.
وأتى حزب "المحافظين" في المركز الثاني بدعم 39 في المائة من الأصوات، وذلك بعد أن مثّل الدائرة الانتخابية في البرلمان البريطاني منذ عام 2015.
وكانت الانتخابات الفرعية نتيجة لإقالة ممثل الدائرة عن حزب "المحافظين" كريس ديفيس، الذي أدين بتزوير فواتير نفقاته التي تبلغ 700 جنيه استرليني لصور في مكتبه. وبعد استقالته من منصبه، حكم عليه بغرامة قدرها 1500 جنيه ودفع 2500 جنيه نفقات قانونية، إضافة إلى 50 ساعة من الخدمات العامة.
وعلى الرغم من الفضيحة التي دارت حول ديفيس، إلا أن حزب "المحافظين" اختار خوض الانتخابات مجدداً بالمرشح ذاته، الذي يعكس قلة الخيارات المتاحة أمام الحزب في اختيار مرشحيه.
ولكن النتائج الأهم من هذه الانتخابات تتجلى في توازن "بريكست" في برلمان ويستمنستر. فحكومة جونسون تحظى حالياً بأغلبية صوت واحد فقط، وتشمل 311 نائباً محافظاً و10 نواب من الحزب "الاتحادي الديمقراطي".
وسيؤدي أيّ خلاف داخل صفوف المحافظين إلى خسارة الحكومة لدعم البرلمان، وهو ما يعقّد من قدرتها على تمرير التشريعات الضرورية لعملها، وخاصة في ما يتعلق بالمعضلة الأساسية ألا وهي "بريكست".
ويعزز الموقف الحالي من احتمال الدعوة لانتخابات عامة في المستقبل القريب. ويبدو أن الأحزاب المعارضة لـ"بريكست" قد بدأت التحضير لمثل هذا السيناريو، من خلال الاستراتيجية التي اتبعتها في هذه الجولة من الانتخابات.
وتعمل هذه الأحزاب على عدم التنافس في ما بينها ودعم مرشح وحيد في الدائرة الانتخابية، وبذلك تمنع تشتيت الأصوات المعارضة لـ"بريكست" في تلك الدائرة. وتمكنت زعيمة "الديمقراطيين الأحرار" جو سوينسون، من إقناع حزب "ويلز" وحزب "الخضر" بدعم مرشحة حزبها لكونها الأوفر حظاً في تلك الدائرة.
وقالت دودز في كلمة نصرها "بدعمكم للرؤية الليبرالية، ترسلون رسالة قوية إلى ويستمنستر: نريد أفضل من الوضع الحالي. الناس تريد بإلحاح نوعاً مختلفاً من السياسة. لا وقت لدينا للتحزبات العمياء عندما يواجه بلدنا حكومة بوريس جونسون وخطر بريكست من دون اتفاق".
وأضافت: "ستكون خطوتي الأولى عندما أصل إلى ويستمنستر أن أعثر على بوريس جونسون، أينما كان مختبئاً، وأقول له بصوت عال وواضح: "توقف عن اللعب بمستقبل مجتمعاتنا وتخلَّ عن بريكست من دون اتفاق".
من جهتها، قالت زعيمة الحزب سوينسون، صباح اليوم الجمعة، لـ"بي بي سي"، إنها "كانت على تواصل مع قادة حزب ويلز وحزب الخضر للتأكيد على التحالف المعادي لبريكست في أيّ انتخابات مستقبلية".
ويقدّم "الديمقراطيون الليبراليون"، الذين صعد تمثيلهم في البرلمان البريطاني إلى 13 نائباً، أنفسهم بديلاً وسطياً لداعمي البقاء في الاتحاد الأوروبي من أنصار "العمال" و"المحافظين".
وكانت سوينسون قد تقدمت بهذه الرسالة للناخبين في الدائرة الويلزية، بتأكيدها أن نتيجة الانتخابات تؤكد أن هناك أفضل من جونسون وكوربن لبريطانيا.
وقالت: "إن تقلص أغلبية بوريس جونسون يؤكد أنه لا يمتلك أي تفويض لإخراجنا من الاتحاد الأوروبي (من دون اتفاق). كزعيمة للديمقراطيين الليبراليين، سأقوم بكل ما أستطيع لوقف بريكست وتقديم رؤية إيجابية بديلة لمستقبل أثرى وآمن وأكثر بيئية".
وشهدت الانتخابات حضور نحو 60 في المائة من الناخبين، وهي دون نسبة 75 في المائة في انتخابات عام 2017. ولكنها تعدّ أيضاً من أعلى نسب المشاركة في انتخابات فرعية منذ عام 1997.