برلمان تونس يتجاهل الزراعة... ومخاوف من نقص الأسمدة

16 نوفمبر 2018
المزراعون يواجهون التهميش والعديد من العقبات (فرانس برس)
+ الخط -

يبحث المزارعون التونسيون عن سند برلماني للدفاع عن مطالبهم في إطار مشروع الموازنة الجديدة بعد فشل منظماتهم المهنية في إقناع الحكومة بمنحهم حوافز جبائية وطرح جزء من دينهم لدى البنك الفلاحي (حكومي)، بعدما كبّدتهم سنوات الجفاف خسائر كبيرة.

ويشكو المزارعون من ضعف تمثيلهم في البرلمان وتراجع الأصوات المدافعة عن مصالحهم مقابل نجاح قطاعات اقتصادية أخرى في خلق تكتلات داخل البرلمان وفي دوائر الحكومة المتبنية لقضاياهم.

وحسب مهنيين في القطاع الزراعي، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، ينعكس ضعف تمثيل القطاع، الذي يشمل نصف مليون مزارع، في البرلمان على عدم تلبية أية مطالب لهم من قانون المالية لعام 2019 (الموازنة) الذي يرد سنويا خاليا من أي امتياز لصالحهم، مقابل نجاح قطاعات أخرى، ومنها السياحي الممثل بكثافة في مجلس نواب الشعب، في الحصول على طرح ضريبي وامتيازات مالية مهمة، وفق قولهم.

النائب البرلماني عن حزب الفلاحين فيصل التبيني (النائب الوحيد الممثل للمزارعين في البرلمان)، قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن وضع القطاع الزراعي سيظل على ما هو عليه وسط تسارع في تهاوي منظومات الإنتاج بسبب غياب تكتل برلماني يدافع عن مصالح المزارعين.

وأكد التبيني أن كل القطاعات الاقتصادية لها تكتلات نيابية من الأحزاب تدافع عن مصالحها وتفرض على الحكومة دعمها في قوانين المالية إلا قطاع الفلاحة، فهو يوظف لخدمة القطاعات الأخرى دون تحصيل أي مكتسبات، وفق قوله.

وأضاف النائب البرلماني أن خدمة مصالح القطاع الزراعي والمزارعين يجب أن تمر عبر تمثيل نيابي محترم في البرلمان قادرة على طرح مشاريع قوانين تحمي مصالحهم وتحفظ حصتهم من الامتيازات البنكية والضريبية التي تتمتع بها بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، وهو ما لم يتحقق في برلمان تونس، بحسب تأكيده.

وأفاد بأن حزمة القوانين الفلاحية التي أقرها مجلس نواب الشعب في دورته الحالية حوّلت وجهتها لتخدم مصالح أطراف أخرى على حساب القطاع الزراعي، مؤكدا استفادة الوسطاء والتجار من كل هذه القوانين، فيما يظل المزارع الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج الغذائي في تونس.

ودعا فيصل التبيني إلى إنصاف القطاع الزراعي وكف المنظمات الفلاحية عن استغلال نصف مليون مزارع كرصيد انتخابي للأحزاب يستفيدون منهم في الانتخابات ويتنكرون لهم بعد ذلك.
وقال إن مواصلة التنكر للقطاع الزراعي سيدفع التونسيين إلى استيراد حاجياتهم في السنوات القادمة من الخارج بعدما فرطت الحكومة في الإنتاج الزراعي.

وينطلق الموسم الزراعي هذا العام وسط مخاوف من تكرر نقص البذور والأسمدة على غرار الموسم الماضي، فضلا عن تأخر البنك الفلاحي في منح القروض الموسمية. ويأتي ذلك رغم أن موسم الزراعات الكبرى (الحبوب والأعلاف) مختلف هذا العام عن المواسم الماضية بتبدد شبح الجفاف الذي ضرب تونس لثلاث سنوات متتالية.

ويقول مسؤولون من اتحاد الفلاحة والصيد البحري (منظمة المزارعين)، إن المؤشرات الحالية تشير إلى بداية متعثرة للموسم في ما يتعلق بارتفاع الكلفة وصولا إلى تأخر المساعدات الحكومية للفلاحين المتضررين من الجفاف في الموسم السابق.

ولا ينكر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري (منظمة المزارعين)، محمد رجايبية، أهمية التساقطات المطرية التي سجلت في كل المحافظات خلال المدة الماضية، مشيرا في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأمطار أعادت الأمل ومنعت شبح الجفاف، "ولكن جرعة الماء وحدها لا تكفي".

وأضاف رجايبية أن المزارعين عانوا في المواسم الماضية من نقص كبير في المياه، ما كبدهم خسائر فادحة، فضلا عن قرار وزارة الزراعة بتقليص المساحات المروية، غير أن كميات الأمطار المسجلة وارتفاع مخزونات الماء في السدود غير كافية بالنسبة إليه لتأمين موسم زراعي جديد يرمم خسائر سنوات عجاف.

وقال رجايبية إن مشروع قانون المالية جاء مخيبا لآمال المزارعين، لأن الحكومة ومثل كل السنوات الماضية لم تدرج أي إجراءات لفائدتهم ولم تتخذ أي قرار بشأن جدولة أو طرح ديون المزارعين، معتبرا أن نحو نصف مليون مزارع لا يمثلون شيئا في الثقل الاقتصادي بالنسبة للحكومة، وفق قوله.

وتنتقد منظمة المزارعين وبقية الهياكل المهنية خلوّ مشروع قانون الموازنة من أي إجراء لفائدة المزارعين مقابل مواصلة دعم قطاعات أخرى، على غرار السياحة.

وخلال الموسم الزراعي 2015/ 2016 قدرت خسائر القطاع الزراعي بنحو 910 ملايين دينار بسبب الجفاف الذي أدى إلى تلف محاصيل ثلث المساحات المزروعة.
المساهمون