وبدأت مظاهرات الجمعة الـ 24 من الحراك الشعبي بتوتر حذر بين المتظاهرين والشرطة التي أقامت حواجز بشرية لمنع مرور المتظاهرين إلى محيط ساحة البريد المركزي، ما أدى إلى مناوشات بين الطرفين، دفعت الشرطة إلى اعتقال عدد من المتظاهرين واقتيادهم إلى شاحنات الأمن. وسيطرت قوات الشرطة على شوارع وسط العاصمة، ومنعت المتظاهرين من تنظيم المسيرات فيها.
وتجمع المتظاهرون مبكرا في شارع ديدوش مراد وساحة أودان، لكن الشرطة منعتهم من التجمع في ساحة صغيرة قرب البريد المركزي، فيما بدى أنها استراتيجية تدريجية تنتهجها الشرطة والسلطة في العاصمة للقضم تدريجي لمساحات التظاهر في العاصمة، تمهيدا لحصر في أضيق نطاق ممكن.
وقال الناشط في الحراك الشعبي، سفيان هداجي، لـ "العربي الجديد" إن الممارسات التي تقوم بها الشرطة والسلطة تستهدف تخويف المتظاهرين وإنهاك الحراك وإنهاءه، مشيرا إلى أن "هذا يثبت أن كل التعهدات التي التزمت بها السلطة لم تف بها، ويثبت مرة أخرى أن السلطة لا تملك سوى نية واحدة هي نية السيطرة والهيمنة وفرض خياراتها السياسية على الجزائريين". وأوضح أن "الشرطة تبدو كما لو أنها تشجعت بعد الخطاب الأخير لقائد الجيش (أحمد قايد صالح) الذي رفض تدابير التهدئة، والسلطة تعتقد أن تناقص عدد المتظاهرين لسبب أو لآخر يعد الوقت المناسب لإنهاء الحراك وفرض خطتها السياسية للحل".
ورفع المتظاهرون شعارات مناوئة للسلطة والجيش، وأعلنوا رفض إقامة أي حوار سياسي مع ما يصفونه بـ"رموز العصابة" وبقايا نظام بوتفليقة، كما رفعت شعارات تطالب بـ "دولة مدنية وليس عسكرية"و "لا لاستمرارية النظام".
وتجمع العشرات من الشباب المناضل في حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" أمام وداخل مقر الحزب في أول شارع ديدوش مراد وسط العاصمة لتحضير اللافتات والشعارات التي سترفع في المظاهرات اليوم، بعضهم جاء من المدن القريبة من العاصمة للمشاركة في المظاهرات.
وبث الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي نداءات إلى الجزائريين للخروج بقوة عقب الفراغ من صلاة الجمعة، خاصة في العاصمة، لمنع السلطة من إنهاء الحراك وإعادة التعبئة الشعبية لتحقيق المطالب السياسية العالقة.
وتزامنت مظاهرات اليوم مع جملة من التطورات السياسية في علاقة برفض قائد الجيش تخفيف التدابير الأمنية على العاصمة ورفع التضييق على المتظاهرين والإفراج عن نشطاء الحراك الشعبي، برغم تهديد هيئة الحوار الوطني بتعليق عملها والاستقالة من مهامها في حال عدم تنفيذ السلطات للتدابير المطلوبة المتعلقة بإنهاء الغلق الأمني على العاصمة يوم الجمعة والتضييق على المظاهرات والإفراج عن الحراكيين الموقوفين.
وكانت هيئة الحوار قد تراجعت عن استقالتها أمس الخميس، برغم تقلص عدد أعضائها إلى أربعة، بعد استقالة اثنين من أعضائها، بسبب رفض السلطة تنفيذ إجراءات التهدئة.