تظاهر مئات من أساتذة الجامعات وموظفي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقيين، معلنين العصيان والإضراب عن الدوام الرسمي لحين تراجع الحكومة عن قرارها الجديد الذي يخفض رواتب هذه الفئة إلى النصف، كما أغلق بعض المتظاهرين بوابتي جامعة بغداد وجامعة النهرين ومنعوا الموظفين والأساتذة من الدخول لمباشرة الدوام.
ورفع المحتجون شعارات منددة بسياسات الحكومة التي وصفوها بـ"المتعسفة والمجحفة" بحق النخبة العلمية، وبين الشعارات التي حملوها، نقد مباشر لرئيس الوزراء، حيدر العبادي، الذي أصدر سلم الرواتب الجديد، وأكد على المضي في تنفيذه.
وانتقد أستاذ إدارة الأعمال في جامعة النهرين، سعيد الحميري، القرار الجديد غير المنصف الذي ألحق الضرر بفئة كبيرة من الموظفين وخفض رواتبهم الشهرية إلى مستوى هزيل يتراوح بين (300 و800 دولار)، بعد أن كان أقل راتب يتقاضاه موظف التعليم العالي 800 دولار، وقد يصل إلى أكثر من 3000 دولار بالنسبة للأستاذ الجامعي الحاصل على درجة بروفيسور.
وبين الحميري لـ"العربي الجديد" أن السلم المالي الجديد سيتسبب بمشاكل اقتصادية كبيرة للموظفين، كون أغلبهم من ذوي الدخل المحدود الذين يسكنون بالإيجار أو استلموا قروضاً من الدولة لشراء أراضٍ سكنية أو منازل أو سيارات، أو اشتركوا في سلف شهرية.
وأوضح أن هذه الالتزامات توجب عليهم دفع ما بين 300 إلى 500 دولار شهرياً، داعياً لجان المالية والقانونية والتعليم في البرلمان العراقي إلى النظر بجدية إلى القرار الجديد وإعاقة التصويت عليه في البرلمان.
من جهته، قال المدرس في كلية التربية الرياضية بجامعة بغداد، حيدر سالم، إن تخفيض الرواتب إلى هذا المستوى سيزيد من نسبة هجرة الكفاءات العلمية إلى الخارج، ويثبت زيف دعوات الحكومة العراقية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي للكفاءات والعقول العراقية بالعودة إلى البلاد، متحدياً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، الحكومة العراقية أن تنفذ اجراءاتها بحق نواب رئيس الجمهورية الذين طاولتهم الاصلاحات في وقت سابق، وتطردهم من المنطقة الخضراء.
وحذرت الموظفة في رئاسة جامعة بغداد، ريام حسين، من وجود محاولات لسحق الطبقة الوسطى في العراق، من أجل إجبار هذه الفئة المستقلة على الانخراط في أحزاب سياسية متنفذة تدعمها بالحصول على امتيازات مالية جديدة، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أن القرار الجديد الذي استهدف طبقة الأساتذة الجامعيين والموظفين البسطاء، يشير بشكل واضح إلى عجز الحكومة عن تطبيق اجراءاتها بحق كبار المسؤولين، فلجأت إلى الترويج للسلم الجديد وتطبيقه على أضعف حلقات المجتمع.
وفي سياق متصل، رفضت لجنة النزاهة البرلمانية قرار الحكومة بتطبيق سلم الرواتب الجديد، وأكد عضو اللجنة، حيدر الفوادي، في بيان أن "التعديل مس شرائح مهمة في المجتمع كأساتذة الجامعات والأطباء وموظفي النزاهة وموظفين آخرين، وقانون الرواتب السابق لا يمكن أن يلغى بقرار سلم الرواتب الجديد، بل يتطلب صدور قانون جديد يصوت عليه البرلمان".
كما وصف عضو البرلمان العراقي، هيثم الجبوري، قرار تخفيض الرواتب بأنه "مجحف وغير مدروس"، مبيناً أنه يستقطع من الأساتذة وموظفي الدرجات المتقدمة والخدمة الوظيفية الطويلة، مبالغ تصل إلى مليوني دينار عراقي (ما يعادل 1600 دولار)، مشدداً على ضرورة أن لا يكون الراتب عرضة لـ"مزاجية شخص".
ودافع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن سلم الرواتب الجديد الذي خفض رواتب الأساتذة والموظفين بنسبة كبيرة، مؤكداً في بيان، أن "السلم الجديد جاء لتقليل الفوارق بين الدرجات العليا والدنيا من الموظفين"، داعياً أساتذة الجامعات وموظفي الرئاسات الثلاث وبعض الوزارات إلى التحلي بالصبر لأن البلاد تعاني من أزمة مالية وتحتاج إلى الترشيد.
اقرأ أيضاً:العبادي يدافع عن سلم الرواتب الجديد ومحتجون يلوحون بالاعتصام