بازار الانتخابات ينطلق باكراً في إسرائيل

18 نوفمبر 2014
تفاقم الخلافات بين الشركاء في الحكومة (غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد الساحة الحزبية في إسرائيل حراكاً نشطاً في ظل تزايد احتمالات تقريب موعد الانتخابات العامة. ويتوقع مراقبون أن تجري الانتخابات بين شهري أبريل/نيسان ويونيو/حزيران كآخر موعد يمكن للائتلاف الحكومي الحالي، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الصمود فيه على حاله، في ظل تفاقم الخلافات الداخلية بين الشركاء في الحكومة حول قضايا داخلية في الأساس، وفي صلبها قوانين عدة مثل قانون التهويد، والميزانية المقبلة، وقانون إعفاء من يخدم في الجيش الإسرائيلي من ضريبة بقيمة 18 في المائة على أول شقة يشتريها.

وفي ظل هذه المنافسة، يعمد أقطاب الحكومة والائتلاف إلى إبراز خلافات سياسية تميّز كل حزب عن الآخر، ويسعون إلى افتعال صدام بل وحتى أزمة مع رئيس الحكومة لتمييز موقفهم عنه.

ويدخل، في هذا السياق، قرار وزيرة العدل تسيبي ليفني، زعيمة حزب "هتنوعاه"، بإرجاء التصويت على قانون "القومية اليهودية" الذي يكرّس إسرائيل دولة يهودية ويمنح أفضلية للقيم اليهودية على الديمقراطية في حال التناقض بينهما. فليفني التي برّرت بقاءها في الائتلاف الحكومي بالسعي إلى فرض مسار سياسي للتفاوض مع الفلسطينيين، تجد نفسها اليوم لا تحمل شيئاً للناخب الإسرائيلي، وجمهور ناخبيها الذي يتراوح بين الوسط واليمين "المعتدل" إذا جاز التعبير.

وتحاول ليفني في ظل القناعة السائدة باقتراب الانتخابات، الظهور بمظهر الحزب الحامي للقيم الديمقراطية الإسرائيلية، والفكر الليبرالي فيها. وعلى هذا الأساس استغلت تصريحات وزير العلوم الإسرائيلي يعقوب بيري، الذي عمل رئيساً لجهاز "الشاباك" في الماضي، بأن الأوضاع الحالية حساسة وأن المصادقة على القانون من شأنها أن تؤجّج الأوضاع الداخلية في إسرائيل، وخصوصاً لدى فلسطينيي الداخل الذين يُشكّل سنّ القانون تكريساً لمكانة دونية لهم، وتحويلهم إلى "رعايا" لا يحظون بالضرورة بمساواة تامة.

في المقابل، فإن نتنياهو الذي كان أعرب في السابق عن تحفّظه على بعض بنود القانون، أعلن أول من أمس، وفي سياق التنافس على أصوات اليمين أيضاً، دعمه مقترح القانون، مؤكداً في جلسة الحكومة الأسبوعية أنه سيعمل على سنّ القانون المذكور لأنه من المهم إعطاء الزخم اليهودي لدولة إسرائيل باعتبارها البيت القومي "للشعب اليهودي".

وجاء رد وزير الاقتصاد، زعيم "البيت اليهودي"، نفتالي بينت، على خطوة ليفني ليؤكد حجم التنافس الذي يخوضه نتنياهو مع أحزاب اليمين المتطرف على الأصوات لضمان الفوز بأكبر كتلة برلمانية في الانتخابات المقبلة، حتى يكلّفه الرئيس بتشكيل الحكومة الجديدة.

فقد أعلن بينت أن ما قامت به ليفني، باعتبارها رئيسة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، "هو كسر لقواعد اللعبة كلها، وبالتالي لن نتعاون بعد الآن مع حزبي ليفني ويئير لبيد (الذي يترأس حزب "ييش عتيد") في المواضيع الائتلافية المقبلة، فقد كان من المفروض أن يتم إقرار القانون اليوم، وعليه لن أؤيد أي قانون تقدّمه ليفني أو لبيد".

وما ينطبق على التحركات والتوجّه نحو اليمين من قِبل نتنياهو وأقطاب اليمين في حكومته، ينطبق أيضاً على التنافس أو محاولات نتنياهو المثابرة أخيراً لكسر شوكة حزب "ييش عتيد" بقيادة وزير المالية يئير لبيد.

وفي وقت يواصل فيه نتنياهو توجيه الانتقادات للبيد وسياسته المالية، فإن أقطاب الليكود ومعهم حزب بينت، يسعون إلى ضرب وإفشال أهم قانون قدّمه لبيد ويسعى إلى إقراره قبل الانتخابات، وهو قانون إعفاء من يخدم في الجيش من دفع ضريبة "القيمة المضافة" التي تبلغ نسبتها 18 في المائة عند شراء بيت أو شقة سكنية.

ويرفض رئيس الائتلاف الحكومي زئيف إلكين، من حزب "الليكود"، طرح القانون على جدول الكنيست للتصويت عليه، مشترطاً أن يتم بداية تمرير قانون الميزانية العامة للسنة المقبلة، فيما يسعى حزب "البيت اليهودي" هو الآخر إلى عرقلة تمرير قوانين لبيد سعياً لضربه انتخابياً، وبحجة معاقبته على مواقفه السياسية التي يبديها أخيراً، وتعكس نوعاً من التقارب بينه وبين ليفني، ما يوحي باحتمال إقامة تحالف انتخابي بين الاثنين في الانتخابات المقبلة.

وإذا كان هذا غير كافٍ، فإن نائب الوزير في ديوان نتنياهو، أوفير أكونيس، اتهم لبيد بأنه يسعى من وراء ظهر نتنياهو إلى تشكيل ائتلاف بديل للحكومة الحالية، خصوصاً بعد أن بات لبيد رئيس أكبر كتلة في الكنيست، وبالتالي فإنه في حال جمع تأييد 61 عضواً يمكنه إسقاط الحكومة الحالية والفوز بترشيحه لتشكيل الحكومة المقبلة من قِبل رئيس الدولة ومن دون الذهاب إلى انتخابات جديدة.

يبدو أن مسألة تشكيل ائتلاف حكومي بديل، طُرحت كفكرة أيضاً في معسكر نتنياهو، الذي سعى بحسب رؤساء الأحزاب الحريدية، وخلال اتصالات معهم في الأيام الماضية، إلى جس نبضهم بشأن احتمالات وفرص انضمامهم للحكومة في حال إقالة وإخراج حزبي ليفني ولبيد من الائتلاف الحالي.

مع ذلك، أشار زعيم "شاس" أريه درعي، إلى أن كل محاولات تشكيل ائتلاف بديل بقيادة حزب "العمل" أو حتى لبيد، أو تغيير الائتلاف الحالي بإخراج ليفني ولبيد منه، هي محاولات غير واقعية لن يُكتب لها النجاح.

وتعني هذه الحالة القائمة في الائتلاف الحكومي في إسرائيل، سيطرة الاعتبارات الحزبية لكل حزب في الائتلاف، ومحاولة تسجيل نقاط ومكاسب حزبية خلال الأشهر المقبلة إلى حين الإعلان عن موعد الانتخابات، وخصوصاً أن استمرار الانتفاضة الحالية في القدس المحتلة، على الرغم من محاولات إخمادها، سيمنح معارضي نتنياهو سلاحاً للحديث عن فشله الأمني، بينما سيحوّل نتنياهو هذه الأوضاع إلى "دليل" يقدّمه لليمين الإسرائيلي، وخصوصاً أعضاء الليكود، على أنه لم يَحد عن المواقف الثابتة لليمين الإسرائيلي، ولن يتنازل في كل ما يتعلق بمستقبل "القدس الموحّدة"، أو "مكافحة الإرهاب".

المساهمون