انتهاء الإغلاق الحكومي الأميركي بترحيل أزمة الموازنة

24 يناير 2018
استمرّ الإغلاق 3 أيام (برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -

بعد مفاوضات ماراتونية وجلسات شبه متواصلة للكونغرس الأميركي، على مدى 3 أيام تم التوافق مساء الإثنين الماضي، على تسوية مؤقتة لإعادة فتح أبواب الدوائر الحكومية واستئناف العمل فيها. لكنها تسوية مؤقتة رحّلت الأزمة لغاية الثامن من فبراير/شباط المقبل. ووعد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل، بمعالجة مسألة الهجرة في الوقت المناسب، قاصداً بذلك برنامج "داكا" الذي يجيز لمئات آلاف المهاجرين الشباب الذين دخلوا البلاد خلافاً للقانون، عندما كانوا أطفالاً، العمل والدراسة في الولايات المتحدة، وعددهم نحو 800 ألف شخص. وقد أدى الخلاف حولها إلى الإغلاق الحكومي. وقال ماكونيل "ما لم تحلّ هذه المسائل قبل انتهاء مهل إقرار الموازنة في 8 فبراير بما يضمن فتح الحكومة، سأعمل على طرح التشريعات المتعلقة ببرنامج داكا وأمن الحدود وغيرها من القضايا ذات الصلة".

لكن وعد ماكونيل لا يضمن الخروج من الأزمة، رغم تكفّله بتمرير التصويت خلال فترة التأجيل، لكنه لا يقوى على ضمان موافقة مجلس النواب خصوصاً جناحه اليميني المتشدد. وحده تدخل الرئيس دونالد ترامب مع هذا الفريق الذي يلتقي معه على أكثر من خط، قد يحمل النواب على التصويت. لكن ترامب لم يصدر عنه أي تعهّد من هذا النوع، بل هو "لم يفصح عن رأيه من الموضوع ولا نعرف أين يقف" وفقاً للسناتور الجمهوري جاف فلاك. مع العلم أن ترامب كان ينوي تمرير أي مشروع "يوافق عليه الكونغرس بمجلسيه"، لكنه تراجع عقب تدخل المتشددين من معاونيه، مثل ستيف ميللر، الذين يعارضون أي تساهل بحق المقيمين بصورة غير شرعية، بل يعتزمون كما يتردد، تضييق أبواب الهجرة إلى أقصى الحدود. مع العلم أن الخدمات الفدرالية الأساسية كما والأعمال العسكرية مستمرة بالعمل رغم الإغلاق الذي حصل داخل المؤسسات الحكومية.

وبهذا جرى الخروج من الإغلاق تحت ضغط اعتبارين. الاعتبار الأول هو تمرير استحقاق الخطاب الرئاسي السنوي عن حالة الاتحاد أمام الكونغرس في 30 يناير/كانون الثاني الحالي، من دون أن تكون البلاد غارقة بأزمة لا تستقيم مع هذه المناسبة. الاعتبار الثاني هو مراعاة الطرفين لحساباتهما الانتخابية. فالديمقراطي تخوّف من عواقب الإقفال في عام انتخابي واحتمال وصمه بالمعرقل للعمل الحكومي وبالتالي إلحاق الأذى بمصالح قطاعات اجتماعية واسعة. والجمهوري اضطر إلى التعهد ولو الملتبس، بحلحلة العقدة لئلا تطول الأزمة وتظهره بموقف الفاشل في معالجتها برغم سيطرته على البيت الأبيض والكونغرس. ومشروع القانون المؤقت يسمح بتمويل الحكومة الفدرالية حتى 8 فبراير المقبل، ويُصادق أيضاً على برنامج رعاية صحية للأطفال، سيسلك طريقه إلى البيت الأبيض، ويُتوقع أن يوقّعه ترامب.



وقد أيّد 266 عضوا بمجلس النواب قانون الإنفاق المؤقت مقابل 150، بعد ساعات على تخلي الديمقراطيين عن معارضتهم الخطة، إثر تقديم الجمهوريين ضمانات لهم بشأن تصويت متعلق بتشريعات على الهجرة في الأسابيع المقبلة. وقال ترامب في بيان مقتضب قرأته المتحدثة باسمه سارة ساندرز: "أنا مسرور لأن الديمقراطيين قرروا أن يكونوا عقلانيين". وكان ترامب قد هاجم في وقت سابق الديمقراطيين، واتهمهم بـ"إعطاء الأولوية لغير المواطنين على حساب الأميركيين وإغلاق مؤسسات الحكومة خدمة لقاعدتهم اليسارية المتطرفة". ومع انتهاء هذه الأزمة، بات في وسع ترامب المشاركة في نهاية الأسبوع في المنتدى الاقتصادي في دافوس بسويسرا. ومن المرتقب عقده في المنتدى الاقتصادي لقاءات ثنائية، بما في ذلك مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

وكان شلل الحكومة بدأ منتصف ليل السبت ـ الأحد، ما منع مئات آلاف الموظفين من التوجه إلى مراكز عملهم صباح يوم الاثنين. كما كان مئات الآلاف من موظفي المؤسسات الفدرالية الاميركية قد لزموا منازلهم من دون رواتب الاثنين، بسبب عدم توصل الكونغرس الأميركي مساء الأحد ـ الاثنين إلى اتفاق لإنهاء اغلاق مؤسسات الحكومة الاتحادية. وعلى الرغم من اعلان قادة الحزبين الجمهوري والديموقراطي تسجيل تقدّم على خط المفاوضات في نهاية الاسبوع الماضي، إلا أنهم أجّلوا التصويت. وطغت هذه الأزمة التي شهدتها البلاد للمرة الأولى منذ عام 2013، بشكل كبير على الاحتفال السبت بالذكرى السنوية الأولى لتولي ترامب الرئاسة الأميركية.



المساهمون