انتقادات أردنية لضعف إجراءات محاربة الفساد

24 يونيو 2018
احتجاج سابق ضد الفساد (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -


أعاد قرار المدعي العام في الأردن إحالة مسؤولين سابقين في دائرة الضريبة إلى القضاء والحجز على أموالهم، المطالبات للحكومة مجدداً بملاحقة الفاسدين والكشف عن قضايا الفساد الكبرى التي يجري الحديث عنها منذ أكثر من 10 سنوات لكن دون جدوى.

وتصدرت محاربة الفساد ومحاسبة المتورطين بالتطاول على المال العام، أهم مطالب الحراك الشعبي الذي شهده الأردن قبل أقل من شهر احتجاجاً على السياسات الحكومية وقرارات رفع الأسعار والضرائب.

وقالت جمانة غنيمات، وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال في تصريحات مساء الجمعة الماضي، إن إحالة مسؤولين سابقين في دائرة الضريبة إلى القضاء، دليل على التزام الحكومة الحالية بمحاربة الفساد وحرصها على صون المال العام.

وتتعلق القضية بشطب مبالغ بحوالي 10 ملايين دولار عن أحد المستثمرين دون وجه حق، رغم وجود قرارات قضائية بإلزامه بدفع المبلغ للخزينة كعائدات ضريبية مترتبة عليه، كما تم الكشف عن قضايا فساد أخرى في ذات الدائرة.

ويرى مراقبون أن الفساد ومحاربته مازال من الملفات العابرة للحكومات في الأردن، والتي لم تتمكن حتى الآن من الإجابة عن كثير من الأسئلة التي يطرحها الشارع والكشف عن الحقائق التي رافقت العديد من البرامج الاقتصادية، وبخاصة خصخصة مؤسسات وقطاعات استراتيجية، وما حام حولها من شبهات فساد كانت السبب في إغراق البلاد في أزمة اقتصادية يرى خبراء أن الخروج منها ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى سنوات.

وبتتبع لمجريات محاربة الفساد في الأردن على مدى السنوات العشر الماضية، لم يتم الكشف سوى عن قضيتين من العيار الثقيل تورط بهما رئيسان سابقان للمخابرات العامة، هما سميح البطيخي المتهم بقضايا احتيال واستغلال الوظيفة في صفقات تجارية كبرى ومحمد الذهبي باستغلال موقعه أيضا ومنح الجنسية الأردنية لأجانب مقابل مبالغ من المال، إضافة لقضايا فساد مالي أخرى.

وهناك قضايا أخرى متورط فيها وليد الكردي رئيس مجلس إدارة شركة الفوسفات السابق الفار خارج البلاد، الذي صدرت بحقه أحكام بالسجن واسترداد أموال منهوبة تقدّر بأكثر من 700 مليون دولار.

وقال مازن مرجي، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن على الحكومة الحالية أن تبادر بفتح ملفات الفساد الكبرى التي أرهقت الاقتصاد، وعلى وجه الخصوص ملف بيع مؤسسات وشركات الوطن بثمن بخس لمستثمرين بعضهم معروفون وبعضهم وهميون فيما راحت الصفقات لصالح أناس متنفذين ومنهم من أشرف مباشرة على الخصخصة.

وأضاف مرجي: "كان من المستغرب بيع شركات وقطاعات ناجحة تماما وهي تمثل عصب الاقتصاد مثل شركات الاتصالات والفوسفات والبوتاس والإسمنت دون أن يكون هناك عائد مجزٍ للخزينة، فيما حقق المشترون أرباحا طائلة في سنوات قليلة وفقدت الدولة مصادر إيرادات مالية مهمة قام عليها الاقتصاد لعقود طويلة قبل أن يتم بيعها بصفقات يلفها الفساد".

وتابع: "ما يتم التعامل معه من قضايا فساد من الحجم الصغير من حين لآخر، مجرد مناوشات غير مقنعة للتصدي لهذه الآفة الخطيرة في حين يتم التغاضي عن القضايا الكبرى الماثلة للعيان".

وكان رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد محمد العلاف، قد قال في تصريحات صحافية مؤخرا إن الهيئة تعاملت في العام 2017 مع 1328 شكوى أُحيل للتحقيق منها 415 قضية ووصل منها 22 قضية إلى الادعاء العام وتم حفظ 462 قضية لوجود شبهات كيدية، وإلى وجود إجراءات إصلاحية في 283 شكوى، ووجود 139 شكوى مدروسة للعام 2018.

وبين أن مجمل المبالغ التي تضمنتها القضايا المشكوك فيها والواردة في تقارير ديوان المحاسبة للأعوام 2009-2015 بلغت حوالى 177 مليون دولار، منها 67 مليون دولار مبالغ في إطار شبهات وتتطلب المساءلة.

ووفقاً لأعمال المسح التي أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي ونشرها تحت ما يُعرف باسم تقرير التنافسية العالمية 2013 ـ 2014 فقد أظهر أن الفساد يعتبر واحداً من العقبات أمام ممارسة الأعمال التجارية في الأردن من قبل رجال الأعمال.

وقال محمد الخرابشة، عضو إدارة غرفة صناعة الأردن لـ" العربي الجديد " إنه لا توجد جدية واضحة لمحاربة الفساد في البلاد، مضيفا أنه "قدم بنفسة قضية من العيار الثقيل إلى الجهات المختصة ومثبتة بالوثائق، لكن لم يتم التعامل معها حتى الآن ومر عليها عدة سنوات".

وأشار الخرابشة إلى أن التصدي للفساد سيساهم في حل المشكلة الاقتصادية في الأردن "كون ما يحدث في الخفاء يستنزف أموالا طائلة من حقوق الخزينة مثل التهرب الضريبي وغيرها".

المساهمون