18 أكتوبر 2024
انتخابات طرابلس اللبنانية... مزاج جديد
جاءت نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس، في لبنان، صادمة ومفاجئة، وذلك بفوز اللائحة المدعومة من وزير العدل المستقيل من الحكومة، أشرف ريفي، على اللائحة المنافسة، والتي كانت تحمل صفة التوافق بين القوى السياسية الرئيسة في المدينة وفي لبنان، وجمعت إلى تفاهم الرئيسين السابقين للحكومة، نجيب ميقاتي وسعد الحريري، الوزير محمد الصفدي والنواب محمد كبارة وسمير الجسر وفيصل كرامي، فضلاً عن قوى سياسية إسلامية. ومع ذلك، تمكّنت لائحة "قرار طرابلس" من تحقيق فوز هائل، (18 عضواً من أصل 24)، ما أحدث صدمة كبيرة في الوسط السياسي اللبناني عموماً، والطرابلسي والسنّي خصوصاً، وجاء بمثابة "تسونامي" أطاح كل المفاهيم التي كانت تنظر إلى الطبقة السياسية على أنها "قدرٌ" لا يمكن الخروج عن إرادته. وأظهر الفوز المفاجئ للوزير ريفي في انتخابات طرابلس تبدّلاً كبيراً في المزاج السنّي العام في لبنان، وكرّسه زعامةً لا يمكن تجاوزها، ودقّ جرس الإنذار، ليس للقادة السنّة التقليديين فقط، وإنما أيضاً لكل القيادات اللبنانية.
وكان ريفي قد استقال من الحكومة التي يرأسها تمام سلام، بسبب ما رآها هيمنةً لحزب الله عليها، ولأنها لا تستطيع النهوض بالدولة والمؤسسات في ظل هذه الهيمنة، فضلاً عن كيلها بمكيالين تجاه المواطنين، وهو شعور يكبر عند أكثرية اللبنانيين، خصوصاً بعد تجاوز حزب الله الحدود وقتاله مع النظام السوري، أو في ملف السلاح المتفلت في الداخل الذي تتمتّع بحمله واقتنائه مجموعة من اللبنانيين تحت مسمّى المقاومة، فيما يلاحق آخرون على أقل تهمةٍ بعنوان محاربة "الارهاب"، ولعلّ أبرز مثال ملف الموقوفين الإسلاميين الذين يعانون من دون محاكمات منذ سنوات، وأكثرهم من الشمال، ومن السنّة تحديداً.
القضية الأخرى التي وجدت ترجمتها في صناديق الاقتراع في طرابلس هي في حالة الاحباط السنّي العام جرّاء السياسات والتنازلات التي قدّمها، ويقدّمها قادة "السنّة" في لبنان إلى الأطراف الأخرى. وهنا، يبرز الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله تحت عنوان تخفيف التوتر الطائفي والمذهبي، بينما يجاهر الأخير بالقتال في سورية (والعراق واليمن؟)، ضارباً بعرض الحائط هذا الحوار الذي لم يفضِ إلى شيء. وهناك الحوار الوطني العام الذي يقدّم فيه القادة "السنّة" تنازلاتٍ تلو أخرى للقيادات الأخرى، تحت عنوان الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، في حين يرى الشارع السنّي العام أن هذه التنازلات تمكّن الأطراف الأخرى من البلد، وتزيد من حجم "المظلومية" التي يعيشها السنّة في لبنان. وهنا يبرز حجم التنازل في ملف رئاسة الجمهورية، حيث رشّح تيار المستقبل ابتداءً، سمير جعجع، وهو أبرز حليف مسيحي في قوى "14 آذار" لهذا التيار لموقع رئيس الجمهورية، ثم عاد وتراجع لصالح ترشيح النائب، سليمان فرنجية، حليف النظام السوري وحزب الله، ويجري الحديث الآن عن تراجعٍ آخر بترشيح ميشال عون، وهو ما رأى فيه الشارع السنّي العام تراجعاً، بل ربما انهياراً قد يجعل السنّة يخسرون موقعهم القوي في البلد، وهو أيضاً ما جعلهم يفقدون الثقة بالقيادة السياسية التي تقف على رأس الطائفة، وهي ليست قيادة فردية واحدة.
وجد الشارع الطرابلسي في الانتخابات البلدية، وفي مواقف الوزير أشرف ريفي، فرصةً ليس للتضامن معه، بمقدار ما وجدوا فيها فرصةً للتعبير عن رفضهم الطبقة السياسية التي تتحكّم بقرارهم، وتتنازل عن مكاسبهم، وتورثهم الإحباط والترهّل، وجاءت النتائج غير متوقعة، إذ كانت معظم التوقعات تشير إلى خرقٍ تحققه لائحة ريفي بعدد محدود من المقاعد. ولكن، على الرغم من الدعم السياسي والإنفاق المالي، جاءت النتائج بمثابة "تسونامي" عبّر بوضوح عن المزاج السنّي العام في لبنان، وهو ما يجب أن يُقرأ جيداً من القوى السياسية والقيادات في الساحة الإسلامية السنّية أولاً، والقيادات في الساحة الوطنية بشكل عام ثانياً، وما يجب أن تفكّر به الدول العربية المعنية بالوضع اللبناني بشكل كبير، وإلا قد يتحوّل التعبير بهذا الشكل، هذه المرّة، إلى تعبير بشكلٍ مختلف، إذا ظلّت الأمور على حالها من الإحباط، وإذا لم تتغيّر بما يُشعر المكوّنات اللبنانية بالراحة والاستقرار والعدالة وسيادة مبدأ الدولة والقانون على الجميع.
وكان ريفي قد استقال من الحكومة التي يرأسها تمام سلام، بسبب ما رآها هيمنةً لحزب الله عليها، ولأنها لا تستطيع النهوض بالدولة والمؤسسات في ظل هذه الهيمنة، فضلاً عن كيلها بمكيالين تجاه المواطنين، وهو شعور يكبر عند أكثرية اللبنانيين، خصوصاً بعد تجاوز حزب الله الحدود وقتاله مع النظام السوري، أو في ملف السلاح المتفلت في الداخل الذي تتمتّع بحمله واقتنائه مجموعة من اللبنانيين تحت مسمّى المقاومة، فيما يلاحق آخرون على أقل تهمةٍ بعنوان محاربة "الارهاب"، ولعلّ أبرز مثال ملف الموقوفين الإسلاميين الذين يعانون من دون محاكمات منذ سنوات، وأكثرهم من الشمال، ومن السنّة تحديداً.
القضية الأخرى التي وجدت ترجمتها في صناديق الاقتراع في طرابلس هي في حالة الاحباط السنّي العام جرّاء السياسات والتنازلات التي قدّمها، ويقدّمها قادة "السنّة" في لبنان إلى الأطراف الأخرى. وهنا، يبرز الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله تحت عنوان تخفيف التوتر الطائفي والمذهبي، بينما يجاهر الأخير بالقتال في سورية (والعراق واليمن؟)، ضارباً بعرض الحائط هذا الحوار الذي لم يفضِ إلى شيء. وهناك الحوار الوطني العام الذي يقدّم فيه القادة "السنّة" تنازلاتٍ تلو أخرى للقيادات الأخرى، تحت عنوان الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، في حين يرى الشارع السنّي العام أن هذه التنازلات تمكّن الأطراف الأخرى من البلد، وتزيد من حجم "المظلومية" التي يعيشها السنّة في لبنان. وهنا يبرز حجم التنازل في ملف رئاسة الجمهورية، حيث رشّح تيار المستقبل ابتداءً، سمير جعجع، وهو أبرز حليف مسيحي في قوى "14 آذار" لهذا التيار لموقع رئيس الجمهورية، ثم عاد وتراجع لصالح ترشيح النائب، سليمان فرنجية، حليف النظام السوري وحزب الله، ويجري الحديث الآن عن تراجعٍ آخر بترشيح ميشال عون، وهو ما رأى فيه الشارع السنّي العام تراجعاً، بل ربما انهياراً قد يجعل السنّة يخسرون موقعهم القوي في البلد، وهو أيضاً ما جعلهم يفقدون الثقة بالقيادة السياسية التي تقف على رأس الطائفة، وهي ليست قيادة فردية واحدة.
وجد الشارع الطرابلسي في الانتخابات البلدية، وفي مواقف الوزير أشرف ريفي، فرصةً ليس للتضامن معه، بمقدار ما وجدوا فيها فرصةً للتعبير عن رفضهم الطبقة السياسية التي تتحكّم بقرارهم، وتتنازل عن مكاسبهم، وتورثهم الإحباط والترهّل، وجاءت النتائج غير متوقعة، إذ كانت معظم التوقعات تشير إلى خرقٍ تحققه لائحة ريفي بعدد محدود من المقاعد. ولكن، على الرغم من الدعم السياسي والإنفاق المالي، جاءت النتائج بمثابة "تسونامي" عبّر بوضوح عن المزاج السنّي العام في لبنان، وهو ما يجب أن يُقرأ جيداً من القوى السياسية والقيادات في الساحة الإسلامية السنّية أولاً، والقيادات في الساحة الوطنية بشكل عام ثانياً، وما يجب أن تفكّر به الدول العربية المعنية بالوضع اللبناني بشكل كبير، وإلا قد يتحوّل التعبير بهذا الشكل، هذه المرّة، إلى تعبير بشكلٍ مختلف، إذا ظلّت الأمور على حالها من الإحباط، وإذا لم تتغيّر بما يُشعر المكوّنات اللبنانية بالراحة والاستقرار والعدالة وسيادة مبدأ الدولة والقانون على الجميع.