لا يبدو أن الأوضاع في اليمن تتجه نحو التهدئة، بقدر ما تزداد تعقيداً، فمع تواصل عمليات التحالف في صعدة، عادت مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، لتوغل انتقاماً من عدن ومحيطها، وصولاً إلى تعز، في الوقت الذي امتدت فيه المواجهات لتصل إلى أرحب في صنعاء، وكذلك محافظة الجوف، بينما تتواصل في الرياض التحركات السياسية، وسط فشل المساعي الروسية لنقل الحوار إلى جنيف، فضلاً عن دخول أطراف جنوبية في حوار الرياض، فيما تسعى قيادات في حزب "المؤتمر الشعبي العام" لعزل صالح منه.
وكشفت مصادر سياسية يمنية رفيعة، لـ"العربي الجديد"، في الرياض، أن هناك شخصيات سياسية جنوبية جديدة وبارزة دخلت في عضوية اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، المقرر إقامته في 16 و17 من الشهر الحالي.
وأشارت المصادر إلى أن "أبرز الشخصيات السياسية الجنوبية، الأعضاء في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، هم رئيس الوزراء السابق حيدر العطاس، ياسين مكاوي، أحمد بن دغر، عبدالعزيز المفلحي، عبدالرب السلامي، حسين بن شعيب، علي عشال".
وذكرت المصادر أن "وثيقة مؤتمر الرياض، ستضع خارطة طريق تتضمن ثلاث مراحل، مرحلة إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة، ومرحلة إعادة الإعمار، ومرحلة استكمال المرحلة الانتقالية وبناء الدولة".
وأشارت إلى وجود تطورين مهمين، الأول، السعي الحثيث من روسيا لنقل الحوار إلى جنيف، وهو مطلب الحوثيين وصالح، ولكن هذا المسعى فشل، وسيُعقد مؤتمر الرياض في موعده. أما التطور الثاني، فهو أن حزب "المؤتمر الشعبي العام" سيشارك في مؤتمر الرياض، وسيعقد اجتماعاً للجنة العامة في القاهرة، خلال اليومين المقبلين، لعزل صالح من رئاسة "المؤتمر".
وكشفت المصادر أن "قيادات المؤتمر غادرت الرياض إلى القاهرة، وستلتقي بالقيادات المتواجدة هناك"، مشيرة إلى أن من بين القيادات التي غادرت الرياض، وهي ستُشارك في اللجنة التحضيرية لحوار الرياض، النائب الأول لرئيس المؤتمر أحمد عبيد بن دغر، فضلاً عن الأمين المساعد للحزب سلطان البركاني".
وتوجد في الرياض العديد من القيادات الجنوبية وتعقد لقاءات بشكل متواصل، إلى جانب شخصيات سياسية شمالية، ويترأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر عبدالعزيز جباري.
وبدأت التحركات السياسية في الرياض تلقي بثقلها على الأطراف السياسية، وبدت أطراف سياسية جنوبية، حسب مراقبين، أكثر مرونة وديناميكية، وأكثر فاعلية في هذه التحركات، وتُجري لقاءات مكثّفة مع مختلف الأطراف، في محاولة للمّ الشمل وقطع الطريق أمام التدخلات الإيرانية في اليمن، وأمام أي انتصارات للحوثيين وقوات صالح.
اقرأ أيضاً: قصف حوثي على عدن وتعز... وغارات على مطار صنعاء
ميدانياً، وعلى الرغم من تراجع مليشيات الحوثيين وصالح في أطراف عدن الشمالية، إلا أنها عادت لتشنّ قصفاً هو الأعنف على منطقة صلاح الدين ورأس عمران، غرب مديرية البريقة الواقعة غرب عدن، وأرسلت تعزيزات كبيرة من قاعدة العند الجوية، إلى جبهة البريقة.
وتسعى مليشيات الحوثيين وصالح للسيطرة على مدينة البريقة، قبل الثلاثاء المقبل، الذي من المقرر أن تبدأ خلاله الهدنة الإنسانية المقترحة، لا سيما أن السيطرة على مدينة البريقة، ستجعل عدن بشكل شبه كامل تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم، بعد سيطرتهم على مدينة التواهي، فيما ستتبقى أمامهم مدينة المنصورة.
لكن مصادر في "المقاومة الشعبية" في عدن قالت لـ"العربي الجديد"، إنها "لن تسمح للمليشيات باقتحام البريقة، والتي فشلت في اقتحامها خلال الفترة الماضية"، وأكدت أن "المقاومة مستعدة"، لكنها طالبت طائرات وسفن التحالف بمساعدتها في هذه المعركة.
وكشفت المصادر أن "مليشيات الحوثيين وصالح قصفت مدينة البريقة بصواريخ غراد، في الوقت الذي تشن فيه هجوماً برياً واسعاً على مناطق مديرية البريقة، وسط سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، فيما تمكّنت المقاومة من تدمير عدد من الدبابات والمدرعات، بالقرب من صلاح الدين".
ارتفاع شهية مليشيات الحوثيين وصالح في قصف مدن عدن ولحج والضالع وتعز، يأتي كانتقام من غارات التحالف على صعدة، حتى أن المليشيات استخدمت لأول مرة صواريخ غراد لقصف البريقة، وهو ما يُظهر، حسب مراقبين ومنظمات حقوقية، أن هذه المليشيات مستعدة لارتكاب أكبر عدد من المجازر مقابل السيطرة على مدينة البريقة، وبدا ذلك واضحاً من خلال سحبها مسلحين من دار سعد، شمال عدن، ونقلهم إلى غربها، فضلاً عن حصولها على تعزيزات من قاعدة العند الجوية. ولكنها لم تقف هنا، فقد قامت المليشيات الحوثية بقصف عنيف شمل كل شيء في الضالع، مستخدمة كل الأسلحة الثقيلة.
في المقابل، فإن المقاومة في أبين حققت تقدماً في عدد من مناطق المحافظة، في الوقت الذي تعرضت فيه مليشيات الحوثيين وصالح ومواقعهما لخسائر كبيرة سواء من خلال قصف طائرات التحالف، أو من خلال ضربات "المقاومة".
يأتي هذا في وقت كشف فيه مصدر في "المقاومة الشعبية"، أن قوات يمنية وصلت، أمس السبت، إلى محافظة أبين، قادمة براً من السعودية بعد تدريبها هناك. وأوضح المصدر لوكالة "الأناضول" أن "تلك القوات وصلت إلى مدينة مودية في أبين، عن طريق البر قادمة من السعودية، وتتكون من ستين جندياً سيلتحقون بجبهات المقاومة الشعبية في المحافظة".
كما أمهلت "المقاومة الشعبية" في محافظة مأرب، الحوثيين 24 ساعة لـ"الانسحاب الكامل من جبهات القتال فوراً ومن دون قيد أو شرط". وقالت "المقاومة"، في بيان نشرته وكالة "الأناضول"، إن المهلة "تبدأ في الساعة الـ3 من عصر السبت (أمس)، بتوقيت صنعاء، وتنتهي الأحد في التوقيت ذاته، وقد أعذر من أنذر". ودعت "إلى التعبئة العامة والنفير العام في حال انتهاء الوقت الذي منح لعصابة الإجرام الحوثية ولم تنسحب من أرض الشموخ والعز والشرف".
اقرأ أيضاً: الجبير وكيري يعلنان هدنة إنسانية مشروطة تبدأ الثلاثاء باليمن