عادت أزمة الخلافات بين جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحليفها حزب "المؤتمر"، الذي يترأسه الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، إلى الأضواء، مع حوادث اعتقال واقتحام وتصريحات متفرقة، تظهر استمرار الخلافات وتدهور حالة الثقة بين الشريكين، بعد أن نجحا، في سبتمبر/أيلول الماضي، بنزع فتيل أزمة كادت أن تتطور إلى مواجهات، قبل أن يتفق الطرفان على تهدئة وتيرتها، من دون التوصل إلى تفاهم حول أبرز مواضيع الخلافات.
وقالت مصادر في العاصمة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، إن أجواء الخلافات عادت في الأيام الأخيرة، مع عدد من الحوادث والتطورات شهدتها صنعاء، كان أبرزها، السبت الماضي، اقتحام وزارة الخارجية، التي يتولاها في الحكومة التي شكلها الطرفان، وزير عن حزب "المؤتمر"، وهو هشام شرف، الذي أعلن في تصريحات صحافية، التوقف عن عمله، احتجاجاً على عملية الاقتحام. وجاء التطور، بعد أيام، من أنباء عن اقتحام الحوثيين وزارة الصحة، التي يتولاها، هي الأخرى، وزير من حزب صالح، هو محمد سالم بن حفيظ، والذي تحدثت المصادر عن تهديده من قبل مسؤولين حوثيين في الوزارة ومنعه من ممارسة مهامه، الأمر الذي يشكل واحداً من أبرز أوجه الصراع بين الطرفين على النفوذ والقرار في المؤسسات الحكومية الخاضعة لسيطرة الطرفين.
وتفيد مصادر محلية، "العربي الجديد"، أن أحد أبرز مظاهر التوتر خلال الأيام الماضية، كان ملف إضراب المعلمين، مع بدء العام الدراسي للمطالبة بمرتباتهم المتوقفة منذ عام، إذ يردد حوثيون أن قرار الإضراب، الذي أعلنت نقابات تعليمية عنه، سياسي، وشرعت الجماعة، إثر ذلك، بحملة تهديدات وقمع للمعلمين المُضربين، ومحاولة فرض إيقاف الإضراب بالقوة، والإعلان عن خطوات لاستبدال المعلمين بمتطوعين من أنصارهم، وغير ذلك، ما خلق أجواء متوترة، بين الطرفين. وكان الحوثيون، ومن خلال الأجهزة الأمنية الموالية لهم، أقدموا مجدداً، منذ أيام، على اقتحام منزل الناشط الصحافي في حزب "المؤتمر"، كامل الخوداني، الذي اشتهر، منذ شهور، بانتقاداته للجماعة، واعتقل في سبتمبر الماضي لأيام، ثم أطلق سراحه. وتتضارب الأنباء بين اعتقاله وبين تمكنه من الإفلات أثناء محاولة الجماعة اعتقاله الأسبوع الماضي. وأعلن أن أمراً من "النيابة العامة" صدر بمتابعته، وأن هناك بلاغات ضده تتهمه بـ"جرائم تضر بالمجتمع وتمس أمن الدولة".
وجاءت عودة مظاهر الخلافات بين الشريكين في صنعاء، بعد أن تمكنا الشهر الماضي، من تهدئة التوتر الذي ارتفعت معه احتمالات الصدام المسلح، قبل أن يتفق الطرفان على التهدئة الإعلامية وعلى معالجة مواضيع الخلافات في "الغرف المغلقة"، لتجنب تأثيرات ذلك، على "الصف الداخلي"، وعلى استثمار الخلافات من قبل دول التحالف، بقيادة السعودية، أو ما يصفونه بـ"العدوان". وعلى ضوء ذلك، جرى اعتقال إعلاميين، أغلبهم من حزب صالح، ممن اتهموا بعدم الالتزام بـ"التهدئة الإعلامية". وتأتي عودة الخلافات لتظهر أن ابتعادها عن الإعلام، خلال الأسابيع الماضية، لم يكن كافياً لاحتواء مواضيع الخلاف والثقة المتدهورة بين الطرفين. وكان الحوثيون أعلنوا، في 18 سبتمبر الماضي، تشكيل فريق يتألف من قيادات بارزة، بما فيها رئيس وفد الجماعة المفاوض، محمد عبد السلام، ليتولى التنسيق والتواصل مع حزب صالح. ولم يعلن الفريق حتى اليوم، أي تفاصيل تشير إلى وجود تقدم من عدمه، في مسألة التفاهمات بين الطرفين. وكانت الخلافات انفجرت على نحو غير مسبوق، في أغسطس/آب الماضي، بالتزامن مع مهرجان جماهيري دعا إليه حزب صالح في ذكرى تأسيسه، وقابله الحوثيون بدعوة أنصارهم لحشود مسلحة في مداخل صنعاء في اليوم ذاته، إلى جانب جملة من التطورات والتحركات، بعضها تحمل طابعاً مسلحاً، خلقت أجواء توتر غير مسبوقة، وبرزت معها مؤشرات احتمال "الصدام المسلح"، قبل أن ينجح الطرفان بتجاوز المنعطف الخطير بـ"التهدئة" خوفاً من استثمار التحالف أو "العدوان" لخلافاتهما، وليس بالتفاهم حول مواضيع الخلاف، وهو ما يجعل الوضع مفتوحاً على جميع الاحتمالات، بما فيها التهدئة أو مزيد من التصدع.