اليمن: تمرّد "حقوقي" في صفوف الجيش

09 سبتمبر 2014
هتافات في صفوف الجيش ضد وزير الدفاع (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

تشهد وحدات عسكرية في الجيش اليمني، منذ الأسبوع الماضي، سلسلة احتجاجات وتمردات بسبب المماطلة في صرف العلاوات الموعودة، فيما يبدو مؤشراً آخر على عدم استقرار المؤسسة العسكرية، التي أنهكتها عمليات الاغتيال الغامضة، والمجازر التي ينفذها تنظيم "القاعدة" والحوثيون في حق أفرادها.

وشهدت معسكرات قيادة ألوية الصواريخ، قبل يومين، تمرداً غير مسبوق لمئات من الضباط والصف والجنود، الذين قاموا بطرد قائد مجموعة ألوية الصواريخ المعيّن الشهر الماضي، العميد الركن محمد العاطفي، وقاموا بإحراق سيارته وسيارات عدد من قادة وأركان الصواريخ، على خلفية غضب واسع في أوساط منتسبي مجموعة الصواريخ جراء عدم صرف العلاوات الدورية. 

وتوضح مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد"، أن تمردين متزامنين شهدتهما معسكرات ألوية الصواريخ، يوم الاثنين الماضي، إذ احتج المئات من منتسبي اللواءين الخامس والسادس ـ صواريخ، في فج عطان جنوبي غرب العاصمة صنعاء، كما تمرّد مئات أيضاً في اللواء الثامن في معسكر صبرة الواقع في مديرية بلاد الروس، جنوبي العاصمة.

وتتبع مجموعة ألوية الصواريخ الحماية الرئاسية والقائد الأعلى للقوات المسلحة مباشرة، وهي ألوية كانت تتبع قوات الحرس الجمهوري، الذي كان يقوده العميد أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس السابق.

وحسب المصادر، فإن موجة الغضب تحولت إلى مسيرات هائجة وإلى إطلاق رصاص وإضرام حرائق، وهتافات طالبت برحيل وزير الدفاع، محمد ناصر أحمد علي، فيما اتجه مئات الضباط والجنود الغاضبين نحو مقرّ القيادة وقاموا بأعمال شغب.

وفي السياق، قام أفراد المركز التدريبي التابع لوزارة الدفاع في منطقة الجدعان في محافظة مأرب وسط البلاد، بطرد كافة الضباط والقيادات في المعسكر ولاحقوهم بالرصاص حتى خارج بوابة المعسكر، يوم الثلاثاء الماضي. وأشارت المصادر إلى أن "وزارة الدفاع شكّلت لجنة وصلت إلى المركز لاحتواء الموقف".

وتأتي الاحتجاجات على خلفية عدم صرف علاوات دورية وعلاوات أخرى وعدت بها الرئاسة والحكومة، لموظفي الدولة العسكريين والمدنيين لعامي 2012-2013.

وذكرت وزارة الدفاع، على موقعها الالكتروني، أنه يجري استكمال الإجراءات في الدائرة المالية لصرف فوارق العلاوات لمنتسبي القوات المسلحة خلال أيام.

من جهته، ينقل موقع "26 سبتمبر" عن مصدر عسكري مسؤول في الوزارة قوله: إن "فوارق العلاوات الدورية سيتم صرفها لجميع منتسبي القوات المسلحة بمختلف رتبهم العسكرية". وأضاف: "يجري حاليّاً استكمال الإجراءات في الدائرة المالية لصرف فوارق العلاوات خلال الأيام المقبلة". وعلمت "العربي الجديد" أن "الوزارة وعدت بأنه سيتم صرف علاوة شهرين مع مرتب كل شهر، كي يتم تغطيتها بالكامل خلال عام من الآن".

ويحذّر مراقبون من أعمال تمرّد مماثلة في عدد من الوحدات العسكرية، بسبب الغضب السائد في أوساط الضباط والجنود، إثر تخلي وزارة الدفاع عن مسؤوليتها بصرف مستحقاتهم القانونية، بما في ذلك العلاوات الدورية المعتمدة في الموازنة للعام الجاري.

بدورها، توضح مصادر إعلامية أن الوزارة أضافت نحو 10 دولارات أميركية، إلى رواتب الجنود، في الوقت الذي يؤكد فيه هؤلاء على أن علاواتهم السنوية المتبقية لدى الدولة تصل إلى 112 دولاراً، بواقع نحو 4 دولارات شهرياً منذ بداية عام 2012، منوّهة إلى أن عدداً من الوحدات العسكرية رفضت تسلم رواتبها.

وتعليقاً على هذه الظاهرة، يقول الخبير العسكري، علي محمد الذهب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن إطلاق وصف "تمرّد" على بعض ما يجري من تذمّر داخل عدد محدود من ألوية القوات المسلحة، أمر خطير يجب التعاطي معه بحذر؛ لأنه يصب في مجرى من يقف وراء هذه الأعمال أو إثارتها إعلاميّاً.

ويضيف: "وتبدو محدودة الانتشار، وتنطلق من دوافع حقوقية، ومن تأثر بما يجري في الجانب السياسي داخل البلاد، بعد إسقاط هيبة القانون، وجدواه في كبح مثل هذه التصرفات".

وجزم الذهب أن "من يقف وراء ذلك أو يحاول إذكاءها هو من له مصلحة من استهداف القوات المسلحة، التي يراها عقبة كأداء في طريق مشروعه السياسي في البلاد، سواء من خلال السيطرة على ولائها، أو من خلال ضرب تماسكها عندما لا يجد قبولاً له في صفوفها، وهي جماعات وتنظيمات معروفة لها ثاراتها الدامية مع الجيش، فضلاً عن مراكز نفوذ داخل الجيش نفسه".

ويرى الخبير العسكري أن خطورة وقوع تلك الأعمال، تمرداً أو تذمراً، تكمن في "تخطيها المحدودية المشار إليها لتصل مرحلة الشيوع في الأيام المقبلة، لأنها ستكون عند ذلك خارج السيطرة، فيتحقق هدف المتربصين بالقوات المسلحة وبالبلاد، بتفكيك الجيش وضرب تماسكه واستقطابه إلى ولاءات متعددة، على هوى حزبي ومذهبي وجهوي".

وبشأن الحلول، يرى الذهب أنه يجب أن تعالج مشكلات الجيش، برمتها، خصوصاً تلك التي تتصل بالحقوق، معالجة سريعة وعادلة، وأن يرافق ذلك تنظيم صارم في تطبيق القوانين واللوائح العسكرية التي تنظم العلاقة المتبادلة داخل صفوف القوات المسلحة، وأن يجري تطهير وحدات الجيش من المندسين فيه، الذين لا يحترمون شرف الجندية والانضباط العسكري.