وذكرت النيابة أن النائب العام أغلق الملف بعد أن تبين من الفحص أنه "لا توجد شبهات بارتكاب رجال الشرطة مخالفات جنائية، في الحادث الذي تم خلاله إطلاق النار على يعقوب أبو القيعان وقتله، بعد أن دهس شرطيا".
وكانت الشرطة قد زعمت في أحداث يوم 18 يناير 2017، عندما وصلت لهدم عدد من بيوت القرية وإخلاء سكانها، أن أبو القيعان قام بدهس شرطي حتى الموت، بيد أن مقاطع فيديو أظهرت أن أبو القيعان فقد السيطرة على سيارته بعد إطلاق النار عليه من قبل الشرطة، ما أدى إلى انحرافها ودهس شرطي إسرائيلي لقي مصرعه.
ولم تجد النيابة الإسرائيلية ما يثبت تورط أبو القيعان، وذكرت في قرار إغلاق الملف أنه "لا يمكن إثبات أن دهس الشرطي في تلك الحادثة كان عملية مقصودة"، ورغم هذا الاعتراف، لم تجد "عدالتها" مكانا لمحاكمة القتلة.
المربي يعقوب أبو القيعان الذي استشهد بعمر 47 عاما، كان يعمل مدرّسا لمادة الرياضيات في إحدى مدارس بلدة حورة في النقب، وذكرت العائلة يوم استشهاده أنه "لم يحتمل أن يرى بيته يهدم أمامه، فركب سيارته وقرر المغادرة، لكن رصاص الشرطة الإسرائيلية كان له بالمرصاد وأرداه في المكان".
ودخلت القوات الإسرائيلية إلى القرية في ذلك اليوم، بالجرافات ومركبات الشرطة، وهدمت 12 بيتا و8 منشآت زراعية، وذلك في إطار مخطط سلطوي يهدف للاستيلاء على القرية وإخلاء سكانها، لإقامة مستوطنة يهودية على أراضيها تحمل اسم "حيران".
وتحوّل ذلك اليوم إلى يوم غضب، حيث نشبت مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والأهالي، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات، وتنفيذ عدة اعتقالات.
ولم يكن قرار النيابة العامة مفاجئا، إذ كشفت مصادر صحافية عبرية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن وحدة التحقيق مع الشرطة (ماحاش) أوصت بإغلاق ملف التحقيق بمقتل الشهيد أبو القيعان دون تقديم أي فرد من الشرطة للمحاكمة.
وعقّب مركز "عدالة"، (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل)، في حينه على النشر، بأن "توصية (ماحاش) بعدم تقديم المسؤولين عن جريمة القتل للمحاكمة هي مواصلة لسياستها التي توفّر غطاء الشرعيّة للعنف الدمويّ الذي تمارسه الشرطة الإسرائيليّة بحق المواطنين العرب".
وبين المركز أنه "ومنذ اليوم الأوّل، كان واضحاً أن الشرطة قتلت أبو القيعان دون أي مبررٍ وبما يناقض تعليمات إطلاق النار، إلا أنّ (ماحاش) تمارس دورها مجددًا في التستّر على الجرائم الخطيرة بحق المواطنين العرب".
وأوضح أن "هذا دليل جديد على منهجيّة (ماحاش) والشرطة الإسرائيليّة، كما تمت مشاهدتها في أحداث أكتوبر (تشرين الأول) 2000، وعدم تقديم أي شرطيّ إسرائيليّ للمحاكمة بهذه التهم. ومنذ العام 2000، قُتل 50 مواطنًا عربيًا برصاص الشرطة دون أن يُحاسب أي شرطيّ. ويطالب مركز عدالة النيابة العامّة بالعمل فورًا على تقديم المسؤولين عن جريمة القتل للمحاكمة".
تواصل استهداف العرب وأراضيهم
وليست أم الحيران وحيدة على مستوى الاستهداف، إذ تحاول المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها، ومنذ سنوات، إخلاء العديد من البلدات العربية مسلوبة الاعتراف في النقب، والتي يصل عددها الى نحو 48 قرية، ومصادرة أراضي عربية تصل مساحتها إلى مليون دونم، لصالح إقامة مستوطنات يهودية ولمخططات ومشاريع أخرى.
ومخططات المصادرة في النقب هي جزء من مخططات أوسع، تستهدف ما تبقى من أراض عربية في الجليل والمثلث والساحل أيضا.
وتضم منطقة النقب المساحة الأكبر من الأراضي التي لطالما اعتبرتها لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48 أنها تشكل الاحتياطي المتبقي للجماهير العربية في الداخل، وتستوجب النضال من أجل الحفاظ عليها.