النمو والأجور...وعود لم تفِ بها الحكومة المغربية

15 اغسطس 2016
يرتبط النمو الاقتصادي في المغرب بالتساقطات المطرية (فرانس برس)
+ الخط -


لم يتردد رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، خلال انعقاد المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية الذي يتولى أمانته العامة، في التأكيد أن حكومته أفضل حكومة عرفها المغرب، إن لم تكن أفضلها، غير أن من المراقبين من يرون أن حديث رئيس الحكومة لا تدعمه المؤشرات الاقتصادية.
لا ينفي الكثيرون أن الحكومة تمكنت من إعادة التوازنات المالية إلى جادة الصواب، عبر تقليص عجز الموازنة والحسابات الخارجية، فرصيد المغرب من العملة الصعبة مثلا وصل إلى 25 مليار دولار، وهو ما ساعد عليه بشكل خاص تراجع سعر النفط في السوق الدولية، والهبات الخليجية.

لكن عند فحص إنجازات الحكومة، مقارنة بما التزمت به في تصريحها أمام البرلمان في 2012، يتجلى أن ثمة وعودا لم تف بها.
فقد راهنت على رفع معدل النمو الاقتصادي في الفترة الفاصلة بين 2012 و2016، إلى 5.5%، غير أن هذا الهدف لم يتحقق.
فهذه رئيسة رجال الأعمال المغاربة، مريم بنصالح، تلاحظ، خلال مؤتمر حول النموذج الاقتصادي المغربي، أن معدل النمو كان في حدود 4.6% بين 2007 و2011، قبل أن يتراجع إلى 3.3% بين 2012 و2016.
ويعتبر الاقتصادي المغربي محمد الشيكر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن النمو الاقتصادي في المغرب، يبقى مرتهنا للتساقطات المطرية، وبالتالي للقطاع الزراعي، خاصة أن مساهمة القطاعات غير الزراعية ضعيفة من حيث القيمة المضافة.

ويذهب الاقتصادي إدريس الفينا، إلى أن سياسة التصنيع التي يفترض أن تساهم في إعطاء دفعة قوية للنمو الاقتصادي، لا تنطوي على قيمة مضافة كبيرة، ما يستدعي في تصوره إعادة توجيه تلك السياسة في الاتجاه الذي يلبي احتياجات البلد.
ورفعت الحكومة منذ البداية، شعار محاربة الفساد، فقد تحدثت عن سعيها للشفافية في رخص النقل مثلا، حيث عمدت إلى نشر أسماء المستفيدين من رخص النقل، وهو الأمر الذي حياه الكثيرون الذين طالبوا بالقطع مع الامتيازات والريع.

غير أن الحكومة سرعان ما خففت من حدة انتقادها للفساد، حيث اشتهر رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بعبارة "عفا الله عما سلف"، وشرع في الحديث عن المعركة مع الفساد باعتبارها معركة صعبة وطويلة، قائلا: "إننا نسير في تماسّ مع الفساد"، ما جر عليه انتقادات المجتمع المدني.
ومع اقتراب نهاية ولايتها، كشفت الحكومة في نهاية العام الماضي عن خطة لمحاربة الرشوة، قبل أن تخصص لها في مايو/أيار الماضي 180 مليون دولار من أجل تنفيذ تدابيرها، علما أن التقديرات تؤكد أن الفساد يكبد المغرب خسائر تصل إلى 2% من الناتج الإجمالي المحلي البالغ 105 مليارات دولار.

وكانت الحكومة، وعدت في التصريح الذي أدلت به أمام البرلمان في 2012، بترشيد الإنفاق، وهو ما بدأت تنفيذه عبر خفض نفقات الدعم، غير أنها التزمت بتطوير الإيرادات عبر إصلاح جبائي شامل، بهدف تحقيق العدالة الضريبية، وهو الهدف الذي حاولت بلوغه عبر مؤتمر نظم قبل عامين، تمخضت عنه توصيات، مازالت لم تترجم إلى سياسة واضحة في هذا المجال، كما يشدد على ذلك الاقتصادي محمد الشيكر.
وقد لاحظت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مريم بنصالح، في مؤتمر نظم بالصخيرات حول سبل الارتقاء إلى مصاف البلدان الصاعدة، غياب العدالة الجبائية، على اعتبار أن 10 شركات فقط توفر 25% من إيرادات الضريبة على الشركات، بينما تأتي 75% من إيرادات الضريبة على الدخل من الأجراء.

وذهب الاقتصادي نجيب أقصبي، إلى أن الحكومة، لم تسع إلى تفعيل الإنصاف في توزيع العبء الجبائي، مشيرا إلى أن الإيرادات الجبائية تغطي، بالكاد، 62% من الإنفاق عبر الموازنة.
ومازالت الحكومة لم تحسم مسألة الأجور التي وعدت بمراجعة منظومتها، كي تراعي معايير المردودية والفعالية والإنجاز، مع الرفع التدريجي من الحد الأدنى للأجور.

ويشير محمد الهاكش، عضو الاتحاد الوطني للموظفين، التابع للاتحاد المغربي للشغل، إلى أن الحكومة يمكنها أن تدعي أنها رفعت الحد الأدنى في الوظيفة العمومية إلى 300 دولار، هذا في الوقت الذي لا يتعدى 250 دولار في القطاع الخاص، علما أنه خلال الحملة الانتخابية كان حزب العدالة والتنمية، وعد برفع إلى 300 دولار، وهذا ما فهم من عبارة الرفع التدريجي للحد الأدنى للأجر.



المساهمون