النظام المصري يُخالف دستوره: أموال الصحة والتعليم للأمن

09 مايو 2017
حجم الدين العام في مصر 105% (محمود خالد/فرانس برس)
+ الخط -



واصل نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي انتهاكاته لنصوص الدستور، بمباركة مجلس النواب، الخاضع للسلطة الحاكمة، إذ مررت حكومة الأول الموازنة العامة الجديدة (2017/2018)، أمس الإثنين، بالمخالفة للموعد الدستوري المُحدد دستورياً لإرسالها، قبل تسعين يوماً من بدء السنة المالية في الأول من يوليو/تموز.

وخالف نظام السيسي نصوص المواد (18) و(19) و(21) و(23) من الدستور للعام الثاني، على التوالي، والتي نصت على التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3 في المائة من الناتج القومي لقطاع الصحة، و4 بالمائة للتعليم، و2 بالمائة للتعليم العالي، و1 بالمائة للبحث العلمي، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.

وضربت الحكومة بالدستور عرض الحائط، بعدما أقرت موازنة قطاع الصحة بواقع 54 ملياراً، و922 مليون جنيه (1 جنية المصري يساوي 0.0554 دولار أميركي)، مقابل 48 ملياراً، و944 مليونا في العام المالي الجاري، في حين يقترب الناتج المحلي الإجمالي، بحسب رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، من 4.2 تريليونات جنيه، أي يجب تخصيص 126 مليار جنيه للصحة، على الأقل، وفقاً للدستور.

وأشار البيان المالي للموازنة الجديدة إلى تخصيص مبلغ 106 مليارات، و575 مليون جنيه لموازنة قطاع التعليم، مقابل 103 مليارات، و962 مليون جنيه في الموازنة الجارية، بزيادة طفيفة، لم تراع انخفاض قيمة الجنيه في مقابل الدولار إلى أقل من النصف، أو النسبة الدستورية المستحقة، بتخصيص ما لا يقل عن 168 مليار جنيه.

وأفاد البيان المالي بعدم تخصيص أي زيادة في بند دعم التأمين الصحي لغير القادرين من أصحاب معاش الضمان الاجتماعي، رغم الارتفاعات المتوالية في أسعار الأدوية، نتيجة تحرير سعر الصرف، إذ أبقت الحكومة على الدعم المُقدر بـ 3 مليارات جنيه، ذات المبلغ المُدرج بموازنة السنة المالية (2016/2017).

في المقابل، خصصت الحكومة مبلغ 65 مليارا و765 مليون جنيه تحت بند "المصروفات الأخرى" بمشروع الموازنة الجديدة، بزيادة بلغت 7 مليارات، و665 مليون جنيه، لصالح الاعتمادات المخصصة لوزارة الدفاع، وأجهزة الأمن القومي، والجهات ذات السطر الواحد مثل: القضاء، والمحكمة الدستورية، ومجلس النواب.

وحظي قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة، الذي يضم العاملين في وزارات الداخلية، والعدل، ومصلحة السجون، والمحكمة الدستورية، وهيئة قضايا الدولة، والهيئة العامة لصندوق أبنية دور المحاكم، والشهر العقاري، بأكبر زيادة في موازنة الأجور للعام المالي الجديد، بزيادة بلغت 4 مليارات، و202 مليون جنيه.

وخصصت الحكومة لهذا القطاع موازنة بلغت 55 ملياراً، و19 مليون جنيه، مقابل 50 ملياراً، و818 مليون جنيه في الموازنة الجارية، بارتفاع بلغ نسبته 9 بالمائة، في حين لم تزد أجور العاملين في الوزارات الخدمية عن نسبة 3 بالمائة، في أقصى التقديرات، ما يؤكد انحيازات نظام السيسي لقطاعات الأمن، واقتطاع أموال الصحة والتعليم، للصب في مخصصاتها.

وقال وزير المالية، عمرو الجارحي، أمام مجلس النواب، أمس: إن "استمرار زيادة العجز في الموازنة العامة، وارتفاع معدل التضخم، وأسعار الفائدة، سيؤثر على الإنفاق على قطاعات البنية التحتية، والالتزامات الدستورية المخصصة للتعليم والصحة والبحث العلمي، وإذا لم تتمكن الحكومة والبرلمان من الخروج من تلك الدائرة المفرغة، ستكون هناك إجراءات شديدة الصعوبة".

وأشار الجارحي إلى وصول حجم الدين العام إلى 105 بالمائة، وتضاعف إجمالي الفوائد في الموازنة الجديدة بنسبة 100 في المائة، بإجمالي 890 مليار جنيه، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نتيجة الاختلالات المالية، وزيادة المصروفات، وتباطؤ الإيرادات، وهي السنوات التي تولى فيها السيسي مسؤولية الحكم في البلاد.

من جهته، أعلن رئيس لجنة التعليم بالبرلمان، جمال شيحة، عن رفض اللجنة للموازنة الجديدة، بعد المناقشة الأولية لها، لأنها لم تستوف الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بقطاعات التعليم، والتعليم العالي، والبحث العلمي، على غرار الموازنة الجارية، وهو الموقف ذاته الذي سجلته اللجنة العام الماضي، ثم وافقت أغلبية البرلمان على تمرير الموازنة المخالفة للدستور.