النظام المصري ينقل تجاربه للمجلس العسكري السوداني

16 مايو 2019
توتر الوضع في ساحة الاعتصام بالخرطوم (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يتشابك النظام في مصر بشكل مباشر مع الأوضاع في السودان، ليس فقط من خلال المحاولات السياسية والدبلوماسية لدعم المجلس العسكري الحاكم ومنع تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة غير مأمونة الجانب، ولكن أيضاً بتوفير الدعم الاستخباراتي والإعلامي للمجلس العسكري، من خلال لجنة مشتركة لنقل ما تصفه مصادر دبلوماسية مصرية بـ"الخبرة المصرية في التعامل مع التظاهرات وأحداث الشغب". وأوضحت المصادر أن "مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل ورئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني الجديد الفريق أول أبو بكر دمبلاب يتابعان عمل اللجنة الجديدة بشكل مباشر". وأضافت في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من ضباط الجهاز السوداني زاروا القاهرة على دفعات خلال الأسبوعين الماضيين للتعرف على استراتيجيات المواجهة للتيارات المعارضة والقوى الإسلامية واليسارية والتعامل مع التهديدات المختلفة التي تواجه الأنظمة الحاكمة من الداخل والخارج، واجتمعوا بعدد من ضباط المخابرات المصرية وكذلك جهاز الأمن الوطني، وبعض الشخصيات العسكرية من خلفية قانونية تم تكليفهم بدراسة الأوضاع الدستورية والتشريعية في السودان لتوجيه بعض النصائح لتعامل السلطة معه".

وأشارت المصادر إلى أن "طبيعة الخبرات التي تنقلها مصر إلى السودان حالياً تختلف عن الدور الذي أدته اللجنة السابقة التي شكّلها السيسي لمساعدة الرئيس المخلوع عمر البشير على مواجهة التظاهرات الشعبية منذ اندلاعها، والتي كانت تضم عدداً من العناصر التي اختارها عباس كامل في المخابرات المصرية والجيش والشرطة لتقديم استشارات أمنية تتعلق بخطط مواجهة المتظاهرين في الميادين المفتوحة والشوارع وأماكن مختلفة، من وحي الخطط الأمنية التي تتبعها الشرطة المصرية لإجهاض المظاهرات والتجمعات منذ عام 2016. بالإضافة إلى تأدية دور الوساطة لتبادل المعلومات بين النظام السوداني وبعض أطراف المعارضة، والتواصل مع شخصيات سياسية وعسكرية سودانية لاستكشاف الأوضاع هناك".

وكانت الأحداث الميدانية في السودان قد تعاقبت في الساعات الأخيرة بما أعاد للأذهان سيناريو "الطرف الثالث" في أحداث الثورة المصرية، تحديداً بعدما شهد محيط ساحة الاعتصام بالخرطوم إطلاق نار بشكل مفاجئ، مساء الاثنين، أسفر عن مقتل ضابط بالجيش وإصابة عدد من المعتصمين، ثم خروج المجلس العسكري ببيان فجر أمس الثلاثاء، اتهم فيه من وصفهم بـ"جهات تتربص بالثورة أزعجتها النتائج التي تم التوصل إليها وتعمل على إجهاض أي اتفاق لإدخال البلاد في نفق مظلم"، بأنها مسؤولة عن "إدخال مجموعات إلى منطقة الاعتصام وعدد من المواقع الأخرى، وقامت بدعوات مبرمجة لتصعيد الأحداث من إطلاق للنيران وفلتان أمني والتحرش والاحتكاك بالمواطنين والقوات النظامية".

وبحسب المصادر الدبلوماسية المصرية، فإن "القاهرة ستعمل بكل ما أوتيت من قوة لتعطيل نقل السلطة إلى المدنيين أو إجراء انتخابات قريبة في السودان، خشية أن تسفر عن نجاح القوى الإسلامية وهو ما يقلق السيسي والإمارات والسعودية بشدة، كما أن السيسي ليس مستعداً للتعامل مع الأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية. بالتالي فإن الخيار الأمثل للسيسي هو استمرار المجلس العسكري لفترة أطول ريثما تظهر شخصية أو أكثر يمكن لمصر وحلفائها التعامل معها".

في هذا السياق؛ كشفت المصادر أن "وزير الخارجية المصري سامح شكري أجرى مطلع الأسبوع الحالي اتصالاً بنظيريه الجنوب أفريقية لينديوي سيسولو والرواندية لويز موشيكيوابو. والدولتان تشكّلان مع مصر ترويكا الاتحاد الأفريقي، وذلك لجس نبضهما تمهيداً لممارسة ضغوط جديدة على مفوضية الاتحاد لتمديد الفترة الانتقالية بعد انقضاء الأشهر الثلاثة المحددة، والتي كانت في الأصل 15 يوماً ثم زادت بناء على اتفاق الترويكا مع المفوضية في اجتماع القاهرة الذي انعقد 23 إبريل/ نيسان الماضي". وسبق أن ذكرت مصادر أخرى في تصريحات لـ"العربي الجديد" قبل الاجتماع أن "السيسي ووزير خارجيته سامح شكري بذلا مجهوداً كبيراً لإقناع رئيس المفوضية وحكومات مؤثرة في الاتحاد، على رأسها إثيوبيا بضرورة عدم تعليق عضوية السودان".
المساهمون