رغم إعلان النظام السوري، ظهر اليوم الأربعاء، عن بدء "تطبيق نظام التهدئة"، في كافة المناطق السورية، لمدة 72 ساعة، تنتهي بعد غد الجمعة عند الثانية عشرة ليلاً، واصلت قواته والطائرات الحربية الروسية، اليوم، استهداف مناطق تسيطر عليها المعارضة، وذلك بعد سقوط قتلى وجرحى في حلب صباحاً، بقصفٍ مدفعي، فيما تعرّضت مناطق أخرى في المحافظة لهجماتٍ جوية.
ونشرت وكالة النظام "سانا"، عند الثانية عشرة والنصف من ظهر اليوم، خبراً مقتضباً، نسبته إلى "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة"، بأنه "يُطبق نظام التهدئة في جميع أراضي الجمهورية العربية السورية لمدة 72 ساعة، اعتباراً من الساعة الواحدة يوم 6 يوليو/تموز، ولغاية الساعة 24 يوم 8 يوليو/تموز".
وهذه المرة الأولى التي يُعلن فيها النظام، من جهته، عن "نظام تهدئة" في سورية، إذ إن هذه الهدن المؤقتة، والتي تُطبق في مناطق جغرافية محددة، كان الإعلان عنها يخرج من قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، والتي يدير منها الجيش الروسي عملياته العسكرية في سورية، وغالباً ما كان يُرتب لها بتنسيق روسي- أميركي.
واللافت في هذا التطور أن "نظام التهدئة" الذي أُعلن عنه اليوم، بحسب إعلان "سانا"، يشمل "كافة" الأراضي السورية، على عكس ما درجت عليه الهدن في السابق، والتي كانت تقتصر على مناطق محددة بعينها. ويبدو أن النظام أراد من خلال ذلك الإيحاء بأنه ما زال يمتلك زمام الأمور في كافة المحافظات السورية، والتي فقد منها مساحات واسعة تُقدر بثلثي البلاد.
وعلق عضو الأمانة العامة في "المجلس الوطني السوري"، عبد الرحمن الحاج، على ذلك بالقول إن "هدف النظام الأبرز من إعلان ما يسمى بنظام التهدئة اليوم، هو إعطاء انطباع بأنه يملك التحكم في قرارات التصعيد والتهدئة في البلاد، وبأنه صاحب القرار، لكن في النهاية ما قاله ليس إلا بروباغندا ترويجية، ولا قيمة لإعلانه نظام التهدئة، كونه لن يلتزم كما لم يلتزم في السابق بوقف قصف المدنيين".
ويضيف الحاج، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن النظام أيضاً "يريد ترك انطباع بأنه يقف مع الشعب السوري في المناسبات والأعياد، وهو نفسه (أي النظام) الذي أوصل البلاد إلى هذه الحالة، وأوقع السوريين في كل هذه النكبات، بعدما صار يعتبر أن غالبية الشعب من الإرهابيين"، مشيراً إلى أن "رسالة النظام من إعلان التهدئة التي لن تغير شيئاً على الأرض، هي خارجية بالدرجة الأولى".
وكانت الهدنة الأبرز في سورية، منذ سنة 2011، أُعلنت بقرار مجلس الأمن 2268، وبدأت فجر السابع والعشرين من فبراير/شباط الماضي، وخرقتها قوات النظام منذ بدايتها في عدة مناطق، لكنها أصبحت بالغة الهشاشة بعد ذلك بأسابيع، إلى حين أعلن، للمرة الأولى من الجانب الروسي، ما بات يُعرف بـ"نظام التهدئة"، في التاسع والعشرين من أبريل/نيسان، وشمل حينها مناطق شمالي اللاذقية وريف دمشق، لفترات متراوحة بين 48 و72، وأعلن عن هذه التهدئات الجزئية في مناطق جغرافية بعينها عدة مرات لاحقاً، بما في ذلك محافظة حلب.
وتواصل قصف قوات النظام، اليوم، مناطق مختلفة تسيطر عليها المعارضة السورية، إذ أدى ذلك إلى سقوط قتلى وجرحى في محافظة حلب، والتي تعرضت كذلك لعدة هجمات جوية.
وقالت مصادر محلية هناك، لـ"العربي الجديد"، إن "عدد قتلى القصف المدفعي الذي استهدف حي المشهد، صباح اليوم، ارتفع إلى ثلاثة مدنيين، فيما أصيب نحو ثلاثين آخرين"، وجاء هذا الاستهداف بالتزامن مع "إقامة صلاة عيد الفطر في مساجد حلب".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الهجمات الجوية طاولت اليوم، فضلاً عن حي المشهد الذي سقط فيه ضحايا، مناطق أخرى في المدينة، أبرزها حيا الأشرفية وبني زيد، وطريق الكاستيلو الاستراتيجي، الذي يُعتبر المنفذ الوحيد الرابط بين مناطق سيطرة المعارضة السورية في المدينة وريفها.
كما استهدف القصف الجوي بالبراميل، منطقة الملاح، شمالي حلب، وبلدة العيس بريف المحافظة الجنوبي، والذي كان تعرض ليلاً لقصف مدفعي استهدف مناطق خلصة، وزيتان، وخام طومان، والقراصي وغيرها.
وعلى خلاف الوضع في حلب، وحتى ظهر هذا اليوم، عاشت مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وشمال اللاذقية، وفي ريفي حماة وحمص الشماليين، وكذلك ريف دمشق ومناطق درعا، هدوءاً نسبياً حذراً، قياساً بالأيام السابقة.
وينسحب المشهد ذاته على المناطق التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية في شمال وشمال شرق البلاد.
وفيما يخص مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، فإن المعلومات الواردة منها تشير إلى أنها تعيش، كذلك اليوم، هدوءاً نسبياً. لكن المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي"، محمد السباعي، قال لـ"العربي الجديد" إن "اشتباكات تدور، منذ صباح اليوم، بين قوات النظام وتنظيم "داعش" في منطقة أبو العلايا، في ناحية جب الجراح" في ريف حمص الشرقي.