سجل عصر يوم أمس الجمعة، تطوراً نوعياً في معركة حلب، حين تمكنت فصائل المعارضة المسلحة من السيطرة على كلية المدفعية جنوبي حلب. وأعلنت المعارضة المسلحة سيطرتها على كليتي البيانات والتسليح ومبنى الضباط ومستودع للأسلحة داخل سور كلية المدفعية الخاضعة لسيطرة قوات النظام في منطقة الراموسة، وذلك ضمن المرحلة الثالثة لمعركة كسر حصار حلب. وقال مصدر عسكري، من جيش الفتح، لـ"العربي الجديد"، إن "المعارك لن تتوقف حتى فك الحصار عن المدنيين، بالرغم من كثافة القصف الجوي الروسي الذي ساهم بإيقاف المعارك في الأيام السابقة". وتواصلت عمليات الكر والفر بين قوات المعارضة وقوات النظام السوري جنوب مدينة حلب، في الوقت الذي تسعى فيه المعارضة لمواصلة تقدّمها بهدف السيطرة على منطقة الراموسة بالكامل، لتفك بذلك الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري على مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب منذ سيطرة النظام على طريق الكاستيلو منتصف الشهر الماضي، وهو الطريق الذي كان يُعدّ آخر شريان حياة مفتوح لمناطق سيطرة المعارضة السورية في مدينة حلب.
وبالتوازي مع الاشتباكات المستمرة بين قوات النظام والمعارضة التي تحاول التقدّم جنوب حلب لفك الحصار الذي تفرضه قوات النظام على القسم الشرقي من المدينة، واصلت الطائرات الحربية والمروحية التابعة للنظام شن غارات جوية، واستهدف الطيران المروحي التابع لقوات النظام بعشرات البراميل المتفجرة مناطق الراشدين الخامسة ومحيط مدرسة الحكمة والتلال الواقعة جنوبها، وهي مناطق سيطرت عليها المعارضة أخيراً جنوب غرب مدينة حلب.
وتمكّنت قوات النظام عصر أمس من استعادة السيطرة للمرة الثانية خلال أقل من أربعة أيام على منطقة الجمعيات وقرية العامرية جنوب حلب، بحسب مصادر المعارضة، وذلك إثر قصف روسي عنيف على المنطقتين أجبر قوات المعارضة على التراجع لتجنّب الخسائر البشرية الكبيرة. لكن هذا التراجع قد تتبعه عملية هجوم لاستعادة هاتين المنطقتين كما حصل يوم الأربعاء الماضي، بعد تراجع قوات المعارضة عن نقاط مهمة جنوب حلب قبل أن تستعيدها مساء مع تراجع وتيرة القصف الجوي.
وسقط عشرات المدنيين قتلى في مدينة حلب إثر غارات جوية نفذتها الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري والجيش الروسي على الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب. وقال الناشط الإعلامي حسن الحلبي في حديث مع "العربي الجديد"، إن عشرة مدنيين بينهم خمسة أطفال جميعهم إخوة تراوح أعمارهم بين أربع وتسع سنوات، قضوا صباح أمس نتيجة غارة جوية يُعتقد أن طائرة روسية نفذتها على مبنى سكني في حي المرجة شرق مدينة حلب. وأضاف الحلبي أن أربعة مدنيين من عائلة واحدة قُتلوا أيضاً أمس إثر غارة جوية نفذتها طائرة حربية يُعتقد أنها روسية على مبنى سكني كانت العائلة تقطنه في الصالحين بالقسم الشرقي من مدينة حلب. كما فقد ستة مدنيين حياتهم وأصيب عشرة آخرون بجراح نتيجة سقوط برميل متفجر ألقته مروحية تابعة للنظام على مبنى سكني كانوا يقطنونه في حي طريق الباب شمال شرق حلب.
كذلك ألقت مروحيات النظام برميلاً متفجراً على شارع سكني في حي المشهد ليؤدي انفجاره إلى أضرار مادية كبيرة من دون سقوط ضحايا بحسب مصادر الدفاع المدني في حلب. وكان أربعة مدنيين قد قضوا مساء الخميس نتيجة إلقاء مروحية تابعة للنظام برميلاً متفجراً على قرية عويجل في ريف حلب الغربي بحسب مصادر طبية في المنطقة.
وبالتوازي مع الاشتباكات وعمليات القصف المستمرة، تتواصل المعاناة اليومية لسكان مناطق سيطرة المعارضة السورية في مدينة حلب، والتي تحاصرها قوات النظام، إذ باتت آثار الحصار تظهر بقوة مع صعوبة الحصول على المواد الغذائية والارتفاع الكبير بأسعار المتوفر منها، كما أن انقطاع المحروقات أدى إلى توقف معظم مولدات الكهرباء عن العمل ما زاد من صعوبة ظروف السكان المحاصرين، والذين بات أملهم محصوراً بنجاح قوات المعارضة في فك الحصار عنهم.