النظام السوري وروسيا يبيدان إدلب والغوطة: ثمن رفض الركوع

06 فبراير 2018
عشرات الإصابات بين المدنيين جراء الغارات على إدلب(خلف جمعة/الأناضول)
+ الخط -
فيما عاشت محافظة إدلب خلال 24 ساعة الماضية، يوماً جديداً دامياً، جراء القصف الجوي المكثف من الطيران الروسي، فإن طيران النظام ارتكب مجازر جديدة أمس في الغوطة الشرقية لدمشق. وكان لافتاً أن الهجمات الجوية الروسية التي أسقطت قتلى وجرحى مدنيين في إدلب، عادت لتقصف المستشفيات الهامة والحيوية في هذه المحافظة، إذ خرج المستشفى الجراحي التخصصي في مدينة كفرنبل، أمس الإثنين، عن الخدمة جراء استهدافه بالغارات. كما توقف جزئياً عمل المستشفى الوطني في معرة النعمان جنوبي المحافظة جراء تضرره بالغارات التي استهدفته، مساء الأحد، بالتزامن مع توثيق "الدفاع المدني السوري" لـ12 حالة اختناق، بقصف مروحيات النظام براميل متفجرة تحمل "الكلور" على سراقب شرقي محافظة إدلب، التي تئن هذه الأيام. ويتزامن التصعيد مع سلسلة تطورات عسكرية وسياسية، ومع عودة الحديث عن استئناف تنفيذ مخرجات اتفاقيات "أستانة"، واعتزام الجيش التركي استكمال إنشائه لـ12 نقطة مراقبة، بعد تجاوز "سوء اتصالات وخلافات" شابت العملية الأسبوع الماضي.
ومنذ صباح، أمس الإثنين، وبعد ليلةٍ دامية في مدن وبلداتٍ بمحافظة إدلب، واصل الطيران الروسي، منذ صباح الإثنين، شنّ غاراته على المحافظة، إذ طاولت الغارات مناطق حيش وكفرسجنة وخان شيخون جنوباً، بينما استهدفت الهجمات أيضاً المستشفى التخصصي الجراحي بمدينة كفرنبل، بحسب ما أكدت مصادر محلية في المحافظة لـ"العربي الجديد"، بينها "مركز إدلب الإعلامي". وتحدث المركز عن "غارات جوية لطيران الاحتلال الروسي بصواريخ شديدة الانفجار تستهدف بشكل مباشر مستشفى كفرنبل الجراحي بريف إدلب الجنوبي".

وكان الدفاع المدني السوري، أكد مساء الأحد، أن "الطيران الحربي الروسي قصف بغارتين الأحياء السكنية في مدينة إدلب، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين من عائلة واحدة، وإصابة أكثر من عشرين مدنياً بجروح بينهم حالات خطرة، ما يرجح ارتفاع حصيلة القتلى، مضيفاً أن قصفاً مماثلاً أدى لمقتل ستة مدنيين في مدينة كفرنبل. وبالإضافة لقصف مروحيات النظام براميل متفجرة تحمل مادة "الكلور" على مدينة سراقب مساء الأحد، وهو ما أدى بحسب توثيق "الدفاع المدني السوري"، لـ" إصابة 12 مدنياً بحالات اختناق"، فقد استهدفت غارات روسية بالتزامن المستشفى الوطني في مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، وهو ما أخرج المستشفى جزئياً عن العمل نتيجة تضرره. كما أكدت مصادر محلية أن القصف أصاب "قسم حواضن للأطفال الرضع والخدج".

من جانبه، أكد وزير الصحة في "الحكومة السورية المؤقتة" فراس الجندي، في حديث مع "العربي الجديد"، خروج المستشفى في كفرنبل بشكل كامل عن العمل نتيجة الاستهداف الثاني له، مشيراً إلى أن الكادر الطبي نقل المرضى واحتمى بالطابق الأدنى من البناء عند بداية القصف.

وقال الجندي، إن الأوضاع سيئة بشكل لا يوصف نتيجة الحملة العسكرية الشرسة التي يشنها الطيران الروسي على مدن وبلدات محافظة إدلب، مضيفاً أن "النظام والروس يحاولون تهجير الأهالي وإفراغ إدلب من أهلها عبر ضرب البنى التحتية، خصوصاً المستشفيات، لإفقاد الثورة حاضنتها الشعبية عبر الضغط عليها". لافتاً إلى أن "هناك نحو 10 مستشفيات تم استهدافها في الفترة القريبة الماضية"، مطالباً "المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة"، بضرورة اتخاذ "مواقف صارمة توقف الانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين".

بدوره، طالب "الائتلاف الوطني السوري" في بيانٍ له، أمس الإثنين، مجلس الأمن الدولي بالتحرك الفوري لوقف "جرائم الحرب والإبادة التي يمارسها نظام الأسد وروسيا بحق الشعب السوري". وفنّد بيان الائتلاف الذي وصل لـ"العربي الجديد" نسخة منه، الهجمات التي تعرضت لها محافظة إدلب خلال الـ24 ساعة الماضية، مؤكداً أن "الطائرات الروسية نفذت أكثر من 40 غارة على مدن وبلدات معرة النعمان وكفرنبل ومورك ومعردبسة والغدفة والتح وتحتايا ومعصران وجرجناز وخان شيخون وكفرزيتا وأم الخلاخيل وسراقب بريف إدلب، كما قصفت طائرات النظام مناطق في مدينة سراقب بغاز الكلور السام في خرق جديد ومتكرر لقرارات مجلس الأمن".

وتأتي حملة القصف الجوي الكثيفة هذه، غداة هدوءٍ نسبي في المعارك الدائرة شرقي المحافظة، بعد أن أحرزت قوات النظام تقدماً كبيراً فيها، وواصلت زحفها من شرقي مطار ثم بلدة أبو الظهور، نحو مدينة سراقب، وبعد يومٍ واحد من تشكيل مجموعة فصائل لغرفة عمليات "رد الغزاة"، التي أرجعت قوات النظام عن تسع قرى شرقي سراقي وغربي أبو الظهور، أبرزها تل السلطان، وتل سيرياتيل، وقرى المشيرفة ومسعدة وباريسا.

كما أن حملة الغارات العنيفة هذه، والتي تستمر منذ أسابيع، وكانت استعرت مع فتح قوات النظام ومليشيات تسانده لمعركة الزحف نحو مطار أبو الظهور، تصاعدت وتيرتها خلال اليومين الماضيين، غداة إسقاط طائرة "سو-25" السبت، ومقتل قائدها الروسي، وهي الحادثة الأولى التي يتم فيها إسقاط طائرة حربية روسية بصاروخٍ حراري في إدلب منذ وصول سرب الطائرات الحربية الروسية لـ"حميميم" في سبتمبر/أيلول 2015.

في هذا السياق، اعتبر المتحدث باسم "الكرملين"، ديمتري بيسكوف، أمس الإثنين، أنه من المبكر الحديث عن الجهة التي أمّنت وصول مضادات الطيران التي أسقطت الطائرة الحربية الروسية قبل ثلاثة أيام في إدلب، قائلاً إن "وصول صواريخ كهذه إلى يد إرهابيين أمر مقلق للغاية".

من جهة أخرى، دخل ظهر أمس الإثنين، رتل عسكري من الجيش التركي إلى مدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي آتياً من بوابة كفرلوسين على الحدود السورية التركية، إذ توجه لاحقاً لتلة العيس بريف حلب الجنوبي، وباشر بإنشاء "نقطة مراقبة" هناك. وكان هذا الأمر تعثر الأسبوع الماضي، بعد تفجيرٍ استهدف رتلاً مماثلاً عسكرياً دفعه للانسحاب مجدداً من منطقة العيس.

لكن تصريحات رسمية تركية صدرت خلال اليومين الماضيين، تحدثت عن أن الجيش التركي سيواصل تحركه شمال غربي سورية لإنشاء 12 نقاط مراقبة. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، إن بلاده تعمل على استكمال إقامة 12 مركز مراقبة تم الاتفاق عليها ضمن اتفاقيات "خفض التصعيد" في العاصمة الكازاخستانية أستانة، مؤكداً أن "خلافات" و"سوء اتصال" شاب العملية في الفترة الماضية"، و"لكن أعتقد أننا تجاوزنا ذلك الآن".
وبحسب خرائط أستانة غير الرسمية، والتي تم تسريبها لوسائل إعلام قبل أشهر، فإن محافظة إدلب تم تقسيمها إلى ثلاث مناطق، الأولى شرق سكة قطار حلب-دمشق، والثانية غرب السكة حتى أوتستراد حلب –دمشق الدولي، والثالثة غرب هذا الأوتستراد، على أن تكون الأولى تحت الحماية الروسية وقد سيطرت عليها قوات النظام فعلاً بغطاء جوي روسي، والثانية ستكون منزوعة السلاح الثقيل، وتدار من قوى محلية (مجالس محلية وشرطة تتبع للمعارضة)، والثالثة توكل إلى تركيا لحمايتها وتنظيم شؤون إدارتها.


تجدد المجازر بالغوطة الشرقية


في غضون ذلك، قتل 25 مدنياً على الأقل بينهم عنصر من الدفاع المدني السوري، وجرح العشرات، ظهر أمس الإثنين، جراء قصف جوي من النظام السوري على الأحياء السكنية والأسواق الشعبية في مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق.
وقال مصدر من الدفاع المدني السوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن طيران النظام الحربي قصف الأحياء السكنية في مدينة عربين بالغوطة الشرقية بأكثر من خمس عشرة غارة ألقي خلالها صواريخ فراغية، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة عشرة على الأقل. كما قتل تسعة مدنيين بقصف مماثل استهدف السوق الشعبية في بلدة بيت سوى بخمسة صواريخ دفعة واحدة، وأسفر الهجوم أيضاً عن جرح أكثر من ثلاثين شخصاً.
وأوضح المصدر أن طيران النظام عاود استهداف مدينة عربين بالصواريخ خلال عملية انتشال الجرحى ما أسفر عن مقتل قائد مركز "الدفاع المدني في عربين" محمود حمورية أثناء عمله مع عناصر الدفاع المدني على إسعاف الجرحى في المدينة.
وطاول القصف الجوي الأحياء السكنية في بلدة حزة التي قتل فيها بحسب "الدفاع المدني السوري" ستة أشخاصٍ نتيجة الغارات، كما قتل أربعة مدنيين بغارة استهدفت مدينة زملكا، فيما أسفرت هجمات مماثلة عن سقوط جرحى في مدينة دوما وفي مدينة حرستا ومدينة حمورية.