تعرضت مواقع لقوات النظام السوري في ريف دمشق فجر أمس الثلاثاء لقصف من طائرات إسرائيلية، اقتصرت أضراره على الماديات، وفق زعم النظام، في حين واصلت قوات النظام وتنظيم "داعش" التقدم بشكل متزامن في ريفي حماة وإدلب، على وقع ضربات الطيران الروسي الذي حصد أرواح مدنيين في أنحاء مختلفة من البلاد.
وقالت مصادر محلية إن طائرات إسرائيلية استهدفت بأربعة صواريخ من الأجواء اللبنانية مواقع تابعة إلى "اللواء 155" ومحيطه، في منطقة القطيفة بريف دمشق الشمالي، موضحة أن الصواريخ استهدفت مستودعات لصواريخ "سكود" في اللواء الذي يضم أيضاً مخازن تابعة إلى "حزب الله" اللبناني. إلا أن "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة"، التابعة للنظام السوري، نفت، في بيان، وقوع أضرار، مشيرة إلى أن الطيران الإسرائيلي "قام فجر اليوم (أمس) بإطلاق عدة صواريخ من فوق الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة القطيفة بريف دمشق وتصدت لها وسائط دفاعنا الجوي وأصابت إحدى الطائرات". وزعمت القيادة، في بيانها، أنها تصدت لقصف إسرائيلي بصاروخي أرض - أرض من منطقة الجولان المحتلة، وتصدت لطيران أطلق أربعة صواريخ من منطقة طبريا. وفي حين رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على الأمر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، متحدثاً إلى سفراء دول حلف شمال الأطلسي في إسرائيل، إن السياسات لم تتغير. وأضاف "لدينا سياسة عتيدة بمنع نقل الأسلحة الحاسمة إلى حزب الله من الأراضي السورية. هذه السياسة لم تتغير، وندعمها بالفعل إذا اقتضت الضرورة". يشار إلى أن "اللواء 155" يحتوي على قواعد إطلاق صواريخ بعيدة المدى يستهدف من خلالها النظام الغوطة الشرقية ومناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال السوري. وتعرض "اللواء 155" والعديد من مواقع النظام السوري و"حزب الله" في محيط دمشق أخيراً لغارات من الطيران الإسرائيلي أسفرت عن خسائر بشرية ومادية.
وفي محيط دمشق أيضاً، وبالرغم من ادعاءات قوات النظام فك الحصار عن ثكنة إدارة المركبات في حرستا شرق دمشق، إلا أن المعارك لا تزال مستمرة بشكل عنيف هناك، بين قوات النظام التي تحاول فك الحصار عن الثكنة ومقاتلي غرفة عمليات "بأنهم ظلموا" المعارضة، وذلك بالتزامن مع استمرار حملة التصعيد ضد مدن وبلدات الغوطة الشرقية، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم أطفال ونساء بحسب ما أفادت به مصادر من الدفاع المدني "العربي الجديد". وأوضحت المصادر أن قوات النظام والطيران الروسي، الذي يؤمن لها غطاء جوياً، لا يزالان يتبعان بشكل كبير سياسة الضغط على فصائل المعارضة المسلحة عبر استهداف المدنيين، وهي ذات الطريقة التي يستخدمونها مع المعارضة السياسية من أجل إجبارها على اتخاذ بعض المواقف أو الموافقة على المشاركة ببعض المؤتمرات.
وفي شمال البلاد، تتقاطع مصالح قوات النظام، المدعومة روسياً، مع مصالح تنظيم "داعش"، الذي استغل تراجع "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة أمام قوات النظام ليشن هجمات سيطر خلالها على عدة قرى كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة، من دون أي إعاقة لتحركات "داعش" من قبل قوات النظام والطيران الروسي الذي يستهدف المدنيين في محافظة إدلب. هذا الأمر يرجح سعي الروس والنظام للإبقاء على جيوب لـ"داعش" في مناطق في ريف حماة الشمالي والشرقي وريف إدلب الجنوبي لأسباب سياسية ولتبرير عملياتهم في المستقبل ضد المعارضة، بحجة وجود تنظيم "داعش" الذي يستخدمه النظام والروس كأداة لتبرير الحرب على المعارضة في شمال سورية، وهو الأمر الذي تعارضه تركيا وتعتبره خروجاً على اتفاقات "خفض التصعيد"، التي تضمنها كل من روسيا وإيران من طرف النظام وتركيا من طرف المعارضة. وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، أمس، أن استهداف النظام السوري للمعارضة المعتدلة يقوض عملية السلام. وقال إنه "تحت غطاء مكافحة جبهة النصرة، قوات النظام تستهدف أيضاً المقاتلين المعتدلين" في محافظة إدلب. وأضاف، رداً على سؤال حول هجوم قوات النظام السوري بدعم جوي من روسيا على ريف إدلب الجنوبي الشرقي، "مثل هذا الموقف يمكن أن يقوض عملية التسوية السياسية" للنزاع.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن الطيران الحربي الروسي شن غارة جوية على منازل في محيط مركز الدفاع المدني ببلدة جزرايا في ريف حلب الجنوبي شمال البلاد، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين، كما قصف منازل المدنيين في بلدة أبو الظهور وقرية الجديدة المحاذية لها في ريف إدلب الشرقي، ما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين، بينهم ثلاث نساء، كما طاول القصف مناطق أخرى في ريف إدلب. وفي سياق متصل، تحدثت مصادر محلية عن سيطرة قوات النظام على قرى العوجة، والحردانة، وحرملة، وريده، وتل العوجة، وكراتين صغيرة، وكراتين كبيرة، وربيعة برنان، وأم مويلات شمالية، وأم ميال، ورسم حميدي، وسروج، واسطبلات، بعد اشتباكات مع "هيئة تحرير الشام" في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن تنظيم "داعش" شن هجوماً على مواقع "هيئة تحرير الشام" في ناحية الحمراء شمال شرق محافظة حماة، مستغلاً انشغال الأخير بقتال النظام في ناحيتي سنجار والرهجان ومناطق في ريف إدلب الجنوبي والشرقي. وأوضحت المصادر أن مقاتلي التنظيم تمكنوا من السيطرة على قرى قصر بن وردان، وعبلة، وعب القناة، وجب الصفا، وتل الحلاوة، ورسم التينة، وتليل الحمر، ومداحي، ورسم العنز، إثر الهجوم على ناحية الحمراء شمال شرق حماة. كما سيطر التنظيم أيضاً على قرى جب العثمان وجب الرمان ومسعدة وطرفاوي المتاخمة لريف إدلب الجنوبي، بعد معارك مع "هيئة تحرير الشام"، وفق المصادر.