ويترقب الخبراء والمؤسسات الرسمية، توقعات المندوبية حول أداء الاقتصاد، وتثير الكثير من الجدل حول بياناتها، التي لا تروق للحكومة، غير أن الجميع يتبناها، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية.
وقد توقع "المندوب السامي" في التخطيط، أحمد الحليمي، في مؤتمر صحافي أمس بالرباط حول الوضع الاقتصادي في 2017 وتوقعات 2018، أن ينحصر معدل النمو في العام الحالي في حدود 2.8%، بينما تراهن الحكومة على معدل في حدود 3.2%.
وسيأتي معدل النمو في العام الحالي دون المستوى المسجل في العام الماضي، الذي وصل فيه، حسب المندوبية، إلى 4%، مدفوعاً بأداء القطاع الزراعي، الذي من تجلياته محصول الحبوب الذي بلغ 96 مليون قنطار.
وذهب الحليمي إلى أنه بسبب تأخر التساقطات المطرية في الموسم الحالي، ستشهد القيمة المضافة الزراعية انخفاضاً بنسبة 1.3%، بعدما ارتفعت في العام الماضي بنسبة 13.1%.
ويتصور الحليمي أنه يتوجب رفع حجم الاستثمارات التي يستفيد منها القطاع الزراعي، لتحقيق الأمن الغذائي، وتطوير قطاع الصناعة الغذائية، بما يتيح تنوع النسيج الإنتاجي الوطني وتحسين تنافسيته.
ويرى أن الزراعة تبقى حاسمةً في تحديد اتجاه نمو الاقتصاد المغربي، في ظل تباطؤ نمو القطاع غير الزراعي، الذي ينتظر أن يستقر في حدود 2.9%، مقابل 2.8 % في العام الماضي.
ويرى الحليمي أن الفوسفات ومشتقاته والسياحة، استفادت في العام الماضي، من ارتفاع الطلب العالمي، بينما تعثرت قطاعات مهمة مثل الصلب والبناء والأشغال العمومية وخدمات التربية والصحة.
ويشدد على أن القطاع غير الزراعي، تهيمن عليه الأنشطة الكلاسيكية، رغم الصعود الهامشي، لقطاعات مثل تلك التي تهم السيارات والطيران، التي يرى أن قيمتها المضافة مازالت ضعيفة.
وعندما يتناول المندوب السامي، الإنتاج المحلي، يشدد على أنه يفترض في المغرب، أن يوفر ما يكفي منه، من أجل تلبية الطلب والحدّ من اللجوء للاستيراد، الذي يفضي إلى تدهور عجز الميزان التجاري، ولكن حسب خبراء المندوبية، فإن عجز الميزان التجاري، سيواصل تدهوره، بما لذلك من تأثير على الحساب الجاري للمملكة.
غير أن نمو الاقتصاد سيستفيد، كذلك، من الطلب الخارجي، الناجم عن الانتعاش الاقتصادي الذي تعرفه بلدان، يراهن عليها المغرب، وهو ذات الرأي الذي سبق أن عبر عنه البنك المركزي للمملكة.
ولا ينتظر أن تتراجع مساهمة الطلب الداخلي في المغرب في النمو الاقتصادي المتوقع، وهو طلب أسعف الاقتصاد كثيراً في الأعوام الأخيرة، سواء أتى من الأسر أو الدولة نفسها عبر استثماراتها.
غير أن الحليمي، يلاحظ أنه إذا كان الاستثمار العمومي من بين الأعلى في العالم بنسبة 33% من الناتج الداخلي الخام، إلا أن مردوديته دون المجهود المبذول من قبل الدولة.
من جهته قال عياش خلاف، مدير التوقعات والاستشراف بالمندوبية أن أداء الاقتصاد في العام الحالي متواضعٌ، من أجل محاصرة البطالة، التي ينتظر أن تصل إلى 10.5%.
ويرى خلاف خلال المؤتمر الصحافي ذاته أن مستوى البطالة مرتفع قياساً إلى النمو الاقتصادي المتواضع المرتقب في العام الحالي، حيث لن يساهم في إتاحة فرص عمل للوافدين الجدد الذين يوجدون في سن النشاط.
وأكد خلاف على أن السوق يستقبل في كل عام حوالى 200 ألف شخص جديد في سن النشاط، ما يغذي عدد العاطلين في سياق عدم استقرار معدل النمو الاقتصادي.
ولاحظ المندوب السامي، أن خريجي التكوين الفني يجدون صعوبات أكثر في الحصول على فرص عمل، حيث يصل معدل البطالة بينهم إلى 24.5%، مقابل 16% بين خريجي التعليم العام.
ويعتقد أنه يتوجب إعادة النظر في نظام التعليم، من أجل إتاحة ملاءمة التكوين، مع التحولات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، في ظل زحف الروبوتات والذكاء الصناعي والرقمنة.