يتنقل محمود ولد حبيب بكرسيه المتحرك وسيارته الخاصة بين المنزل ومدارس أطفاله ومكتبه. فالرجل الذي يبلغ 37 عاماً، لا تمنعه إعاقته الحركية عن خوض ميدان العمل كوسيط عقاري. يعمل بنشاط، ويسابق زملاءه الأسوياء. ويعتمد كثيراً على سيارته، ويقودها باحتراف وحذر. ومنذ حصوله على رخصة القيادة قبل 8 سنوات، لم يرتكب سوى مخالفة واحدة بسبب ركن سيارته في مكان خاطئ، فقط لأنه لم يجد مكانا خالياً في الموقف المخصص للأشخاص المعوقين، بعد أن احتله غيرهم.
قيادة السيارة ليست رفاهية بالنسبة لولد حبيب وغيره من الأشخاص المعوقين. فهي ضرورية جداً من أجل تمكينهم من الاعتماد على أنفسهم، وتيسير تنقلهم، ودمجهم في المجتمع.
يصف محمود اللحظات الأولى التي قاد فيها سيارته بأنها انتصار على الإعاقة. ويقول لـ"العربي الجديد": "أحسست بأنّ الدنيا مختلفة وواسعة. يمكنني رؤيتها والتنقل أينما شئت بسرعة وبدون الاعتماد على الآخرين".
ويعتبر أنّ منح الأشخاص المعوقين هذه الفرصة يشكل نوعاً من الاهتمام بهم في سبيل دمجهم في الحياة العامة، خاصة أنّهم الأكثر حاجة لاستخدام السيارة وتعلم القيادة من غيرهم، كي يتمكنوا من مواصلة تعليمهم وعملهم وحياتهم الاجتماعية. ويشير إلى أنّ معظم وسائل المواصلات تفتقر للتطبيقات والمواصفات التي تتلاءم مع حاجة الأشخاص المعوقين.
على صعيد المجتمع، يعاني الأشخاص المعوقون، خاصة المعوقين ذهنياً، من التمييز ضدهم. فهؤلاء تتبرأ الأسر منهم، كما تهملهم السلطات، ولا تهتم بتعليمهم وعلاجهم وتنقلهم؛ ما يضفي واقعاً بائساً على حياتهم.
من جهته، يقول الباحث المهتم بشؤون الأشخاص المعوقين، محمد فاضل ولد الشيخ، إنّ حرمان الأشخاص المعوقين من المشاركة في الحياة العامة وتهميشهم، يشكل إعاقة جديدة لهم. ويتابع أنّ من المعوقين من يستطيعون تحمل المسؤوليات. كما أنّ بعضهم يمتلك "مواهب خارقة"، لكنهم جميعاً يعانون من نظرة المجتمع بأكثر مما يعانون من الإعاقة.
ويؤكد ولد الشيخ أنّ بعض الأسر ترفض دمج أبنائها المعوقين في المجتمع تجنبا لنظرة الشفقة، أو خوفا من استغلالهم، أو التعرض لمواقف محرجة. ويدعو المجتمع إلى تغيير موقفه من الأشخاص المعوقين. ويطالب الحكومة بدعم الجمعيات التي تهتم بالأشخاص المعوقين، وإجراء إحصاء شامل لهم، ووضع برامج تدريبية، وخلق فرص عمل، وإطلاق حملات للتوعية حول الإعاقة، ودمجهم في المجتمع.
بدورها، تطالب الجمعيات الحقوقية، بدعم الأشخاص المعوقين في سبيل دمجهم في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكذلك مساعدتهم في الزواج وتأسيس الأسرة، ما يساهم في تفعيل دور الشخص المعوق في المجتمع.
ويبدو أنّ الحكومة الموريتانية، استجابت لبعض هذه المطالب. فقد أعلنت أخيراً عن نيتها تعيين 100 شخص معوّق. وسيوزعون على ثلاثة اختصاصات هي: مراقبة العمل والتفتيش، والأرشفة والتوثيق، والتحليل البرمجي.
ومن أجل تعزيز دمجهم في المجتمع، قامت مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني بدفع أجور شهرية للآلاف من الأشخاص المعوقين الذين يتسولون في الشوارع. وفي إطار برنامج مكافحة التسول، يجري إيواء الأشخاص المعوقين الذين لا يملكون مساكن. كما تقدم لهم دورات تعليمية في الخياطة وغيرها. وتُدفع لهم أجور شهرية تتراوح ما بين 30 ألف أوقية (104 دولارات) للمتدربين و60 ألف أوقية (208 دولارات) لمن أنهوا تدريبهم. كذلك تستفيد فئة من الأشخاص المعوقين العاطلين عن العمل ممن لا يتلقون التدريب، من رواتب تصل إلى 22 ألف أوقية (75 دولاراً).
ويهدف البرنامج الجديد إلى تحسين نظرة المجتمع للشخص المعوق، ونفي تهمتي العجز والتسول عنه. وكذلك امتصاص ظاهرة التسول.
الألغام وانتشار الأمراض
قيادة السيارة ليست رفاهية بالنسبة لولد حبيب وغيره من الأشخاص المعوقين. فهي ضرورية جداً من أجل تمكينهم من الاعتماد على أنفسهم، وتيسير تنقلهم، ودمجهم في المجتمع.
يصف محمود اللحظات الأولى التي قاد فيها سيارته بأنها انتصار على الإعاقة. ويقول لـ"العربي الجديد": "أحسست بأنّ الدنيا مختلفة وواسعة. يمكنني رؤيتها والتنقل أينما شئت بسرعة وبدون الاعتماد على الآخرين".
ويعتبر أنّ منح الأشخاص المعوقين هذه الفرصة يشكل نوعاً من الاهتمام بهم في سبيل دمجهم في الحياة العامة، خاصة أنّهم الأكثر حاجة لاستخدام السيارة وتعلم القيادة من غيرهم، كي يتمكنوا من مواصلة تعليمهم وعملهم وحياتهم الاجتماعية. ويشير إلى أنّ معظم وسائل المواصلات تفتقر للتطبيقات والمواصفات التي تتلاءم مع حاجة الأشخاص المعوقين.
على صعيد المجتمع، يعاني الأشخاص المعوقون، خاصة المعوقين ذهنياً، من التمييز ضدهم. فهؤلاء تتبرأ الأسر منهم، كما تهملهم السلطات، ولا تهتم بتعليمهم وعلاجهم وتنقلهم؛ ما يضفي واقعاً بائساً على حياتهم.
من جهته، يقول الباحث المهتم بشؤون الأشخاص المعوقين، محمد فاضل ولد الشيخ، إنّ حرمان الأشخاص المعوقين من المشاركة في الحياة العامة وتهميشهم، يشكل إعاقة جديدة لهم. ويتابع أنّ من المعوقين من يستطيعون تحمل المسؤوليات. كما أنّ بعضهم يمتلك "مواهب خارقة"، لكنهم جميعاً يعانون من نظرة المجتمع بأكثر مما يعانون من الإعاقة.
ويؤكد ولد الشيخ أنّ بعض الأسر ترفض دمج أبنائها المعوقين في المجتمع تجنبا لنظرة الشفقة، أو خوفا من استغلالهم، أو التعرض لمواقف محرجة. ويدعو المجتمع إلى تغيير موقفه من الأشخاص المعوقين. ويطالب الحكومة بدعم الجمعيات التي تهتم بالأشخاص المعوقين، وإجراء إحصاء شامل لهم، ووضع برامج تدريبية، وخلق فرص عمل، وإطلاق حملات للتوعية حول الإعاقة، ودمجهم في المجتمع.
بدورها، تطالب الجمعيات الحقوقية، بدعم الأشخاص المعوقين في سبيل دمجهم في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكذلك مساعدتهم في الزواج وتأسيس الأسرة، ما يساهم في تفعيل دور الشخص المعوق في المجتمع.
ويبدو أنّ الحكومة الموريتانية، استجابت لبعض هذه المطالب. فقد أعلنت أخيراً عن نيتها تعيين 100 شخص معوّق. وسيوزعون على ثلاثة اختصاصات هي: مراقبة العمل والتفتيش، والأرشفة والتوثيق، والتحليل البرمجي.
ومن أجل تعزيز دمجهم في المجتمع، قامت مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني بدفع أجور شهرية للآلاف من الأشخاص المعوقين الذين يتسولون في الشوارع. وفي إطار برنامج مكافحة التسول، يجري إيواء الأشخاص المعوقين الذين لا يملكون مساكن. كما تقدم لهم دورات تعليمية في الخياطة وغيرها. وتُدفع لهم أجور شهرية تتراوح ما بين 30 ألف أوقية (104 دولارات) للمتدربين و60 ألف أوقية (208 دولارات) لمن أنهوا تدريبهم. كذلك تستفيد فئة من الأشخاص المعوقين العاطلين عن العمل ممن لا يتلقون التدريب، من رواتب تصل إلى 22 ألف أوقية (75 دولاراً).
ويهدف البرنامج الجديد إلى تحسين نظرة المجتمع للشخص المعوق، ونفي تهمتي العجز والتسول عنه. وكذلك امتصاص ظاهرة التسول.
الألغام وانتشار الأمراض
تشير الإحصاءات الرسمية الموريتانية إلى أنّ نسبة الأشخاص المعوقين تبلغ 11 في المائة من عدد السكان في موريتانيا. ويقول الباحث المهتم بشؤون المعوقين، محمد فاضل ولد الشيخ، إنّ العوامل الطبيعية والمناخية الخاصة بموريتانيا تساهم في تشكيل خريطة الإعاقة في البلاد. وأبرز أسباب الإعاقة تعود إلى الألغام، والملاريا، والرمد الحبيبي، الذي يرفع نسبة الإعاقة البصرية.