01 نوفمبر 2024
المسكوت عنه في إملاءات دول الحصار
مهمٌّ التأكيد أن مشاهد الحصار التي قامت بها السعودية والإمارات والبحرين على دولة قطر إنما تعبر عن تطور خطير، ضمن هذا الكتاب الذي يتعلق بصفقة القرن، ذلك أن صفحات، الحصار على قطر، وتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والاعتداء الإسرائيلي على غزة العزة، والمشروعات المزمع إقامتها على أراضي سيناء في إطارٍ قد يشمل تصفية القضية الفلسطينية، بما يعرف بالوطن البديل للفلسطينيين، صفحاتٌ من كتابٍ واحدٍ يتضمن إعادة تشكيل المنطقة، في إطار عملية فكٍّ وتركيبٍ ممنهجة، حتى أن بعضهم أسماها "سايكس بيكو الثانية". يبدو ذلك كله في سياقٍ يمكن للمشروع الصهيوني والغربي من خلال أدوات إقليمية تشكل انحيازاتها مشاريع للإسهام في إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية معينة، تخدم الكيان الصهيوني والمشروع الغربي.
تطورت المطالب إلى شكاوى ثم إلى إملاءات، وأطلقت عليها جهاتٌ رسميةٌ قطريةٌ ادعاءاتٍ لا تملك الدليل، ولا تستند إلى الحجة. وبدت الإملاءات تحكمها عملية وصائية خطيرة، تحاول فرض رؤيةٍ معينةٍ، لإدخال تلك الدولة في بيت الطاعة، حسب تلك الإملاءات التي يسميها إعلاميون "الحضن الخليجي"، وكأن هذا الحضن لا يكون إلا بترتيب حالة إذعانٍ كاملة لتلك الدول وقبول قطر تلك الإملاءات من ألفها إلى يائها.
وتمكّن نظرةٌ في خريطة تلك الإملاءات والإدعاءات من تحديد كيف أن هذه الطريقة التي
ابتدعتها دول الحصار، وقامت بأفعال أقصى ما يمكن أن تفعله فيما يسبق حالة الحرب، فقطعت العلاقات الدبلوماسية، وأطبقت حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً، وتعاملت مع حركة الأفراد والمقيمين بمنطق التعسّف الذي يقوم على حركة مفتعلة وإجبارية، تحدّد فيها خروج القطريين، وخروج رعايا الدول الثلاث في مشهدٍ شديد الإهانة، يعبر عن حالة اعتسافٍ داست على حقوق إنسانية كثيرة، وانتهكتها في الصميم، وأدت إلى نتائج شديدة الخطورة، فأحدثت شرخاً من الصعب أن يلتئم، خصوصاً أن تلك الدول لم تعتدْ على مثل هذا النمط من تأجيج الصراعات، بلغة أقصى السقف الذي قد يوصلها إلى حالٍ من إعلان الحرب.
ومن المهم، في هذا المقام، أن نجد تلك المطالب التي تصاغ في شكل ادعاءاتٍ لا تملك أدنى دليل، فيتم الحديث عن قوات للحرس الثوري الإيراني على أرض الدوحة، وهو أمر يعرف القاصي والداني أنها مجرّد اتهامات مرسلة، لم تثبت دول الحصار تلك أن هناك قوات فعلية للحرس الثوري الإيراني، إلا أن ذلك ضمن حملة افتراءات تتحرّك في إطار اتهاماتٍ باطلةٍ تحاول من خلالها تشويه صورة قطر، واتهامها بدعم الإرهاب، في محاولةٍ ليس فقط من باب التأييد والدعم، بل وكذلك تأجيج الشارع الخليجي، حينما يتحدّث عن علاقاتٍ بإيران، تصل إلى مستوى وجود قوات للحرس الثوري على أرضها. ومؤسفٌ أن تُصاغ هذه الادعاءات على هذا النحو، على الرغم من معرفة جهات متنفذة كثيرة أن ذلك افتراء واختلاق ليس له من أصل، وليس عليه من دليل.
وبشأن المطالبة بتحجيم العلاقات مع إيران وقطعها، مستثنية في ذلك العلاقات التجارية، نتحدّى دول الحصار أن تطالب دول الخليج كلها بقطع العلاقات التجارية المتبادلة مع إيران، وهو ما يعبر عن حالة انتقائية عجيبة وغريبة، في تمرير نوعٍ من العلاقات دون غيرها، وبينما تقوم دول الحصار بحصار اقتصادي شامل على دولة قطر، فإنما تمرّر العلاقات التجارية، نظراً إلى أن تجارة الإمارات الخارجية تشكل نسبة لا بأس بها، فلك أن تلحظ ذلك التناقض الغريب في هذا المطلب، إلا أن تكون تلك مطالب تفصيلاً على مقاس بعض الدول، ويطلب من قطر إملاءً بأن تشكل علاقاتها مع إيران، وفق ما تريد هذه الدول أو ترضى.
ولك أن تلحظ، أيضاً، وجود بندين عن العلاقات مع تركيا، خصوصاً العسكرية التي تحاول
دول الحصار أن تملي بشأنها أن يتم قطعها، مع إنهاء الوجود العسكري التركي، وإغلاق القاعدة التركية في قطر. وعجيب أن لا تتحدث تلك الدول إلا عن هذه القاعدة، بينما لا تتحدث عن القواعد الأخرى، أميركية أو فرنسية أو بريطانية. وفي حالة انتقائية مريبة، تجد هذه الدول إملاءً أن تقصي وجوداً عسكرياً بعينه، في انتقائيةٍ ظاهرة تجعل المطالب لا تتمتع بالمنطقية أو المعقولية.
تأتي بعد ذلك مطالب تتعلق بوسائل الإعلام، تحاول دول الحصار فيها أن تفرض خريطة إعلامها الخاص، فبينما مارست وسائل الإعلام، مثل قناتي العربية السعودية وسكاي نيوز الإماراتية، إعلاماً يقوم على الفبركة والافتراء، ركزت هذه الدول على شبكة الجزيرة استهدافاً مقصوداً. وضمن تصفية حساباتٍ إعلاميةٍ، اعتادت هذه الدول أن تكمم الأفواه، لا تعرف من معنى الحرية الإعلامية أي معنى أو أي قدر، على غير "الجزيرة" التي احتضنتها قطر. إنها سياسة إسكات الأصوات، أي صوتٍ يقوم على كشف الحقيقة أو مساندة إرادة الشعوب وأشواقها في عملية التغيير. هكذا تبدو تلك الإملاءات من دول الحصار، في جانبها الإعلامي، لتعبر عن الانتقائية نفسها، وتعبر عن انتفاء أي حجيّة، وهو أمر حدا بالمؤسسات الإعلامية العالمية، والمؤسسات التي تهتم بحرية التعبير، أن تستنكر هذا المطلب، وتصفه بالعبثية.
عندما مارست دول الحصار ذلك الحصار الظالم، ومن دون أي مقدماتٍ أو تمهيدٍ، فقد استيقظ الناس على تلك القرارات التي اتخذت ودبرت بليل، وما أحدثته من آثارٍ من الجانب الاقتصادي. ومع ذلك، تطالب هذه الدول ببجاحةٍ منقطعة النظير بتعويضاتٍ عمّا أصابها من أضرار، غير عابئة بالأضرار التي سببتها من جرّاء حصارها الظالم، وتعاملها في ما يتعلق بحركة الأفراد وحقوقهم في التنقل.
قمة هذا العبث في المهلة التي حدّدتها دول الحصار، للاستجابة للإملاءات، في اعتداء صريح على سيادة دولةٍ مستقلةٍ، تسير سياساتها بشكل مستقر فترة زمنية ليست قليلة، فكانت تلك الفرمانات التي أصدرها هؤلاء من إعطاء مهلة لانصياع دولة قطر عشرة أيام، إن فاتت فكأن الطلبات لم تقدم. هذا لعمري يعبر عن خلل في التفكير السياسي، يناهض تلك الدولة بعد حصارها بفرض إملاءات عليها، وكأنها خرجت للتو من هزيمة فادحة، أن دول الحصار التي ترى نفسها كأنها الدول المنتصرة، فتفرض شروطها على الدولة المهزومة من كل طريق، وتحدد المهل الزمنية بلا معقولية، وبلا أدنى تقدير.
تشير هذه الأمور إلى نوع من الممارسة العبثية السياسية التي لا تقوم على أصلٍ أو أساس أو على منطق أو برهان أو على أدلة وأسانيد، بل هي كومة من الافتراءات وفرمانات من الإملاءات، لا تعرف هذه الدول طريقاً لمعنى الحوار أو معنى الجوار أو معنى التفاوض من أي طريق.
تطورت المطالب إلى شكاوى ثم إلى إملاءات، وأطلقت عليها جهاتٌ رسميةٌ قطريةٌ ادعاءاتٍ لا تملك الدليل، ولا تستند إلى الحجة. وبدت الإملاءات تحكمها عملية وصائية خطيرة، تحاول فرض رؤيةٍ معينةٍ، لإدخال تلك الدولة في بيت الطاعة، حسب تلك الإملاءات التي يسميها إعلاميون "الحضن الخليجي"، وكأن هذا الحضن لا يكون إلا بترتيب حالة إذعانٍ كاملة لتلك الدول وقبول قطر تلك الإملاءات من ألفها إلى يائها.
وتمكّن نظرةٌ في خريطة تلك الإملاءات والإدعاءات من تحديد كيف أن هذه الطريقة التي
ومن المهم، في هذا المقام، أن نجد تلك المطالب التي تصاغ في شكل ادعاءاتٍ لا تملك أدنى دليل، فيتم الحديث عن قوات للحرس الثوري الإيراني على أرض الدوحة، وهو أمر يعرف القاصي والداني أنها مجرّد اتهامات مرسلة، لم تثبت دول الحصار تلك أن هناك قوات فعلية للحرس الثوري الإيراني، إلا أن ذلك ضمن حملة افتراءات تتحرّك في إطار اتهاماتٍ باطلةٍ تحاول من خلالها تشويه صورة قطر، واتهامها بدعم الإرهاب، في محاولةٍ ليس فقط من باب التأييد والدعم، بل وكذلك تأجيج الشارع الخليجي، حينما يتحدّث عن علاقاتٍ بإيران، تصل إلى مستوى وجود قوات للحرس الثوري على أرضها. ومؤسفٌ أن تُصاغ هذه الادعاءات على هذا النحو، على الرغم من معرفة جهات متنفذة كثيرة أن ذلك افتراء واختلاق ليس له من أصل، وليس عليه من دليل.
وبشأن المطالبة بتحجيم العلاقات مع إيران وقطعها، مستثنية في ذلك العلاقات التجارية، نتحدّى دول الحصار أن تطالب دول الخليج كلها بقطع العلاقات التجارية المتبادلة مع إيران، وهو ما يعبر عن حالة انتقائية عجيبة وغريبة، في تمرير نوعٍ من العلاقات دون غيرها، وبينما تقوم دول الحصار بحصار اقتصادي شامل على دولة قطر، فإنما تمرّر العلاقات التجارية، نظراً إلى أن تجارة الإمارات الخارجية تشكل نسبة لا بأس بها، فلك أن تلحظ ذلك التناقض الغريب في هذا المطلب، إلا أن تكون تلك مطالب تفصيلاً على مقاس بعض الدول، ويطلب من قطر إملاءً بأن تشكل علاقاتها مع إيران، وفق ما تريد هذه الدول أو ترضى.
ولك أن تلحظ، أيضاً، وجود بندين عن العلاقات مع تركيا، خصوصاً العسكرية التي تحاول
تأتي بعد ذلك مطالب تتعلق بوسائل الإعلام، تحاول دول الحصار فيها أن تفرض خريطة إعلامها الخاص، فبينما مارست وسائل الإعلام، مثل قناتي العربية السعودية وسكاي نيوز الإماراتية، إعلاماً يقوم على الفبركة والافتراء، ركزت هذه الدول على شبكة الجزيرة استهدافاً مقصوداً. وضمن تصفية حساباتٍ إعلاميةٍ، اعتادت هذه الدول أن تكمم الأفواه، لا تعرف من معنى الحرية الإعلامية أي معنى أو أي قدر، على غير "الجزيرة" التي احتضنتها قطر. إنها سياسة إسكات الأصوات، أي صوتٍ يقوم على كشف الحقيقة أو مساندة إرادة الشعوب وأشواقها في عملية التغيير. هكذا تبدو تلك الإملاءات من دول الحصار، في جانبها الإعلامي، لتعبر عن الانتقائية نفسها، وتعبر عن انتفاء أي حجيّة، وهو أمر حدا بالمؤسسات الإعلامية العالمية، والمؤسسات التي تهتم بحرية التعبير، أن تستنكر هذا المطلب، وتصفه بالعبثية.
عندما مارست دول الحصار ذلك الحصار الظالم، ومن دون أي مقدماتٍ أو تمهيدٍ، فقد استيقظ الناس على تلك القرارات التي اتخذت ودبرت بليل، وما أحدثته من آثارٍ من الجانب الاقتصادي. ومع ذلك، تطالب هذه الدول ببجاحةٍ منقطعة النظير بتعويضاتٍ عمّا أصابها من أضرار، غير عابئة بالأضرار التي سببتها من جرّاء حصارها الظالم، وتعاملها في ما يتعلق بحركة الأفراد وحقوقهم في التنقل.
قمة هذا العبث في المهلة التي حدّدتها دول الحصار، للاستجابة للإملاءات، في اعتداء صريح على سيادة دولةٍ مستقلةٍ، تسير سياساتها بشكل مستقر فترة زمنية ليست قليلة، فكانت تلك الفرمانات التي أصدرها هؤلاء من إعطاء مهلة لانصياع دولة قطر عشرة أيام، إن فاتت فكأن الطلبات لم تقدم. هذا لعمري يعبر عن خلل في التفكير السياسي، يناهض تلك الدولة بعد حصارها بفرض إملاءات عليها، وكأنها خرجت للتو من هزيمة فادحة، أن دول الحصار التي ترى نفسها كأنها الدول المنتصرة، فتفرض شروطها على الدولة المهزومة من كل طريق، وتحدد المهل الزمنية بلا معقولية، وبلا أدنى تقدير.
تشير هذه الأمور إلى نوع من الممارسة العبثية السياسية التي لا تقوم على أصلٍ أو أساس أو على منطق أو برهان أو على أدلة وأسانيد، بل هي كومة من الافتراءات وفرمانات من الإملاءات، لا تعرف هذه الدول طريقاً لمعنى الحوار أو معنى الجوار أو معنى التفاوض من أي طريق.