تقدم الحاج سعد العقوري بطلب إلى الشرطة الليبية من أجل احتجاز ابنه في السجن، بعد أن ساءت حالته الصحية نتيجة إدمانه على المخدرات، "إذ لا يجد مصحة حكومية تستقبله، كما لا يستطيع تدبير نفقات علاجه في الخارج"، كما يقول بأسى "ساءت حالة ابني كثيراً، أرهقتني المشاكل والشكاوى، علمت من آباء عدد من أصدقائه المتعاطين، أنهم لجأوا إلى نفس الطريقة"، والتي يراها مدير عام مؤسسة "أمان" للوقاية من المخدرات والإيدز، واختصاصي علاج وتأهيل مدمني المخدرات رجب أبو جناح، نتيجة طبيعية بسبب عدم وجود مصحات حكومية متخصصة في علاج الإدمان في ليبيا في الوقت الحالي، قائلا لـ"العربي الجديد": "الوسيلة الحكومية الوحيدة للتعامل مع الظاهرة تتمثل في احتجاز المدمنين، على سبيل المثال يوجد مركز عقابي في مدينة مصراتة يقع بمنطقة الكراريم ويتبع جهاز مكافحة المخدرات يحتجز المدمنين بطلب من أُسرهم، رغم أنه لا يعتبر مصحة بأي شكل من الأشكال".
غياب مراكز الإدمان
قبل أحداث ثورة 17 فبراير عملت ثلاث مصحات حكومية في علاج الإدمان، أهمها مستشفى الرازي للأمراض النفسية في العاصمة طرابلس (قسم زياد لعلاج الإدمان)، ومركز علاج ورعاية المدمنين في مدينة تاجوراء التي تعد البوابة الساحلية الشرقية للعاصمة، ومصحة الإرادة لعلاج الإدمان التابعة لمستشفى الأمراض النفسية بمنطقة الهواري في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، "غير أن المراكز الثلاثة المتخصصة أُقفلت ولم تعد تعمل منذ سبع سنوات"، كما يقول الدكتور رجب أبو جناح، مضيفا "تم حل جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بقرار حمل رقم (142) لسنة 2012 أصدره مجلس الوزراء الليبي التابع للمجلس الانتقالي الذي تولى قيادة الدولة أثناء وعقب الثورة، وتم نشر القرار في العدد 17 لعام 2012 من الجريدة الرسمية، ونصّ القرار في مادته الأولى على أن يُحل جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتغل يده عن مزاولة أي نشاط وتؤول أصوله وموجوداته وأرصدته واختصاصاته والموظفون لوزارة الداخلية"، لكن الجهاز يعمل في بعض المدن في المنطقة الشرقية والغربية بمبادرات من المجالس المحلية.
ويبدي ضباط في جهاز مكافحة المخدرات في ليبيا امتعاضهم من كون الجهاز ما يزال في حكم المعطل إذ تم حجب الدعم المالي عنه منذ صدور قرار بحله عقب ثورة 17 فبراير، ويشتكي الضباط الذين لا يتلقون سوى مرتباتهم، من عدم توفر مختلف الإمكانيات مثل المركبات اللازمة لعملهم، وفق ما قاله نقيب في جهاز مكافحة المخدرات رفض الكشف عن هويته خوفا من تجار المخدرات الذين يعملون كذلك في تهريب البشر في مدينته صبراته غرب العاصمة، قائلا "لا نية لدى الجهات المسؤولة لأخذ هذا الملف على محمل الجد، وفي ظل الانتشار المخيف لأنشطة تجار المخدرات علانية فإن مدناً قليلة مثل طبرق ومصراتة والبيضاء تم تفعيل أفرع جهاز مكافحة المخدرات فيها وبجهود ودعم محلي محدود من سلطات هذه المدن".
اقــرأ أيضاً
غلاء أسعار مراكز علاج الإدمان الخاصة
لا يجد الليبيون أمامهم في ظل غياب المشافي ومركز علاج الإدمان الحكومية، سوى المصحات الخاصة باهظة التكاليف والتي تشهد إقبالا كبيرا في ظل تفاقم الظاهرة، كما يقول عضو الشبكة العربية لخبراء الوقاية وعلاج الإدمان أبو جناح، مشيرا إلى أن ليبيا يوجد فيها مصحتان خاصتان مؤهلتان لعلاج المدمنين، لكنهما باهظتا التكلفة بالنسبة لأغلب الليبيين، إذ تصل تكلفة إيواء المدمن وعلاجه إلى 350 ديناراً ليبياً (257 دولاراً أميركياً وفقاً للسعر الرسمي) في اليوم، قابلة للزيادة حسب التدخلات الطبية بينما العيادات الحكومية كانت مجانية.
ولا تتناسب تكلفة العلاج خارج ليبيا، مع العديد من الليبيين، خاصة منخفضي الدخل الذين تنتشر في محيطهم حالات الإدمان، إذ تصل تكلفة العلاج في مشفيين مصريين خاصين في القاهرة يوجد فيهما مدمنون ليبيون موسرون، إلى 6000 جنيه مصري (340 دولاراً) شهرياً لا تشمل قيمة الأدوية والخدمات الصحة من استشارات وأشعة وتحاليل حسب ما قاله المختص أبو جناح لـ"العربي الجديد" قبل أن يكمل، بالطبع تصل التكلفة في مركز روهامبتون في إنكلترا والذي يعتبر أحد أشهر مراكز علاج الإدمان إلى ما يوازي 30 ألف دولار شهرياً.
غياب برامج العلاج المتكاملة
تعمل مصحات وعيادات علاج الإدمان الليبية الخاصة على إزالة السموم من جسد المدمن، وهي مرحلة أولى في العلاج يفترض أن يتبعها برنامج متكامل يستغرق فترة زمنية طويلة، تحددها حالة المتعاطي ولكن هذا لا يحدث في ليبيا، وفقا للخبيرة واختصاصية علاج الإدمان مفيدة القايد والتي تعمل في مركز إشراقات للطب النفسي الحديث.
وتخشى القايد من التوابع والأبعاد الخطيرة لعدم علاج المدمنين على مستقبل ليبيا اجتماعياً، نفسياً، وصحياً، واقتصادياً إذ أدى الإدمان إلى نشر مرض نقص المناعة (الإيدز) في ليبيا مطلع التسعينيات.
وتحذر مؤسسة أمان للوقاية من المخدرات من تفاقم ظاهرة إدمان المخدرات إذ رصدت دخول أنواع جديدة من المخدرات إلى البلاد كما انتشر إدمان الهيروين عن طريق الحقن في الأوردة، مما تسبب في إصابة الكثير من المدمنين بأمراض خطيرة كالتهاب الكبد والإيدز، بحسب آخر تقرير صادر عن المؤسسة والجهات العاملة في مجال علاج الإدمان في ليبيا في يناير/كانون الثاني 2013.
الصحة: لا توجد إمكانات
أقرت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً بعدم علاج المدمنين في المشافي الحكومية، إذ أكد مكتب الإعلام التابع لوزارة الصحة في إفادة تلقتها "العربي الجديد" عبر البريد الإلكتروني أنه "للأسف الشديد ليس لدينا مصحات متخصصة في علاج الإدمان حالياً، ولا نمتلك إحصاءً رسمياً دقيقاً بعدد من يتلقون العلاج في الخارج من وباء الإدمان على المخدرات".
وبرر مكتب الإعلام في وزارة الصحة إغلاق مصحة مستشفى الرازي في طرابلس (قسم زياد) بعدم قدرة المستشفى على دفع مصاريف القسم وتأمين ما يلزمه من عقود للتغذية والنظافة والأدوية النفسية والتخصصية اللازمة لعلاج المدمنين، وكذلك ما يعانيه من نقص في الكوادر الطبية والتمريض، كما أرجع المكتب إغلاق مصحة الإرادة لعلاج الإدمان في بنغازي إلى وقوعها في منطقة الهواري التي تحولت إلى مسرح للاشتباكات والعمليات المسلحة"، عقب انطلاق عملية الكرامة في 16 مايو/أيار 2014 بقيادة خليفة حفتر.
إغلاق المصحات المتخصصة تزامن، وفق رواية الدكتور أبو جناح، مع انتشار غير مسبوق لترويج وتعاطي المخدرات، إذ شهدت السنوات السبع الأخيرة انتشار المخدرات في مدن لم تكن تعرف المخدرات بهذه الوفرة مثل غدامس وأدري وبراك. وهو ما يؤيده عبدالله النيبو رئيس جمعية 17 فبراير للإصلاح والتخلص من الإدمان في مدينة طبرق الساحلية في أقصى الشرق الليبي، قائلا بتعجب إن بين 120 ألف نسمة يسكنون في المدينة الصغيرة ما يقارب 25 ألف متعاطٍ أي بمعدل يقارب 21% من تعداد سكان المدينة.
انتشار إدمان الحشيش
"لا يعتقد الشباب الليبي أن الحشيش مادة مخدرة إذ لا ينخرط متعاطيها في برامج علاجية لاعتقادهم أنه لا يسبب الإدمان بالإضافة لرخص ثمنه مقارنة بغيره"، وفق ما أثبتته دراسة للدكتور أبو جناح بعنوان "حالات الإيواء بالمؤسسات العلاجية" أجريت على 200 حالة ممن قرروا الانخراط في برامج علاجية قبل إغلاق المصحات الحكومية الثلاث، ومن بين هؤلاء الثلاثيني علي إبراهيم والذي تعاطى الحشيش لعشر سنوات قبل أن ينتقل إلى الهيروين، ويأتي الحشيش في مقدمة أنواع المخدرات الأكثر رواجاً في ليبيا في مرحلة ما قبل عام 2011 وما بعده، وفق ما تكشفه إحصائية صادرة عن إدارة مكافحة المخدرات خلال عامي 2013 و2014، إذ تم ضبط 50 طناً من مخدر الحشيش خلال الفترة ذاتها، بينما لم تزد كمية الكوكايين عن 48 كيلوغراماً فيما ضبط 25 كيلوغراماً من مخدر الهيروين، بالمقابل تم ضبط 83.5 طنا من مخدر الحشيش و267 كيلوغراماً من مخدر الهيروين و36 كيلوغراماً من مخدر الكوكائين و 1.5 مليون قرص من الأقراص المخدرة خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2009.
وتصل نسبة تعاطي المخدرات بين طلبة المرحلة الثانوية إلى 40% في المدن، بينما لم تزد نسبة المتقدمين للعلاج في أفضل الأحوال عن 25 % فقط من المجموع الحقيقي للمدمنين، بحسب ما رصدته الإحصاءات الرسمية الصادرة عن المؤسسات العلاجية الثلاث قبل إغلاقها، كما بلغ عدد المدمنين الذين تم إيواؤهم قبل إغلاقها 20 ألف حالة من الجنسين.
وعقب إغلاق مراكز علاج الإدمان الليبية، اتجه مرضى من الموسرين إلى القسم النفسي لعلاج الإدمان في مشفى القصر العيني قسم الطب النفسي، بحسب ما قاله استشاري الأمراض النفسية في المشفى الدكتور محمد الشامي، والذي يرى عبر تفاعله مع مرضاه الليبيين، أن تأثير سنوات الصراع بين مختلف الأطراف، يبدو في اتجاه عدد متزايد من الشباب الليبي إلى تعاطي المخدرات للهروب من المشاكل والبحث عن المتعة السريعة، من بينهم العشريني محمد عثمان والذي عمل في ترويج المخدرات في مدينة المرج شرقي ليبيا بعد إدمانها، قائلا "بدأت بإدمان بالحشيش ثم الترمادول وانتهى مستقبلي بعد إدمان الهيروين".
غياب مراكز الإدمان
قبل أحداث ثورة 17 فبراير عملت ثلاث مصحات حكومية في علاج الإدمان، أهمها مستشفى الرازي للأمراض النفسية في العاصمة طرابلس (قسم زياد لعلاج الإدمان)، ومركز علاج ورعاية المدمنين في مدينة تاجوراء التي تعد البوابة الساحلية الشرقية للعاصمة، ومصحة الإرادة لعلاج الإدمان التابعة لمستشفى الأمراض النفسية بمنطقة الهواري في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، "غير أن المراكز الثلاثة المتخصصة أُقفلت ولم تعد تعمل منذ سبع سنوات"، كما يقول الدكتور رجب أبو جناح، مضيفا "تم حل جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بقرار حمل رقم (142) لسنة 2012 أصدره مجلس الوزراء الليبي التابع للمجلس الانتقالي الذي تولى قيادة الدولة أثناء وعقب الثورة، وتم نشر القرار في العدد 17 لعام 2012 من الجريدة الرسمية، ونصّ القرار في مادته الأولى على أن يُحل جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتغل يده عن مزاولة أي نشاط وتؤول أصوله وموجوداته وأرصدته واختصاصاته والموظفون لوزارة الداخلية"، لكن الجهاز يعمل في بعض المدن في المنطقة الشرقية والغربية بمبادرات من المجالس المحلية.
ويبدي ضباط في جهاز مكافحة المخدرات في ليبيا امتعاضهم من كون الجهاز ما يزال في حكم المعطل إذ تم حجب الدعم المالي عنه منذ صدور قرار بحله عقب ثورة 17 فبراير، ويشتكي الضباط الذين لا يتلقون سوى مرتباتهم، من عدم توفر مختلف الإمكانيات مثل المركبات اللازمة لعملهم، وفق ما قاله نقيب في جهاز مكافحة المخدرات رفض الكشف عن هويته خوفا من تجار المخدرات الذين يعملون كذلك في تهريب البشر في مدينته صبراته غرب العاصمة، قائلا "لا نية لدى الجهات المسؤولة لأخذ هذا الملف على محمل الجد، وفي ظل الانتشار المخيف لأنشطة تجار المخدرات علانية فإن مدناً قليلة مثل طبرق ومصراتة والبيضاء تم تفعيل أفرع جهاز مكافحة المخدرات فيها وبجهود ودعم محلي محدود من سلطات هذه المدن".
غلاء أسعار مراكز علاج الإدمان الخاصة
لا يجد الليبيون أمامهم في ظل غياب المشافي ومركز علاج الإدمان الحكومية، سوى المصحات الخاصة باهظة التكاليف والتي تشهد إقبالا كبيرا في ظل تفاقم الظاهرة، كما يقول عضو الشبكة العربية لخبراء الوقاية وعلاج الإدمان أبو جناح، مشيرا إلى أن ليبيا يوجد فيها مصحتان خاصتان مؤهلتان لعلاج المدمنين، لكنهما باهظتا التكلفة بالنسبة لأغلب الليبيين، إذ تصل تكلفة إيواء المدمن وعلاجه إلى 350 ديناراً ليبياً (257 دولاراً أميركياً وفقاً للسعر الرسمي) في اليوم، قابلة للزيادة حسب التدخلات الطبية بينما العيادات الحكومية كانت مجانية.
ولا تتناسب تكلفة العلاج خارج ليبيا، مع العديد من الليبيين، خاصة منخفضي الدخل الذين تنتشر في محيطهم حالات الإدمان، إذ تصل تكلفة العلاج في مشفيين مصريين خاصين في القاهرة يوجد فيهما مدمنون ليبيون موسرون، إلى 6000 جنيه مصري (340 دولاراً) شهرياً لا تشمل قيمة الأدوية والخدمات الصحة من استشارات وأشعة وتحاليل حسب ما قاله المختص أبو جناح لـ"العربي الجديد" قبل أن يكمل، بالطبع تصل التكلفة في مركز روهامبتون في إنكلترا والذي يعتبر أحد أشهر مراكز علاج الإدمان إلى ما يوازي 30 ألف دولار شهرياً.
غياب برامج العلاج المتكاملة
تعمل مصحات وعيادات علاج الإدمان الليبية الخاصة على إزالة السموم من جسد المدمن، وهي مرحلة أولى في العلاج يفترض أن يتبعها برنامج متكامل يستغرق فترة زمنية طويلة، تحددها حالة المتعاطي ولكن هذا لا يحدث في ليبيا، وفقا للخبيرة واختصاصية علاج الإدمان مفيدة القايد والتي تعمل في مركز إشراقات للطب النفسي الحديث.
وتخشى القايد من التوابع والأبعاد الخطيرة لعدم علاج المدمنين على مستقبل ليبيا اجتماعياً، نفسياً، وصحياً، واقتصادياً إذ أدى الإدمان إلى نشر مرض نقص المناعة (الإيدز) في ليبيا مطلع التسعينيات.
وتحذر مؤسسة أمان للوقاية من المخدرات من تفاقم ظاهرة إدمان المخدرات إذ رصدت دخول أنواع جديدة من المخدرات إلى البلاد كما انتشر إدمان الهيروين عن طريق الحقن في الأوردة، مما تسبب في إصابة الكثير من المدمنين بأمراض خطيرة كالتهاب الكبد والإيدز، بحسب آخر تقرير صادر عن المؤسسة والجهات العاملة في مجال علاج الإدمان في ليبيا في يناير/كانون الثاني 2013.
الصحة: لا توجد إمكانات
أقرت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً بعدم علاج المدمنين في المشافي الحكومية، إذ أكد مكتب الإعلام التابع لوزارة الصحة في إفادة تلقتها "العربي الجديد" عبر البريد الإلكتروني أنه "للأسف الشديد ليس لدينا مصحات متخصصة في علاج الإدمان حالياً، ولا نمتلك إحصاءً رسمياً دقيقاً بعدد من يتلقون العلاج في الخارج من وباء الإدمان على المخدرات".
وبرر مكتب الإعلام في وزارة الصحة إغلاق مصحة مستشفى الرازي في طرابلس (قسم زياد) بعدم قدرة المستشفى على دفع مصاريف القسم وتأمين ما يلزمه من عقود للتغذية والنظافة والأدوية النفسية والتخصصية اللازمة لعلاج المدمنين، وكذلك ما يعانيه من نقص في الكوادر الطبية والتمريض، كما أرجع المكتب إغلاق مصحة الإرادة لعلاج الإدمان في بنغازي إلى وقوعها في منطقة الهواري التي تحولت إلى مسرح للاشتباكات والعمليات المسلحة"، عقب انطلاق عملية الكرامة في 16 مايو/أيار 2014 بقيادة خليفة حفتر.
إغلاق المصحات المتخصصة تزامن، وفق رواية الدكتور أبو جناح، مع انتشار غير مسبوق لترويج وتعاطي المخدرات، إذ شهدت السنوات السبع الأخيرة انتشار المخدرات في مدن لم تكن تعرف المخدرات بهذه الوفرة مثل غدامس وأدري وبراك. وهو ما يؤيده عبدالله النيبو رئيس جمعية 17 فبراير للإصلاح والتخلص من الإدمان في مدينة طبرق الساحلية في أقصى الشرق الليبي، قائلا بتعجب إن بين 120 ألف نسمة يسكنون في المدينة الصغيرة ما يقارب 25 ألف متعاطٍ أي بمعدل يقارب 21% من تعداد سكان المدينة.
انتشار إدمان الحشيش
"لا يعتقد الشباب الليبي أن الحشيش مادة مخدرة إذ لا ينخرط متعاطيها في برامج علاجية لاعتقادهم أنه لا يسبب الإدمان بالإضافة لرخص ثمنه مقارنة بغيره"، وفق ما أثبتته دراسة للدكتور أبو جناح بعنوان "حالات الإيواء بالمؤسسات العلاجية" أجريت على 200 حالة ممن قرروا الانخراط في برامج علاجية قبل إغلاق المصحات الحكومية الثلاث، ومن بين هؤلاء الثلاثيني علي إبراهيم والذي تعاطى الحشيش لعشر سنوات قبل أن ينتقل إلى الهيروين، ويأتي الحشيش في مقدمة أنواع المخدرات الأكثر رواجاً في ليبيا في مرحلة ما قبل عام 2011 وما بعده، وفق ما تكشفه إحصائية صادرة عن إدارة مكافحة المخدرات خلال عامي 2013 و2014، إذ تم ضبط 50 طناً من مخدر الحشيش خلال الفترة ذاتها، بينما لم تزد كمية الكوكايين عن 48 كيلوغراماً فيما ضبط 25 كيلوغراماً من مخدر الهيروين، بالمقابل تم ضبط 83.5 طنا من مخدر الحشيش و267 كيلوغراماً من مخدر الهيروين و36 كيلوغراماً من مخدر الكوكائين و 1.5 مليون قرص من الأقراص المخدرة خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2009.
وتصل نسبة تعاطي المخدرات بين طلبة المرحلة الثانوية إلى 40% في المدن، بينما لم تزد نسبة المتقدمين للعلاج في أفضل الأحوال عن 25 % فقط من المجموع الحقيقي للمدمنين، بحسب ما رصدته الإحصاءات الرسمية الصادرة عن المؤسسات العلاجية الثلاث قبل إغلاقها، كما بلغ عدد المدمنين الذين تم إيواؤهم قبل إغلاقها 20 ألف حالة من الجنسين.
وعقب إغلاق مراكز علاج الإدمان الليبية، اتجه مرضى من الموسرين إلى القسم النفسي لعلاج الإدمان في مشفى القصر العيني قسم الطب النفسي، بحسب ما قاله استشاري الأمراض النفسية في المشفى الدكتور محمد الشامي، والذي يرى عبر تفاعله مع مرضاه الليبيين، أن تأثير سنوات الصراع بين مختلف الأطراف، يبدو في اتجاه عدد متزايد من الشباب الليبي إلى تعاطي المخدرات للهروب من المشاكل والبحث عن المتعة السريعة، من بينهم العشريني محمد عثمان والذي عمل في ترويج المخدرات في مدينة المرج شرقي ليبيا بعد إدمانها، قائلا "بدأت بإدمان بالحشيش ثم الترمادول وانتهى مستقبلي بعد إدمان الهيروين".