المتدينون في إسرائيل ينقضّون على الفن

12 يناير 2017
وزيرة الثقافة الإسرائيلية الحالية ميري ريغف (Getty)
+ الخط -
بعد أن أحكموا سيطرتهم على الكثير من المواقع القيادية في الجيش، ومكامن التأثير الحاسمة في الأجهزة الاستخبارية والشرطة، وقطعوا شوطاً كبيراً في الهيمنة على المشهد الإعلامي، شرع أتباع الصهيونية الدينية في إسرائيل في الزحف نحو المؤسسات الفنية والثقافية.

فقد شهد العقد الأخير ظهور جيل جديد من الممثلين والمخرجين من أتباع التيار الديني الصهيوني الذين أسهموا في إنتاج أفلام ومسلسلات تلفزيونية تتأثر بالنظرة الدينية والاجتماعية لهذا التيار.

وجاء التحوُّل الذي مكَّن أتباع التيار الديني الصهيوني من اختراق المشهد الفني، الذي كان محتكراً بشكل مطلق من قبل العلمانيين من ذوي التوجهات الليبرالية بشكل خاص، بعد تدشين مدرسة "معاليه للسينما والتلفزيون"، والتي تخصصت في استيعاب عناصر التيار الديني بهدف إنتاج أعمال تلفزيونية وسينمائية تعكس توجهات هذا القطاع.

وقد كان من الواضح أن أتباع التيار الديني الصهيوني لم يبذلوا جهوداً كبيرة في تدشين البنية التحتية التي تساعدهم في اختراق المشهد الفني، إذ إنَّ تعاقب حكومات اليمين على حكم إسرائيل في العقود الأخيرة، ومشاركة المتدينين بفاعلية فيها، مكّنا هذا التيار من تحقيق غرضه بسهولة. 


وأشار الصحافي، أرئيل هورفيتش، إلى أن أعمال بعض المخرجين المتدينين باتت تعرض بشكل لافت في دور السينما وقنوات التلفزة المختلفة، معتبراً أن انتشار أعمال المخرج، يوسيف سيدار، يُعدّ المثال الأبرز على نجاح هذا التيار في اختراق المشهد الفني.

وفي تحقيق نشرته "هآرتس" نوه هورفيتش إلى أن أعمال سيدار حظيت بجوائز عالمية، لا سيما فيلمه "خليط مقدسي" و"المزركش"، وغيرها.

وإلى جانب التمثيل، بات المتدينون يلعبون دوراً مهما في التأثير على عالم الموسيقى في إسرائيل، وضمنها الغناء الشعبي. وأشار هورفيتش إلى أن جانب أتباع التيار الديني الصهيوني يوظفون الغناء في إحياء الشعر والأدب العبري القديم.

ومن بين المطربين المتدينين الذين باتوا يحظون بشعبية كبيرة، حنان بن آرييه، إذ حلت أغنيته "حياتنا فراولة" في المرتبة الثانية من حيث الاستماع خلال العام 2016 عبر محطات الإذاعة الرائدة.

ومن بين النجوم الصاعدة في عالم الغناء، المطرب المتدين عمير بنيون، الذي باتت أغانيه الأكثر انتشاراً في إسرائيل. وقد حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزوجته سارة على تكليف بنيون بإحياء حفلة موسيقية في منزلهما الرسمي نظمت لوزراء نواب الليكود بمناسبة فوز الحزب غير المتوقع في الانتخابات الأخيرة.

وأشار هورفيتش إلى أنه على صعيد النتاج الأدبي، تمكن "أدباء" متديّنون من الفوز بعدد من الجوائز المهمة في هذا المجال، إذ إن من بين المرشحات لنيل جائزة "سبير"، وهي أهم جائزة سنوية تمنح في مجال النتاج الأدبي، الأديبتان المتدينتان، أمونا ألون وغيليت حومسكي، مع العلم بأنه سبق أن فاز بهذه الجائزة الأديب المتدين، حاييم سافتو.

وقد شكل تولي الجنرال المتقاعد، ميري ريغف، الناطقة الأسبق باسم الجيش الإسرائيلي، منصب وزيرة الثقافة في حكومة بنيامين نتنياهو نقطة تحول فارقة نحو تحسين قدرة التيار الديني الصهيوني على مواصلة الاندفاع نحو اختراق المؤسسات الفنية.

فعلى الرغم من علمانية ريغف، القيادية في حزب "الليكود"، إلا أنها، شأنها شأن زملائها في قيادة الحزب من العلمانيين، تعمل على استرضاء التيار الديني الصهيوني بسبب الثقل المتعاظم لأتباعه في أوساط منتسبي الحزب.

ونظرًا لأن وزارة الثقافة مسؤولة عن توزيع الأموال التي تخصصها الحكومة للمؤسّسات الفنيّة والثقافية، فقد أعلنت ريغف بشكل لا يقبل التأويل بعيد توليها المنصب أنها تنوي إحداث تغيير جذري في سياسة دعم المؤسسات الفنيّة والثقافيّة، بحيث يتم تخصيص دعم لتلك التي تعنى بإحياء التراث اليهودي، ولا يشكّل نتاجها تحديّاً للرواية الرسمية الإسرائيلية.

المساهمون