اللوفر أبوظبي: مقتنيات مُعارة من 13 متحفاً فرنسياً

26 نوفمبر 2014
متحف اللوفر أبوظبي (العربي الجديد)
+ الخط -
لم تتوقف الأعمال التحضيرية لإطلاق متحف اللوفر أبوظبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، العام المقبل. غير أنه لا يبدو أن المشروع يحظى بتوافق إماراتي فرنسي كامل. فثمة أصوات معينة في فرنسا ترتفع في الآونة الأخيرة مناهضة لفكرة إنشاء هذا المتحف، وخاصة من قبل بعض المختصين، وهم 39 من أمناء المتاحف الفرنسية، قدموا رسالة إلى وزير الثقافة الفرنسي، يشرحون فيها "المخاطر" التي قد تتعرض لها المقتنيات المعارة إلى اللوفر أبوظبي.
 
وأياً كانت حصيلة الجدل القائم بين باريس وأبوظبي، إلا أن مشروع افتتاح متحف اللوفر أبوظبي ماض في طريق الإنجاز، حيث كشف أخيراً عن مجموعة من الأعمال الفنية المعارة، وتضم 300 عمل فني سيحتضنها المتحف عند افتتاحه العام المقبل. ويبرر مناهضو اللوفر أبوظبي موقفهم، بأن مجرد خروج تلك الأعمال والمقتنيات من فرنسا يخالف مبدأ أخلاقيات المتحف وتشريعاته. ويأتي القلق الفرنسي من عدم تطبيق أعلى المعايير الدولية والمتطلبات الخاصة في عمليات نقل وعرض وحفظ المقتنيات الفنية التي تعتبرها فرنسا ثروة وطنية لا يمكن العبث بها، في الوقت الذي قال فيه الرئيس الجديد لمتحف اللوفر في باريس، جان ــ لوك مارتينيز، بأن هذه الشراكة تحقق لفرنسا نحو مليار يورو، إضافة إلى التميّز الذي يضفيه فتح هذا الفرع الحيوي لهذا المتحف العريق.

عمليات الإنشاء في موقع اللوفر أبوظبي تتطور بشكل متسارع، وبدأت تظهر ملامح قبة المتحف، البالغ قطرها 180 متراً، والمستوحاة من تصميم سعف النخيل المتداخلة، بما يسمح بنفاذ الضوء وتشكيل ظلال خلابة، على مساحة 64000 متر مربع، كما تم الانتهاء من عمل مجسم بالحجم الطبيعي لإحدى قاعات المتحف، إضافة إلى أجنحة وقاعات عرض وممرات وقنوات تستحضر صورة المدينة العائمة على البحر.

وتأتي عملية إعارة الأعمال الفنية من المتاحف الفرنسية ضمن إطار الاتفاقية الدولية الموقعة بين حكومتيّ دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا في عام 2007. وبالإضافة إلى الحوار بين الحضارات والثقافات، فإن هذه الاتفاقية تحقق أرباحاً مالية لفرنسا، إذ تدفع بموجبه إمارة أبوظبي 400 مليون يورو لاستخدام اسم اللوفر، دفعت 175 مليون يورو كمقدمة و190 مليون يورو لاستعارة الأعمال والمقتنيات، و 165 مليوناً للجهود التقنية التي تقدمها فرنسا في عرض هذه الأعمال الفنية والمقتنيات. وتأمل باريس الحصول على ما قيمته 13 مليون يورو مستقبلاً، تخصص 40 في المئة منها لإحياء المتاحف الفرنسية التي تعاني من الكساد والجمود.

أهم الأعمال المعارة

تضم قائمة الأعمال المعارة واحداً من أهم أعمال الفنان ليوناردو دا فينشي، وهي "بورتريه لامرأة مجهولة" ( 1495) والتي تعرف أيضاً باسم "جميلة الحداد" من متحف اللوفر في باريس، ولوحة "عازف المزمار" (1866) للرسام الانطباعي الفرنسي إدوارد مانيه، و"محطة سان لازار" (1877) للفنان كلود مونيه من متحف أورسيه، ومنحوتة "الملاحة" من إمبراطورية بنين من متحف برانلي، بالإضافة إلى لوحة "طبيعة صامتة مع ماغنوليا" (1941) للفنان هنري ماتيس من مركز بومبيدو.

وتمت عملية اختيار الأعمال الفنية بإشراف كل من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ووكالة متاحف فرنسا، والمتاحف الوطنية الفرنسية، ومنها: "متحف اللوفر"، و"متحف أورسيه"، و"مركز بومبيدو"، و"متحف كاي برانلي"، و"متحف جيميه" (المتحف الوطني للفنون الآسيوية)، و"المتحف الوطني لقصر فرساي"، و"متحف رودان"، و"مكتبة فرنسا الوطنية"، و"متحف كلوني" (المتحف الوطني للعصور الوسطى)، و"متحف سيفر" (المتحف الوطني للخزف)، و"المتحف الوطني لصناعة الخزف"، و"متحف الفنون الزخرفية"، و"المتحف الأثري الوطني في سان جيرمان"، و"قصر فونتينبلو"، وذلك ضمن جدول زمني تنازلي على مدى عشرة أعوام.

وتمثّل هذه الأعمال، التي يعرض بعضها للمرة الأولى في أبوظبي ومنطقة الشرق الأوسط، فرصةً نادرةً للجمهور لمشاهدة أعمال فنية بهذه الأهمية من المتاحف الوطنية الفرنسية في حوار حضاري.

تحضيرات قبل الافتتاح

لا شك في أن الإعلان عن الأعمال الفنية المعارة لم يتم بطريقة مفاجئة، إذ سبقه نجاح معرضي "نشأة متحف" اللذين أقيما في أبوظبي في 2013 وفي متحف اللوفر بباريس من 2 مايو/أيار إلى 28 يوليو/تموز 2014، حيث عرضت تشكيلة من الأعمال الرئيسية من مقتنيات اللوفر أبوظبي الدائمة. ومن أبرز الأعمال الفنية التي عُرضت تمثال "أميرة من باختريا" يعود تاريخه إلى أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد، و"سوار مزين بأسدين" من الشرق الأوسط، ولوحة بعنوان "أمير شاب منكبّ على الدراسة" رسمها عثمان حمدي بك في عام 1878، ولوحة "الأولاد وهم يتصارعون" للفنان بول غوغان من عام 1888. كما عرضت أعمال فنية حديثة ومعاصرة لعمالقة الفن مثل "تشكيل بالأزرق والأحمر والأصفر والأسود" للفنان بييت موندريان، والتي كانت جزءاً من مجموعة إيف سان لوران وبيير بيرغ، ومنحوتة للنحات الأميركي، ألكسندر كالدر، التي عُرفت باسم "متحرّك – بدون عنوان" والمستوحاة من موندريان، وسلسلة من تسع لوحات للرسام الأميركي الشهير سي تومبلي.

حوارات الفنون

ينظم اللوفر أبوظبي مجموعة متنوعة من البرامج العامة تمهيداً لافتتاح المتحف بما في ذلك المعارض، وعروض الأداء، والحوارات التي يشارك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين، بما في ذلك الدورة الرابعة من سلسلة "اللوفر أبوظبي: حوارات الفنون" التي أقيمت الشهر الماضي، منها المفهوم المعاصر للمتاحف باعتبارها فضاءً للتجارب الجديدة، وجلسة حوار حول بعض المقتنيات الفنية لجيمس إيفوري، ومناقشة موضوع العلاقة ما بين المنمنمات الفنية والسينما، والضوء وأهميته الرمزية في الأديان والفلسفات العالمية، إضافة إلى مفهوم الفن كشاهد على العالم في عصر العولمة.
المساهمون