قبل أيام أصدرت الفنانة أصالة نصري ألبومها الخليجي الرابع في مسيرتها الغنائية. نصري التي بدأت حياتها المهنية بأغنية مصرية "سامحتك"، عرجت على الغناء باللهجة الخليجية، بعدما أصبح ذلك "موضة" منتصف التسعينيات، وذلك مع شهرة الجيل الثاني من المغنيات الذي تنتمي إليه أصالة نصري، وشاركتها في ذلك الفنانة التونسية الراحلة ذكرى محمد، التي يتفوق رصيدها باللهجة الخليجية على أعمالها المصرية التي قدمتها، ذلك أمام النجاح الكبير الذي حصدته ذكرى بل التفوق الذي فتح أمامها الأبواب، وكرسّها واحدة من أفضل الأصوات التي أدت الأغنية الخليجية قبل عقدين. ولم تغب المطربة المصرية أنغام عن اللحاق بزميلاتها، والإبحار إلى الخليج العربي عبر شراكة فنية زادت من نجوميتها هناك، واستطاعت أيضاً أن تحجز لنفسها مكاناً على خارطة الغناء الخليجي.
لكن الحال لم يقف عند أصالة وذكرى وأنغام اللواتي قدمن نموذجاً جيداً عن الغناء واحتراف اللهجة الخليجية، دور المغرب العربي لم يكن أقل حرفية في تنامي ظاهرة الغناء باللهجة الخليجية، وما بين أسماء المنور ودنيا بطمة، وشيماء، وسلمى رشيد وغيرهن من الأسماء في المغرب، استطاعت الأغنية الخليجية أن تجد لها مكانة كبيرة على صعيد الغناء وبالتالي كانت حافزاً لعدد من الفنانات في إظهارهن أو تفاعلهن مع دول الخليج العربي وكيفية مخاطبتهن جمهور هذه الدول بالطريقة التي تقربهن منه أكثر.
الفنانة اليمنية بلقيس ومواطنتها أروى والسعودية وعد، كانت لهن تجارب كثيرة غير الغناء بالخليجي في بداية عملهن، على الرغم من أن الأغنية الخليجية كرسّت حضور ونجاح بلقيس التي نشأت وعاشت في دبي، بينما اختارت وعد الانطلاقة من بيروت بعد مشاكل حصلت لها في المملكة العربية السعودية في بداياتها فاختارت مجموعة من الألحان اللبنانية التي أسهمت في انتشارها من بيروت وانطلقت، وكذلك فعلت أروى التي عاشت بين الدوحة ودبي وأخيراً في بيروت، فغنت باللهجتين المصرية واللبنانية إضافة إلى لهجتها الأم.
عرف الفنان كاظم الساهر بالغناء العراقي بداية انطلاقته الغنائية وشهرته، وشكلت أغنية "عبرت الشطّ" جواز عبور للفنان العراقي إلى الدول العربية المجاورة التي ساعدته عملياً، في الوصول إلى نجاح متسلح بالموسيقى والألحان والصوت الماهر. سنوات وعرّج الساهر على القصائد بالفُصحى، بعد لقائه الشاعر السوري الراحل نزار قباني، وجنّد نفسه ملحنًا لمجموعة من قصائد قباني، لاقت الرواج الكبير، ولا زال حتى اليوم يخاطب هذا اللون، وبرأي الساهر أن هذا هو لونه وملعبه الذي استطاع من خلاله الدخول إلى العالم العربي، دون قيد اللهجة، ورغم انتقادات حول تكرار بعض القصائد أو الحصار بين موسيقى القصيدة وتفاعلها مع الجمهور، يصر الساهر على القصائد المغناة في معظم أعماله الغنائية التي يُقدمها.
تكاد تكون المغنية اللبنانية نجوى كرم، الوحيدة التي لم تقدم على الغناء باللهجة المصرية ولا حتى الخليجية الكاملة، وهي استعاضت عن الأغنية الخليجية بما يُسمى "اللهجة البيضاء" التي عرفت بداية الخمسينيات مع مجموعة من الفنانات المخضرمات مثل سميرة توفيق وهيام يونس، اللتين كرستّا حضور الأغنية البيضاء بينما كانت الفنانة الراحلة صبّاح تنوّع في مشورها الغنائي ما بين اللهجتين اللبنانية والمصرية فقط بسبب نجوميتها الكبيرة التي قضتها بين البلدين، بينما حصرت الفنانة الراحلة وردة خبرتها الفنية بالغناء باللهجة المصرية وإصدارات خجولة باللهجة الجزائرية، فقدمت أغنيات خاصة بمناسبات وطنية لبلدها الأم.
الفنان وائل كفوري، أيضاً حمل لواء الأغنية اللبنانية منذ انطلاقته بداية التسعينيات. كفوري قدم أغنية واحدة باللهجة المصرية "اعترفلك"، وعلى الرغم من نجاحها، فضّل أن يكون ضمن ملعب لبناني خاص، وكل أعماله اليوم باللهجة اللبنانية، ويعتبر زميله فارس كرم مشاركاً في الهروب هو أيضاً من الأغنية المصرية، وحتى اللهجة الخليجية أو البيضاء، كرم يؤكد في كل تصريحاته أنه متمسك جداً بالغناء اللبناني ولا يُفرط بذلك أبداً، ويتساءل كيف عليه الغناء بلهجة أخرى فيما معظم الفنانين العرب لا يغنون إلا بلهجة بلدانهم.
ولا بدّ هنا من ذكر أن المطرب ملحم زين عرف كيف يوظف نجاحه في الغناء، بعد تأهله في برنامج للهواة. زين عرفه الجمهور بالغناء المصري وتحديداً للفنان محمد عبد الوهاب، لكنه كسر ذلك وعاد إلى القاعدة الأساسية أو البيئة الشعبية الغنائية، فاعتمد على الأسلوب اللبناني الشعبي والراقي في آن، واستطاع أن يثبت هذا اللون بعيداً عن خوضه مجازفة الأغنية المصرية، وما سيترتب على ذلك من مسؤولية تجاه خياره.
الفنانة نانسي عجرم، عرفت بداية كيف تدخل السوق الفنّي، واستعانت بأبرز الكتّاب والشعراء المصريين، بعد انطلاقة ضعيفة بألبوم باللهجة اللبنانية. مدير أعمال عجرم، جيجي لامارا، استطاع توظيف شكل و"كاريزما" نانسي عجرم غناءً عن طريق الأغنية المصرية الخفيفة التي أعطتها نجاحاً وتفوقاً في لبنان والقاهرة، لكن عجرم، وبعد اعتمادها على اللون الشعبي الخفيف، عادت عبر أغنيات باللهجة اللبنانية لم تقل نجاحاً عن اللهجة المصرية، وقدمت إلى ذلك أغنيات معدودة باللهجة الخليجية تناسبت وأداءها.
في المقابل، ضاع الفنان الفلسطيني محمد عساف في تعدد اللهجات التي قدمها في أعماله الغنائية الخاصة، بعد فوزه بلقب "آرب أيدول" العام 2013، ففي ظلّ غياب إدارة فنية كان يجب أن تضع عساف على لون غنائي مشغول بإتقان بداية دخوله عالم الغناء، شكل ألبومه الغنائي الأول مجموعة من اللهجات التي أضاعت البوصلة، وتركت عساف بعيداً عن لون غنائي محدد سينطلق منه إلى باقي الألوان.
إشارة إلى أن عددا كبيرا من المغنين اللبنانيين يفضلون الغناء بلهجات متعددة، راغب علامة، نوال الزغبي، وكارول سماحة، وإليسا، وهؤلاء رسموا طريقاً ملوناً آخر لنجاحهم ولم تؤثر عليه اللهجات.
اقــرأ أيضاً
لكن الحال لم يقف عند أصالة وذكرى وأنغام اللواتي قدمن نموذجاً جيداً عن الغناء واحتراف اللهجة الخليجية، دور المغرب العربي لم يكن أقل حرفية في تنامي ظاهرة الغناء باللهجة الخليجية، وما بين أسماء المنور ودنيا بطمة، وشيماء، وسلمى رشيد وغيرهن من الأسماء في المغرب، استطاعت الأغنية الخليجية أن تجد لها مكانة كبيرة على صعيد الغناء وبالتالي كانت حافزاً لعدد من الفنانات في إظهارهن أو تفاعلهن مع دول الخليج العربي وكيفية مخاطبتهن جمهور هذه الدول بالطريقة التي تقربهن منه أكثر.
الفنانة اليمنية بلقيس ومواطنتها أروى والسعودية وعد، كانت لهن تجارب كثيرة غير الغناء بالخليجي في بداية عملهن، على الرغم من أن الأغنية الخليجية كرسّت حضور ونجاح بلقيس التي نشأت وعاشت في دبي، بينما اختارت وعد الانطلاقة من بيروت بعد مشاكل حصلت لها في المملكة العربية السعودية في بداياتها فاختارت مجموعة من الألحان اللبنانية التي أسهمت في انتشارها من بيروت وانطلقت، وكذلك فعلت أروى التي عاشت بين الدوحة ودبي وأخيراً في بيروت، فغنت باللهجتين المصرية واللبنانية إضافة إلى لهجتها الأم.
عرف الفنان كاظم الساهر بالغناء العراقي بداية انطلاقته الغنائية وشهرته، وشكلت أغنية "عبرت الشطّ" جواز عبور للفنان العراقي إلى الدول العربية المجاورة التي ساعدته عملياً، في الوصول إلى نجاح متسلح بالموسيقى والألحان والصوت الماهر. سنوات وعرّج الساهر على القصائد بالفُصحى، بعد لقائه الشاعر السوري الراحل نزار قباني، وجنّد نفسه ملحنًا لمجموعة من قصائد قباني، لاقت الرواج الكبير، ولا زال حتى اليوم يخاطب هذا اللون، وبرأي الساهر أن هذا هو لونه وملعبه الذي استطاع من خلاله الدخول إلى العالم العربي، دون قيد اللهجة، ورغم انتقادات حول تكرار بعض القصائد أو الحصار بين موسيقى القصيدة وتفاعلها مع الجمهور، يصر الساهر على القصائد المغناة في معظم أعماله الغنائية التي يُقدمها.
تكاد تكون المغنية اللبنانية نجوى كرم، الوحيدة التي لم تقدم على الغناء باللهجة المصرية ولا حتى الخليجية الكاملة، وهي استعاضت عن الأغنية الخليجية بما يُسمى "اللهجة البيضاء" التي عرفت بداية الخمسينيات مع مجموعة من الفنانات المخضرمات مثل سميرة توفيق وهيام يونس، اللتين كرستّا حضور الأغنية البيضاء بينما كانت الفنانة الراحلة صبّاح تنوّع في مشورها الغنائي ما بين اللهجتين اللبنانية والمصرية فقط بسبب نجوميتها الكبيرة التي قضتها بين البلدين، بينما حصرت الفنانة الراحلة وردة خبرتها الفنية بالغناء باللهجة المصرية وإصدارات خجولة باللهجة الجزائرية، فقدمت أغنيات خاصة بمناسبات وطنية لبلدها الأم.
الفنان وائل كفوري، أيضاً حمل لواء الأغنية اللبنانية منذ انطلاقته بداية التسعينيات. كفوري قدم أغنية واحدة باللهجة المصرية "اعترفلك"، وعلى الرغم من نجاحها، فضّل أن يكون ضمن ملعب لبناني خاص، وكل أعماله اليوم باللهجة اللبنانية، ويعتبر زميله فارس كرم مشاركاً في الهروب هو أيضاً من الأغنية المصرية، وحتى اللهجة الخليجية أو البيضاء، كرم يؤكد في كل تصريحاته أنه متمسك جداً بالغناء اللبناني ولا يُفرط بذلك أبداً، ويتساءل كيف عليه الغناء بلهجة أخرى فيما معظم الفنانين العرب لا يغنون إلا بلهجة بلدانهم.
ولا بدّ هنا من ذكر أن المطرب ملحم زين عرف كيف يوظف نجاحه في الغناء، بعد تأهله في برنامج للهواة. زين عرفه الجمهور بالغناء المصري وتحديداً للفنان محمد عبد الوهاب، لكنه كسر ذلك وعاد إلى القاعدة الأساسية أو البيئة الشعبية الغنائية، فاعتمد على الأسلوب اللبناني الشعبي والراقي في آن، واستطاع أن يثبت هذا اللون بعيداً عن خوضه مجازفة الأغنية المصرية، وما سيترتب على ذلك من مسؤولية تجاه خياره.
الفنانة نانسي عجرم، عرفت بداية كيف تدخل السوق الفنّي، واستعانت بأبرز الكتّاب والشعراء المصريين، بعد انطلاقة ضعيفة بألبوم باللهجة اللبنانية. مدير أعمال عجرم، جيجي لامارا، استطاع توظيف شكل و"كاريزما" نانسي عجرم غناءً عن طريق الأغنية المصرية الخفيفة التي أعطتها نجاحاً وتفوقاً في لبنان والقاهرة، لكن عجرم، وبعد اعتمادها على اللون الشعبي الخفيف، عادت عبر أغنيات باللهجة اللبنانية لم تقل نجاحاً عن اللهجة المصرية، وقدمت إلى ذلك أغنيات معدودة باللهجة الخليجية تناسبت وأداءها.
في المقابل، ضاع الفنان الفلسطيني محمد عساف في تعدد اللهجات التي قدمها في أعماله الغنائية الخاصة، بعد فوزه بلقب "آرب أيدول" العام 2013، ففي ظلّ غياب إدارة فنية كان يجب أن تضع عساف على لون غنائي مشغول بإتقان بداية دخوله عالم الغناء، شكل ألبومه الغنائي الأول مجموعة من اللهجات التي أضاعت البوصلة، وتركت عساف بعيداً عن لون غنائي محدد سينطلق منه إلى باقي الألوان.
إشارة إلى أن عددا كبيرا من المغنين اللبنانيين يفضلون الغناء بلهجات متعددة، راغب علامة، نوال الزغبي، وكارول سماحة، وإليسا، وهؤلاء رسموا طريقاً ملوناً آخر لنجاحهم ولم تؤثر عليه اللهجات.