اعتقلت قوات الأمن المصرية، عشرات الشباب النوبيين واصطحبتهم إلى مكان غير معلوم، بعدما اعتدت على النساء المشاركات في الوقفة السلمية التي نظمها نشطاء نوبيون للمطالبة بحقوقهم التاريخية في الأرض.
ونظم أهالي النوبة في جنوب مصر، وقفة سلمية أعلنوا فيها رفضهم لممارسات الدولة من مماطلة تجاه تنفيذ المادة الدستورية 236، التي تنص على "تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها في مشروعات التنمية وفي أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلي، خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون".
وحسب المادة المذكورة "تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون".
كما أعلن أهل النوبة رفضهم إصدار ما وصفوه بـ"القرارات المجحفة" المكملة للقرار الجمهوري 444 لسنة 2014، بشأن تحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية، والذي صدرت توصية من مجلس الدولة مؤخرًا بإلغائه.
وأفادت أنباء بالقبض على حوالي 50 من الشباب النوبي من المسيرة، واحتجازهم الآن بمعسكر الأمن المركزي بالشلال.
وعلقت الناشطة السياسية، ماهينور المصري، قائلة "اتقبض على نشطاء وشباب نوبيين نظموا وقفة سلمية للمطالبة بحقوقهم التاريخية في أرضهم.. النظام المجرم قرر إنه يقبض على ناس بتطالب بتطبيق الدستور بتاع الدولة.. علشان طبعا القانون الحاكم هو قانون الطبقة الحاكمة، فالدولة مش حطبق المادة 236 من الدستور اللي بتدي حقوق للنوبيين في العودة لأرضهم، بس حتطبق اأي قانون يحبس الشعب".
وأضافت "النوبيين كمجموعة عرقية في مصر محرومين من العودة لأرضهم ومحرومين من تعلم لغتهم ومحرومين زي مجموعات تانية في البلد من حقوق كتير لهم.. النظام العسكري امتداده التاريخي طرد النوبيين من أرضهم علشان يبني السد العالي.. الناس مارفضتش بس تم التعامل معاهم باستهانة شديدة، واترموا في الصحرا بعيد عن شريان حياتهم النيل.. دلوقتي أولادهم وأحفادهم بيتقبض عليهم علشان لقوا قرار 444 بيبعدهم عن أرضهم أكتر وبيديها لأغراب".
واختتمت تعليقها عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بعبارة "يسقط حكم العسكر.. الحرية للجدعان".
وكان مئات النوبيين، قد أصدروا في وقت مبكر أمس الأحد، بيانا بتنظيم الوقفة السلمية، الأحد، الموافق 3/9/2017 بحديقة درة النيل أمام محافظة أسوان".
ودعا الموقعون على البيان، أبناء النوبة داخل وخارج مصر إلى "الوقفة السلمية للتعبير السلمي بالإنكار والرفض حول الممارسات التي تقوم بها أجهزة الدولة المختلفة بشأن تهميش للحقوق النوبية التاريخية والدستورية، والتي بحت أصواتهم بالمطالبة بها عن طريق الوقفات السلمية والاعتصامات وعقد لقاءت متعددة مع أجهزة الدولة المختلفة، تم من خلالها تقديم المذكرات والطلبات بالحقوق النوبية، والتي قوبلت من جميع الحكومات المتعاقبة بالاستعلاء والاستنكار".
وأوضح الموقعون أنه "تأكيداً لذلك يأتي هذا التجمع في ذكرى اعتصام 4/9/2011 والتي وعدت فيها الدولة بتنفيذ مطالب وحقوق النوبيين، وذلك لم يحدث حتى الآن"، بحسب البيان.
وأضاف البيان "جاء دور الدستور المصري عام 2013 في مادته 236، والذي استفتى عليه الشعب وأقسم رئيس الجمهورية باحترامه وتنفيذه (الذي يعطي الحق في توطين النوبيين في مناطقهم الأصلية والتنمية التعمير خلال عشر سنوات من خلال قانون ينظم ذلك)، كما دعت الحكومة بتفعيل المادة 236 من الدستور عن طريق تشكيل لجنة برئاسة وزارة العدالة الانتقالية وضمت هذه اللجنة ممثلين من أبناء النوبة والوزارات المختلفة والأجهزة الأمنية والسيادية والتي انتهت إلى إعلام مشروع قانون لإعادة التوطين وتنمية وتعمير بلاد النوبة الأصلية، والتي توافق عليها جميع النوبيين وتم تسليم صورة منها إلى رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس النواب، وانتظر النوبيين إصداره، ولكن أصبح حبيس الأدراج حتى الآن".
وتابعوا "ثم فوجئ النوبيون بإصدار رئيس الجمهورية القرار 444 بالتعدي على 110 كيلو من مناطق توطين النوبيين باعتبارها مناطق عسكرية، والذي يتعارض مع الحقوق الدستورية والتاريخية للنوبة، وهذا ما أكدته لجنة مفوضية مجلس الدولة في تقريرها الأخير في ذلك".
وأضافوا "وانتظر النوبيون تفعيل مواد الدستور إلا أنهم فوجئوا بطرح أراضيهم في المزاد لمشروع المليون ونصف المليون فدان، عن طريق الريف المصري، فجاء ردهم باعتراض من خلال مسيرة (قافلة العودة النوبية التي كانت بطريق أبو سمبل أسوان) خلال شهر نوفمبر 2016 لوقف المشروع على أراضيهم، وتم تعليق هذه المسيرة بوعد من الحكومة ومجلس النواب بالاستجابة لحقوق ومطالب النوبيين".
وأضاف البيان "تم عقد عدة لقاءات معهم، ولكن كانت كلها مجرد وعود كاذبة، ولم ينفذ أي بند حتى الآن، وبعد زيارة الرئيس لمحافظة أسوان خلال شهر يناير 2017 ووعده بحل كل مشاكل النوبيين وتنفيذ مطالبهم قام مجلس الوزراء بتشكيل لجان للحصر بدون ضم النوبيين، وقاموا بإجراءات إدارية وقانونية مخالفة للدستور والقانون، إلا أن النوبيين تقدموا بطلبات لرفضهم أعمال لجان الحصر جملة وتفصيلاً، وطلبوا أن تتوقف هذه اللجان عن العمل لحين تفعيل الدستور وإصدار القوانين المنظمة لذلك".
ودعا الموقعون، القيادة السياسية في مصر متمثلة في رئيس الجمهورية الحكومة والبرلمان إلى "وضع حلول جذرية فورية تجاه الحقوق والمطالب النوبية العادلة، وإنهاء ما يعانيه النوبيون من آلام ومعاناة على مدى عقود طويلة من الزمان".
وبينوا أن "النوبيين ليست لهم أي دوافع سوء المطالبة بحقوقهم التاريخية والدستورية وليسوا دعاة تصادم أو تخريب ويطالبون بحل لقضيتهم العادلة، وبالحصول علي حقوقهم التاريخية والدستورية داخل جدران الدولة المصرية بأيدي القيادة السياسية، ونرفض أي تدخلات أو إملاءات أجنبية".
وتابعوا "وأننا في هذه الوقفة السلمية نحمل القيادة السياسية ممثلة في رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية المسؤولية كاملة لأمن وسلامة النوبيين في وقفتهم السلمية، ولا في حالة حدوث أي تعدية أو ملاحقة أمنية لأبناء النوبة سترفع رايات الحداد فوق كل منزل نوبي وسوف نقوم باللجوء لمنظمات حقوق الإنسان بدول العالم لحمياتنا من الاضطهاد والمطالبة بحقوقنا المشروعة".
وأكدوا أن هذه المطالب تتمثل "في تفعيل المادة 236 من الدستور المصري في فقرتها الأخيرة الخاصة بإعادة توطين أهالي النوبة عن طريق إصدار قرار رئاسي بذلك، ووقف عمليات التهجير الممنهجة داخل قرى بند ومركز أسوان ووقف الاستثمار بكافة أشكاله على ضفاف بحيرة السد العالي لحين تفعيل النص الدستوري وإصدار القانون المنظم له، ووقف جميع أعمال لجان الحصر لحين تفعيل الدستور".