القائمة السوداء وفريق التحقيق لليمن... هل يكفيان لردع التحالف؟

09 أكتوبر 2017
أطفال في موقع استهدف أخيراً بغارة على حجة(فرانس برس)
+ الخط -
في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، شهدت الأسابيع الماضية تطورين لافتين، يتمثلان في إدراج "التحالف العربي" ضمن القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، وتشكيل فريق الخبراء للمساهمة في التحقيق بجرائم حرب اليمن. صحيح أن الخطوتين تمثلان ضغطاً قوياً على "التحالف العربي" بقيادة السعودية والإمارات، اللتين أخفقتا بتفاديهما، حتى اليوم على الأقل، غير أن السؤال المطروح يتمثل في معرفة ما إذا كانت الضغوط السعودية ستقود لإعادة النظر بالخطوتين، أم أن الواقع بات مختلفاً عما كان سابقاً؟

وخلال الأيام الأخيرة، تصدرت ردود الفعل على إدراج الأمم المتحدة لـ"التحالف العربي"، في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، مواضيع اللحظة في اليمن. وأعلن "التحالف" عن "رفضه التام" لما احتواه تقرير الأمم المتحدة من معلومات وبيانات، اعتبرها "معلومات مضللة" ومن شأنها التأثير على مصداقية المنظمة الدولية، بحسب "التحالف". وطالب بـ"توضيح ما ورد في التقرير من مغالطات بشأن التحالف وإلغاء الإدراج" ضمن القائمة السوداء. ومع ذلك، اعتبر أن "الآثار المؤسفة لهذا النزاع" في اليمن، تعود لقيام مسلحي "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بـ"ارتكاب جرائم وأساليب لاأخلاقية وغير شرعية يستخدم فيها المدنيون، بمن فيهم الأطفال، دروعاً بشرية"، وهو ما بدا إقراراً ضمنياً بوقوع ضحايا من الأطفال، وتبرير ذلك باستخدامهم "دروعاً بشرية".

ولم يبتعد كثيراً رد الحكومة اليمنية الشرعية عن رد "التحالف" على التقرير. وأعلنت الحكومة في بيان رفضها لما ورد من اتهامات للقوات الموالية للشرعية و"التحالف العربي". وذكرت أن الأمم المتحدة تعتمد في "مصادرها على منظمات المجتمع المدني التابعة لمليشيات الحوثي وصالح الانقلابية" وعلى سجلات وزارة الصحة في صنعاء. وقدمت عدداً من الملاحظات التي تطعن في التقرير وتتهم الحوثيين بالتزوير في سجلات القتلى.


وعلى الصعيد غير الرسمي، لاقت الخطوة ترحيباً واسعاً في الأوساط الحقوقية، بما في ذلك، "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش". وأثنت مديرة "الترافع عن حقوق الطفل" في المنظمة الأخيرة، جو بيكر، على قرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بإدراج "التحالف" بقيادة السعودية في ما سمّته "قائمة العار"، بسبب "هجماته المستمرة التي قتلت مئات الأطفال ودمرت عشرات المدارس والمستشفيات في اليمن"، وفق تعبيرها. وأضافت أن "على التحالف الكف عن إطلاق الوعود الفارغة بأنه سيتخذ الاحتياطات اللازمة، وعليه تطبيق خطوات ملموسة لوقف هذه الهجمات غير المشروعة في اليمن، والسماح بوصول الوقود والمساعدات إلى من يحتاج إليها". وأكدت أنه "حتى يحصل ذلك، على جميع الحكومات تعليق كافة مبيعات الأسلحة للسعودية"، وفق اقتراحها.

في المقابل، مثلت الخطوة "انتاكسة" بالنسبة لمناصري "التحالف"، الذين رأى البعض منهم أن هذا التطور هو بمثابة فشل لدبلوماسية دول "التحالف العربي". وبتعبير الأكاديمي والمحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، وفق تغريدة له على صفحته الشخصية على "تويتر"، فإن "إدراج التحالف العربي في اليمن في لائحة الأمم المتحدة السوداء لارتكابه جرائم ضد الأطفال مؤسف ويشكل انتكاسة لدبلوماسية دول التحالف في نيويورك". وليست المرة الأولى التي تدرج فيها الأمم المتحدة "التحالف" على قائمة "العار" لمنتهكي حقوق الطفل، إذ كان على القائمة في التقرير السنوي للأمين العام السابق، بان كي مون، عام 2016. وبعد معركة واتهامات وضغوط، تمكنت السعودية من إجبار الأمين العام على إزالة "التحالف" من القائمة السوداء، بعدما هددت، بحسب تقارير آنذاك، بوقف دعم منظمات الأمم المتحدة العاملة بالجانب الإنساني. وأقر بان كي مون بتعرضه لضغوط، وقال أمام الصحافيين في يونيو/حزيران 2015 إنه "من غير المقبول للدول الأعضاء ممارسة ضغوط مفرطة". وأضاف أن "قرار إزالة التحالف الذي تقوده السعودية من تقرير أطفال اليمن، كان أحد أصعب القرارات التي كان عليّ اتخاذها". وتابع "فعلت ذلك جزئياً بسبب مصير الأطفال الآخرين الذين سيتضررون إذا سحبت السعودية وغيرها المساهمات المالية إلى وكالات الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين وفي جنوب السودان وسورية"، وفق تعبيره.

ومع ذلك، تأتي أهمية إعادة "التحالف" إلى القائمة السوداء، هذه المرة، من كون الخطوة تأتي بعد فشل الدبلوماسية السعودية والإماراتية بإحباط مشروع قرار في مجلس حقوق الإنسان الشهر الماضي، يتضمن إرسال خبراء للتحقيق بالانتهاكات في اليمن. وعوضاً عن ذلك، تدخلت الولايات المتحدة للتوفيق بين المشروع المقدم من مصر عن المجموعة العربية وينص على دعم اللجنة الحكومية اليمنية للتحقيق، وبين المشروع الذي تقدمت به هولندا والعديد من الدول الأخرى، ويتضمن تشكيل لجنة تحقيق دولية بالانتهاكات في اليمن.

وعلى الرغم من محاولة تصوير الرياض والحكومة اليمنية الشرعية، الصيغة الأخيرة التي تم إقرارها، بأنها انتصار لجهودهما الدبلوماسية في هذا الصدد، إلا أن القرار حافظ على أهم البنود المقدمة بمشروع القرار الهولندي، وانتهى انعقاد المجلس لأول مرة بإقرار تشكيل فريق خبراء من الأمم المتحدة للتحقيق بالانتهاكات. والخطوة مثلت انتصاراً للجهود التي وقفت بوجهها الرياض، على مدى العامين الماضيين.

وتشكل "القائمة السوداء" و"فريق التحقيق"، عموماً، تطوراً مزعجاً بالنسبة لـ"التحالف العربي" الذي تقوده السعودية وينفذ عمليات عسكرية في اليمن منذ أكثر من عامين ونصف، ارتكبت خلالها انتهاكات ومجازر متعددة، تتوجه الاتهامات بأغلبيتها إلى "التحالف"، مثلما تتوجه الاتهامات بانتهاكات أخرى للحوثيين والموالين لصالح. وتبقى الفترة المقبلة وتطوراتها كفيلة بتوضيح ما إذا كانت الخطوتان ستسهمان بالحد من الانتهاكات، أم أن الضغوط التي نجحت العام الماضي بإزالة "التحالف" من "القائمة السوداء"، ستتمكن من ذلك، مرةً أخرى.