الفلسطينية رنيم صفدي... أنوثة بين شرر الحديد (فيديو)

22 أكتوبر 2016
51924325-8B69-4117-B7CC-B77411317E5D
+ الخط -
على صوت لِحام قضبان الحديد، والشرر المتطاير من حولها، تحمل رنيم صفدي (30 عاما)، آلة قص الحديد، التي تخشى منها بنات جنسها، وتبدأ بقص لوحٍ كبير.


"ذكورية" المهنة وخطورتها، وخشونة الأيادي التي تتعامل مع قضبان الحديد الثقيلة، لم تقف عائقاً أمام رنيم، لتصبح "معلمة" في مجال الحدادة في قريتها "عوريف"، جنوب مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية.

"منذ أربع سنوات وأنا أعمل داخل هذه الورشة الملاصقة لبيتي"، تقول رنيم، في حين كان صغيرها ذو الثلاث سنوات يلهو عند باب الورشة، وأقبل ليحتضنها ويحظى بقبلة منها.

رنيم ذات العينين الخضراوين ويديها المتسختين بسواد الحديد، كانت كما قيل عنها تلحم القضبان، وتشكل الحديد ليخرج من باب ورشتها نافذة أو بابا.

وعن السؤال البديهي: "لماذا أنتِ هنا؟"، تجيب رنيم: "ظروف الحياة الصعبة". وتضيف: "الحياة أجبرتني على اقتحام هذا المكان، مرض زوجي ولم يعد يقوى على العمل".

وتكمل: "وضعنا المادي لم يسمح لنا بأن نستعين بعامل يساعد زوجي بورشة الحدادة خلال مرضه. كنت أقف معه، أساعده وأعطيه ما يحتاجه من الحديد أو الأدوات، ومع الوقت حفظت أسماء وأنواع الحديد، وكل شيء يتعلق بالحدادة، وبدأت بالعمل بيدي".

خلال حديثنا، أصاب سيارة زوجها عطل، فما كان من رنيم إلا أن شمرت عن ساعديها، وعملت على إصلاحه. ومع نظرات الاستغراب والدهشة، ضحكت رنيم وهي تقول: "الحدادة ليست عملي الوحيد، أصلح سيارتنا كثيرة الأعطال، كما ساعدت ببناء منزلنا مع زوجي، وأصلح بعض الماكينات المستخدمة بالبناء كخلاطات الإسمنت".

ولا يقتصر عمل رنيم داخل الورشة، فبائعو الحديد يعرفونها جيداً، فهي ترافق زوجها في جولاته على الباعة لشراء الحديد.

لديها خبرة في الميكانيك أيضاً (نضال إشتية- الأناضول) 



تقول رنيم: "بعض التجار يمازحون زوجي ويقولون له لا تحضر زوجتك معك المرة القادمة، فهي تأخذ السعر التي تريده، في إشارة إلى قدرتي على مفاصلتهم جيداً".

أمجد عوريفي، زوج رنيم، الذي يعتمد عليها في كل تفاصيل العمل، يقول: "ظروف مرضي والوضع المادي الصعب الذي مررنا به، حكمت على زوجتي بالعمل ومساعدتي".

أما عن نظرة المجتمع لزوجته وعملها يعتبر أن "رضا الناس غاية لا تدرك، ومن الطبيعي أن تساعد المرأة زوجها، زوجتي تحب عملها أكثر من أي عمل آخر يراه الناس مناسباً للنساء".

تعالج قضبان وألواح الحديد وتجعل منها نوافذ وأبواب (نضال إشتية- الأناضول) 



وتشارك رنيم زوجها في تركيب النوافذ والأبواب التي فصّلتها وطلتها، كما يشاركها أطفالها في هذا العمل. وتشير إلى أن أطفالها الثلاثة يرافقوها هي وزوجها خلال عملية التركيب في المنازل.

وعن مخاطر العمل بالحدادة، تقول رنيم: "عملي يتطلب حذراً، تواجهني أحياناً بعض الحوادث البسيطة لكني حذرة وأعمل بدقة".

وعن نظرة المجتمع لها ولطبيعة عملها توضح "في البداية كان الأمر غريباً للناس، خاصة أني أعيش في قرية لها عادات وتقاليد معينة، والناس ليسوا معتادين على رؤية فتاة في ورشة حدادة، لكن عندما اضطررت للعمل، ولم يكن هناك من يساعدنا لم أتردد لحظة".

وتختم حديثها قائلة: "أنا الآن أحب عملي، ولا يمر يوم دون أن أعمل في الورشة".


(الأناضول)

ذات صلة

الصورة
لاحتساء "أتاي" طقوس متوارثة في المغرب (Getty)

مجتمع

يعد الشاي المشروب الرئيسي لجميع الطبقات في المغرب، رغم أنه صاحب بداية انتشاره جدل وصل إلى حد تحريمه بحُجّة أنه يشبه الخمر، قبل أن تخفت تلك الأصوات، وينتصر "أتاي" بفضل مزاياه ومذاقه.
الصورة
"حق الملح" هدية التونسيين لزوجاتهم في عيد الفطر

مجتمع

يتوارث التونسيون عادة "حقّ الملح"، وفيها يقدّم الزوج هدية لشريكته في عيد الفطر، تكون إمّا مبلغاً من المال وإمّا قطعة من الذهب، وذلك تقديراً للجهد الذي بذلته من أجل عائلتهما في شهر رمضان.
الصورة
ختم الأحاديث النبوية في رمضان تونس (العربي الجديد)

مجتمع

يولي التونسيون الأحاديث النبوية الشريفة عناية كبرى ويحرصون على قراءتها وتفسيرها وحفظها في جلسات خاصة بالجوامع، وذلك برئاسة علماء في الفقه وأئمّة الزيتونة في شهر رمضان من كلّ عام.
الصورة
حكواتي رمضان في الموصل في العراق (العربي الجديد)

مجتمع

يُعَدّ الحكواتي، أو "القصَّخُون" كما يُطلَق عليه في العراق، من هؤلاء الأشخاص الذين ما زالوا يحافظون على إحدى المهن أو أحد الفنون الثقافية الشعبية المتوارثة.
المساهمون