وتأمل الفنانة إسراء صافي (26 عاماً) من مخيم البريج وسط قطاع غزة أن ترى العالم بشكل أفضل، عبر تحويل أي صورة مأساوية إلى أخرى جميلة، مع استخدام المشهد والإطار نفسه الخاص بالصورة الأصلية.
وتسعى صافي إلى كسر القوالب النمطية للصور والواقع المأساوي وعدم التسليم إليه، عبر نسج الخيالات الخاصة بكل حالة، ورسم واقع مغاير لها، بتحويل الجرح إلى علامة جميلة، والرصاصة إلى وردة.
قصة الفنانة إسراء صافي مع الرسم بدأت مبكراً، إذ كانت ترسم الوجوه وملامح الإنسان ورسوم الكارتون منذ الصغر. وتقول لـ "العربي الجديد" إنها تتجه إلى الرسم للتعبير عن ذاتها وترجمة مشاعرها.
وتوضح صافي التي شاركت في عدد من الدورات الخاصة بتطوير موهبتها، إلى جانب مشاركتها في عدد من المعارض المحلية أنها قررت البدء بمشروع WHY NOT "لمَ لا؟"، بعد مشاهدة صورة محزنة لطفلة جميلة ذات عينين زرقاوين متسخة الثياب.
وتضيف: "قررت التمرد على واقع تلك الطفلة حافية القدمين برسم حذاء جميل، وتبديل ثيابها الرثة بأخرى أنيقة وجميلة، وتحويل محيطها إلى بيئة جميلة وآمنة"، موضحة أن الفنان يملك خيالاً واسعاً يمكنه من تخيل واقع أفضل بديل عن الواقع الأليم.
وتطرقت لوحات مشروع "لمَ لا؟" إلى معبر رفح عبر صورة حقيقية للمعبر المغلق وأمامه آلية عسكرية وحاجز، واستبدلت بلوحة للمعبر نفسه يمر من خلاله أطفال مسافرون بكل سهولة ومن دون أي حواجز، وقد زُيّن بالأشجار والزينة الخضراء والعلمين المصري والفلسطيني.
كذلك حَوَلت اللوحات صورة لسيدة تعرضت للعنف، وقد مُدت إليها يد لتضربها على عينها التي تظهر عليها آثار الكدمات، بلوحة أخرى للسيدة نفسها وهي تبتسم، وقد مُدت إليها ذات اليد وهي تحمل وردة حمراء، في إشارة إلى ضرورة نبذ العنف ضد المرأة.
صورة أخرى جسدت أطفالاً فلسطينيين يلهون داخل سيارة مهترئة قديمة، وقد ظهر البؤس والفقر على ملامحهم، تم تبديلها بلوحة رُسمت عبر "الرسم التقني الإلكتروني" لسيارة جديدة، تقل مجموعة من الأطفال في رحلة برية، وقد حملوا الدمى، وظهرت السعادة واضحة على ملامحهم الصغيرة، تلميحاً لحق الأطفال في اللعب والعيش ببيئة آمنة ونظيفة.
الدمار الواسع الذي تسببت به الآليات العسكرية الإسرائيلية، من خلال ممارساتها واستهدافها المتواصل للفلسطينيين ومنشآتهم وبيوتهم، والذي أثر على كافة نواحي الحياة، وتحديداً على المقبلين على الزواج تم تصويره في لوحة "الفرح" في مكان آخر، أكثر أمناً وقد أحيط بالورود والزهور، وعريس يمسك يد عروسه.
أما البيت المجاور للبحر في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، والمصنوع من ألواح الصفيح المهترئ، والذي ظهر وكأنه كومة من المعدن غير الجميل، والمؤذي للنظر، فقد تم تحويله إلى بيت جميل يطل على البحر، في مشهد يوحي بحق الفقراء ببيت جميل يؤويهم، ويحفظ كرامتهم.
وصورت لوحات مشروع "لمَ لا"، العديد من القصص المأساوية الأخرى، ومنها صورة لطفل مُصاب في وجهه، وسط بيئة تظهر فيها حالة الفقر المدقع، وقد تم تحويل الساحة التي يقطن فيها عبر لوحة أخرى إلى ملعب كرة قدم، ومساحات خضراء، يحمل فيها الطفل كرة قدم، وقد ظهرت السعادة على ملامحه.
بر الوالدين كان له زاوية من زوايا المشروع، إذ ظهرت أم، وهي تجلس حزينة أمام النافذة، ترقب أبناءها الذين تركوها، وقد تم تصويرها في لوحة أخرى وهي تجلس ذات الجلسة، وقد مُدت إليها وردة حمراء من النافذة، في رسالة إلى الأبناء بعدم السماح للحياة وللعمل بأن يسرقهم من حياتهم الأسرية، وبر الوالدين.
أما الصورة التي ظهر فيها مصاب مبتور القدم من مصابي مسيرات العودة وكسر الحصار، يجلس على كرسيه المتحرك وهو يلاعب طفلته، فقد تم تصوير ظله على أنه شخص طبيعي، يلاعب طفلته وقد وقف على قدميه، وقد أرادت الفنانة نصار صاحبة العمل من خلال تلك اللوحة لفت أنظار العالم إلى حق الشعب الفلسطيني في الحياة الآمنة بعيداً عن الاحتلال وممارساته العنصرية.