فاجأ مدير هيئة المنافسة ومنع الاحتكار في حكومة بشار الأسد، أنور علي، الجميع بالكشف عن فقدان موازنة النظام نحو 30% من ميزانية الدولة عبر أقنية الفساد والرشى، الأمر الذي فسّره خبراء بأنه تمهيد للإطاحة ببعض الوزراء في الحكومة ككبش فداء وتحميلهم الفشل في الحد من الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تفاقمت في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام، وأدت إلى تزايد الغضب الشعبي.
وأوضح الخبير الاقتصادي عماد الدين المصبح، لـ"العربي الجديد"، أن هذه التصريحات تأتي
في إطار حملة منظمة لبعض المسؤولين في النظام، ومنها هجوم سابق لرئيس اتحاد العمال، شعبان عزوز، على الحكومة واتهامها بالفساد، بهدف تهرّب النظام من مسؤوليته عن الانهيار في الملف الاقتصادي وتحميله لبعض المسؤولين.
وأشار المصبح إلى أن الفساد متأصل في الحكومات المتعاقبة منذ عقود، وتفاقم في الآونة الأخيرة إثر تبديد الثروات وخسارة موارد الخزينة العامة، ووصل الأمر لاستجداء إيران بقرض مليار دولار عبر خط ائتمان جديد بعد انتهاء الخط السابق بقيمة 3.5 مليارات دولار.
وأضاف أن تصريحات النظام حول عمليات الفساد التي تم الكشف عنها أخيراً والتهمت نحو ثلث موازنته تتعلق بفساد في المصارف وعمليات استيرادية. وتبلغ موازنة عام 2015 نحو 1554 مليار ليرة (5.2 مليارات دولار).
اقرأ أيضاً: السوريون يطاردون أموالهم المهربة
وأكد المصبح أن المسؤول بنظام الأسد لم يتطرق لصفقات الغذاء الحصرية الممنوحة لآل الأسد وأصدقاء النظام، ولا حتى لعقود بيع النفط وتأجير مقدرات سورية أو عقود شراء السلاح من إيران وروسيا التي يقودها قلة على رأسهم محمد مخلوف خال بشار الأسد.
وكان المدير العام لهيئة المنافسة ومنع الاحتكار التابع لنظام الأسد، قد ادعى في تصريحات صحافية منذ يومين، أن مؤسسته بدأت التعمّق في ملفات الفساد للحفاظ على المال العام.
وأوضح أن هيئة المنافسة ومنع الاحتكار تعتبر قرار السماح لشركات الصرافة بتمويل إجازات الاستيراد قراراً خاطئاً، في ظل وجود جهات خبيرة كالمصارف العامة التي تخضع للرقابة ويمكن متابعة عملها، في حين أثبتت التجارب السابقة مع شركات الصرافة أنها غير جديرة بالثقة، والدليل تعرض العديد منها للمخالفات.
ويقول المحلل المالي من مدينة إدلب (شمال سورية)، إبراهيم محمد، إن فساد النظام أخذ أشكالاً مختلفة وجديدة عقب اندلاع الثورة منذ أربعة أعوام، تعدت الطرق التقليدية، من التلاعب بالمشتريات ومنح المناقصات والمزايدات الحكومية، ليصل لبيع أصول وثروات سورية، بمعنى الكلمة، ومنها بيوت مهجرين وثروات النفط والغاز والمعادن وتجارة بالآثار وحتى الأعضاء البشرية.
وصنّفت سورية ضمن الدول الأكثر فساداً على الصعيد العربي والعالمي، حيث احتلت المرتبة 159 عالمياً والخامسة عربياً، حسب تقرير منظمة الشفافية العالمية العام الماضي، الذي أكد على أن الفساد اتخذ أشكالاً متعددة في ظل الحرب الدائرة في البلاد وضعف الرقابة وانعدام الشفافية في الأجهزة الحكومية.
اقرأ أيضاً: الليرة السورية في غرفة "إنعاش المغتربين"