الغوطة الغربية لدمشق: ساعات ما قبل التهجير الكبير

28 ديسمبر 2017
A1D2ACD0-50F0-4104-BF75-14EB4A237D7D
+ الخط -

يحتدم الصراع بين قوات المعارضة السورية من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى، في ريف دمشق الجنوبي الغربي غير البعيد عن الحدود السورية والأراضي التي تحتلها إسرائيل، حيث تحاول قوات النظام بمساندة مليشيات إيرانية، انتزاع آخر مناطق المعارضة في تلك النقطة الاستراتيجية والتي بقيت لسنوات مصدر قلق وتوتر بسبب سيطرة المعارضة المسلحة عليها. وفي الوقت الذي يتحدّث فيه الإعلام الذي يتبع للنظام عن اقتراب ساعة الحسم هناك، يؤكد قيادي في الجيش السوري الحر أن مقاتلي المعارضة خاضوا معارك شرسة حول بلدة بيت جن، موضحاً أن مليشيات إيرانية تلبس لباس قوات النظام وتضع إشارات الفرقة الرابعة، أشرس فرق جيش النظام، تقاتل إلى جانب قوات بشار الأسد، في خرق لاتفاق أبرم في عمان منع هذه المليشيات من الوجود في جنوب سورية.

وتحدثت وسائل إعلام تابعة للنظام عن أن قوات الأخير "تقترب من إعلان ساعة النصر في الغوطة الغربية"، زاعمةً أن "إسرائيل قلقة ومتخوّفة" مما سمّته "الانتصار الاستراتيجي المنتظر". وقالت هذه الوسائل إن قوات النظام خاضت، الثلاثاء، اشتباكات عنيفة في مزرعة بيت جن على المحاور الشرقية لقرية حرفا بريف دمشق الغربي، زاعمةً أن قوات المعارضة في المنطقة خرقت الهدنة واستهدفت قرية حرفا بالأسلحة المتوسطة. وأشار الإعلام التابع للنظام إلى أن عدد مقاتلي المعارضة في قرى بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير، يقدرون بنحو 300، وحوالي 500 مسلح في قرى "المصالحة"، إضافة إلى 270 من ريف درعا.


وأكدت مصادر النظام أن الأخير "يعمل على ترتيب اتفاق يقضي بنقل المسلحين في ريف دمشق الجنوبي الغربي إلى إدلب ودرعا خلال الأيام المقبلة"، مشيرة إلى أنّ قوات المعارضة قبلت بالدخول في مفاوضات لنقل عناصرها من المنطقة بعد إحكام الطوق عليها. ونفت مصادر في فصائل المعارضة منضوية في غرفة عمليات "اتحاد قوات جبل الشيخ" أنباء الدخول في مفاوضات مع قوات النظام، في حين أكد إبراهيم الجباوي، وهو مسؤول في الجيش السوري الحر في المنطقة الجنوبية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام أعطت لمقاتلي المعارضة، الثلاثاء، مهلة 72 ساعة، مشيراً إلى أن المفاوضات "لم تبدأ بعد". وأضاف الجباوي أن المليشيات التي تتبع للنظام "تحاول أن تزجّ كل قواها في معركة بلدة بيت جن المحاصرة من قبلها"، مشيراً إلى أن "خطة مليشيات النظام تقوم على دفع مقاتلي المعارضة السورية المدافعين عن البلدة للاستسلام أو الدخول في مفاوضات لنقلهم إلى محافظة إدلب"، في شمال غربي سورية، معرباً عن اعتقاده بأن تسمح قوات النظام لمقاتلي المعارضة بالانتقال إلى محافظة درعا القريبة. وقال المسؤول العسكري إن صمود مقاتلي المعارضة "أسطوري رغم انقطاع خطوط الإمداد بسبب الحصار المطبق على بيت جن"، موضحاً أن هؤلاء يخوضون معارك شرسة حول بلدة بيت جن.

وتحدثت وسائل إعلام تابعة للنظام عن أن قوات الأخير استعادت قرى بيت سابر، بيت تيما، كفر حور، التل الفرنسي، تلول السوادي، تل الضبع، السن الصخري، تل التين، حلف شور، تل المنطار، تل الزيات، تلول السود، ومزارع بشير النجار. وأشارت إلى أن مساحة المنطقة التي استعادتها تبلغ نحو 85 كيلومتراً مربعاً، زاعمةً أن نحو 110 من مقاتلي المعارضة قتلوا في المعارك، إضافة إلى إصابة نحو 160 منهم.


وتدور الاشتباكات في منطقة ليست بعيدة عن الحدود الفاصلة بين سورية والأراضي المحتلة، كما أنها لا تبعد كثيراً عن الحدود السورية اللبنانية التي تسيطر عليها قوات "حزب الله"، وخصوصاً لجهة شبعا. وتقع بلدة بيت جن على السفوح الشرقية لجبل الشيخ الشهير المطل على الحدود السورية مع لبنان والأراضي المحتلة، وكانت قبل الثورة من أبرز مقاصد السياح، حيث تتمتع بطبيعة خلابة وجو معتدل. وسيطرت قوات المعارضة السورية على بلدة بين جن والبلدات والقرى القريبة منها في عام 2013، حيث شنت هجمات على قوات النظام كادت أن تنهي وجود الأخيرة في ريف دمشق الجنوبي الغربي وكامل محافظة القنيطرة، ولكنها بدأت بالتراجع منذ بدء التدخل الروسي المباشر أواخر عام 2015.

ويراقب الجيش الإسرائيلي عن كثب ما يجري في المنطقة، وهو ما دفع مليشيات إيرانية إلى التخفي بلباس قوات النظام، وفق مصادر مطلعة في قوات المعارضة السورية، في محاولة للتهرّب من اتفاق التهدئة في جنوب سورية المبرم بين روسيا والأردن والولايات المتحدة في عمّان، في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، والذي طلب من إيران إبعاد مليشياتها 50 كيلومتراً عن الحدود السورية مع الأراضي التي تحتلها إسرائيل.

وأكد الجباوي أن أمر تمويه وجود المليشيات الإيرانية في جنوب سورية من خلال ارتداء مسلحيها لباس قوات النظام "ليس جديداً"، موضحاً أنه "منذ أكثر من ثلاث سنوات ومليشيات إيران تلبس لباس قوات النظام، وتضع إشارة الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد"، شقيق بشار الأسد، "ولكن اللغة تفضح هؤلاء المسلحين الأجانب". وتعد الفرقة الرابعة أشرس الفرق في جيش النظام، وقد ارتكبت أولى المجازر بحق المدنيين والتي لا تزال عالقة في الذاكرة السورية. ورغم امتلاك هذه الفرقة أحدث الأسلحة، إلّا أنها منيت بهزائم في معارك مع قوات المعارضة، وخصوصاً في العاصمة دمشق وريفها، وهذا ما يفسّر بطشها بالمدنيين.

وفي حال سيطرت قوات النظام والمليشيات الإيرانية على كامل الغوطة الغربية للعاصمة دمشق، تكون بذلك أخضعت كامل ريف دمشق، باستثناء الغوطة الشرقية التي تفرض عليها حصاراً منذ نحو خمس سنوات ومن المتوقع أن توجه جهدها كله إليها بعد الانتهاء من الغوطة الغربية، ما يؤكد أن ما يسمى بـ"مناطق خفض التوتر"، التي أقرها مسار أستانة خارج حسابات النظام الساعي إلى حسم عسكري في كل سورية. وانتقل معظم مقاتلي دمشق وريفها من المعارضة السورية إلى شمال غربي سورية ضمن اتفاقات مع النظام على مدى العامين الأخيرين، وهو ما يبدو سيكون عليه مصير مقاتلي المعارضة في منطقة بيت جن وما حولها. وتتخوّف المعارضة السورية من توجيه قوات النظام جهدها بعد الانتهاء من الغوطة الغربية لدمشق إلى ريف درعا الغربي، حيث يتخذ النظام وحلفاؤه من هيئة تحرير الشام ذريعة لقضم مناطق المعارضة في عموم الجغرافيا السورية.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
المساهمون