العمالة المنزلية في قطر.. مخاوف الهروب هاجس الكُفلاء

19 يوليو 2015
عاملات من جنسيات آسيوية
+ الخط -

تشكو المواطنة القطرية، سارة الأحبابي، من طلب مكتب استقدام للعمالة المنزلية 15 ألف ريال (4 آلاف دولار)، لاستقدام عاملة في المنزل، بعدما كانت الرسوم "دون 5 آلاف فقط قبل سنوات معدودة".

تقول سارة لـ"العربي الجديد": "أين دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، التي تقع مكاتب الاستقدام تحت مظلتها الرقابية، في تقليل نفقات الاستقدام ومتابعة هذه المكاتب. أخشى من إتمام عملية الاستقدام، لتهرب بعدها الخادمة كما حصل مع جارتي أم محمد".

هروب العمالة المنزلية

"يزداد الأمر تعقيداً بعد استقدام الخادمة أو السائق، لأن الكفيل مُطالَب بأن يحرص على عدم هروبها والتحاقها بسوق العمالة السائبة والمتسربة من منازل الكفلاء" ـ تقول الأحبابي لـ"العربي الجديد" ـ موضحة أن بعض الخادمات لا يكملن أسبوع عمل لدى الكفيل ويهربن غير مبالين بما يمكن أن يقع عليهن أو على المُستقدِم من أضرار مادية.

يعاني المواطن القطري عيسى السليطي من هروب خادمته، موضحاً أن الأمر لا يرجع إلى سوء المعاملة كما يروّج البعض، ولكن لوجود سوق موازٍ يمنح الخادمة الكثير من الامتيازات، فهي تعمل بالساعة وبراتب ربما يفوق ما تحصل عليه من الكفيل، إضافة إلى أنها حرة في تحركاتها، فيمكن أن تبيت خارج سكنها، وهو ما لا ترضاه الأسر لعدم علمها بمكان وجود الخادمة.

"الهروب معتاد بين العمالة المنزلية ولا يمر أسبوع دون سماع خبر مماثل من محيطنا القريب"، يقول السليطي، ملقياً باللائمة على ما سمّاه بمافيا تهريب العمالة، مشدداً على أن مشكلات العمالة المنزلية تتخطى الخسائر المالية التي يعاني منها الكفيل، وتصل إلى ضرب الأطفال أو عدم الاعتناء بهم، وخاصةً أن عمل المرأة اتّسع نطاقه في المجتمع القطري، ما أعطى الخادمة مساحة واسعة للبقاء مع الأطفال فترات طويلة.

وفقاً للقانون، فإن الخادمة التي تهرب تتم إعادتها لكفيلها في حال ضُبطت، أو إلى بلدها على نفقة الكفيل في حال رفض عودتها إليه، وفي حال لم تضبط، وهي الحالة الأكثر شيوعاً، تعمل الخادمة حتى الوقت الذي تحدده ثم تسلّم نفسها للجهة المختصة لتحصل على جواز سفرها إن لم تكن محتفظة به وتعود لبلدها على نفقة الكفيل.

وكانت السلطات القطرية قد كشفت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، عن إلقاء القبض على خمس عصابات في البلاد تقوم بتهريب عاملات المنازل وتشغيلهن. وبيّن العميد ناصر محمد السيد، مدير إدارة البحث والمتابعة في قطر، أن الجهات المعنية تمكنت من إلقاء القبض على تلك العصابات التي يديرها أشخاص قاموا بإيواء خادمات والتستر عليهن بغرض إعادة تشغيلهن.

كلفة هروب العاملات المنزليات

محمد مبارك محمد المهندي، صاحب مكتب الإحسان لاستقدام العمالة المنزلية، يقول إن شكوى البعض من كلفة ونفقات الاستقدام، ترجع إلى هروب الخادمة وما يمثله ذلك من عبء على الأسرة، إذ تبلغ كلفة استقدام عاملة منزلية من الفلبين، ما بين 12 ألفاً إلى 13 ألف ريال قطري (قرابة 3670 دولاراً)، أما كلفة استقدام السائق فلا تتجاوز 5 آلاف ريال (1373 دولاراً)، مشيراً إلى أن مشكلة الهروب يكون المكتب أحد ضحاياها، إذ يعتبر الكثير من القطريين أن مسؤولي الاستقدام هم سبب المشكلة.

ويلقي المهندي باللائمة على الأسر في الشكاوى التي تزايدت في الآونة الأخيرة، موضحاً أن العاملة المنزلية تحتاج إلى متابعة ومراقبة لمدى جديتها في تحمّل المسؤوليات الملقاة عليها، حتى تتدخل الأسرة في الوقت المناسب قبل وقوع المشكلات.

من واقع خبرته، يؤكد المهندي أن مافيا تهريب العمالة المنزلية تقدم الكثير من المغريات، إذ تحصل الخادمة على قرابة 2000 ريال قطري شهرياً (550 دولاراً أميركياً) في سوق العمل الموازي بعيداً عن الكفيل، والأمر يعني أن يبدأ الكفيل رحلة بحث جديدة عن خادمة يمكن ألا تختلف عن سابقتها، مطالباً بتوزيع كُتيّبات على العاملات مترافقة مع إجراءات الاستقدام ليكون المقيم الجديد على دراية بقوانين الدولة، وما يمكن أن يتعرّض له من مساءلة في حال هرب من كفيله.

ويؤكد صاحب مكتب الإحسان أن العاملة المنزلية تحصل على حقوقها كاملة، قائلاً: "حتى زيادة الراتب يقابلها معظم الكفلاء بالموافقة لعدم رغبة الكفيل في الدخول بدائرة بحث جديدة عن خادمة"، مشدداً على أن حالات الهروب تختلف من مكتب لآخر على أساس تدقيق العاملين به في اختيار العمالة المنزلية قبل الاستقدام.

معاناة المكاتب من الهروب

يشرح فراس حجي، مسؤول مكتب الديوان لاستقدام العمالة المنزلية، سبب فروق أسعار استقدام العاملات المنزليات، قائلاً: "الفروق بسيطة ولا تتجاوز 600 ريال قطري (164 دولاراً)، والكثير من الكفلاء لا يلتفت للفرق بقدر بحثه عن المواصفات التي يريدها، موضحاً أن المتاح من العمالة المنزلية يقتصر على ثلاث جنسيات فحسب، فالعاملة المنزلية الفلبينية يكلّف استقدامها 11 ألف ريال (3021 دولاراً أميركياً)، والسيريلانكية 13 ألف ريال (3571 دولاراً أميركياً)، بينما لا يجاوز استقدام الخادمة من بنغلاديش 7500 ريال قطري (قرابة 2060 دولاراً أميركياً)، مرجعاً الزيادة في كلفة استقدام عاملات من الجنسية السيريلانكية إلى قدرتهن على الحديث بالعربية.

وعن مشكلة هروب الخادمات يضيف حجي: "قبل قرابة أسبوع هربت أربع خادمات يتبعن مكتب الديوان، وبعد طول اتصالات معهن استطعنا إقناع اثنتين منهن بالعودة إلى العمل، في حين فشلنا في الوصول لاثنتين، والكفيل دائماً ما يلقي باللائمة على المكتب".

يتابع: "رحلة هروب العمالة المنزلية تبدأ من على مواقع التواصل الاجتماعي التي تستغلها الخادمات والسائقون للتواصل مع عصابات تعمل في هذا الأمر، ومن ثم تهرب الخادمة خلال تواجدها مع الأسرة في مجمع تجاري أو من المنزل الذي تعمل به، أملاً بالمغريات التي توعَدُ بها بعد هروبها".

يطالب مسؤول مكتب الديوان لاستقدام العمالة المنزلية بتفتيش بعض شركات الخدمات التي تقوم بأعمال نظافة منزلية بالساعة، مؤكداً على أن بعضها قائم على استغلال العمالة الهاربة.

وحول المغريات التي تدفع الخادمة أو السائق للهروب، يقول حجي: "ما توعد به الخادمة أو السائق على مواقع التواصل الاجتماعي في حال هرب أحدهما يمكن أن يختلف عن الواقع، فالراتب الذي تحصل عليه يقارب نفس راتبها المدرج بعقدها مع الكفيل، ولكنها توعد بالحرية في الحركة، وأن تعمل لساعات معدودة يومياً أو أسبوعياً، وغيرها من المغريات التي تشعرها أن حياتها ستكون بلا تعقيدات".

يطالب حجي بتعاون خليجي مشترك في مواجهة المشكلة، ومنع العمالة المنزلية الهاربة من دخول دول مجلس التعاون أو التعويض للكفيل خاصةً مع تضرر الكثيرين من هذه الظاهرة.

-------
اقرأ أيضاً:
العاملات المنزليات في الأردن..اتهامات متبادلة بالإساءة مع المخدومين
خريجو الجامعات الخاصة في البحرين..مرفوضون في سوق العمل
العاملات الأجنبيات لدى العرب ...بين شقي الكفالة و الانتهاكات

دلالات