سجلت أقلام المؤرخين وبعض عدسات المستشرقين وريشاتهم، منذ عدة قرون ذلك البائع العربي الجوال الذي يحمل دورقاً كبيراً مميزاً، زجاجياً أو نحاسياً، على أحد جانبي ظهره، وهو ينحني أمام أحد المارة على قارعة الطريق حتى يستطيع أن يصبّ بعض "العرقسوس" في كأسٍ معدنية. بعضهم وصف تلك المهنة في أواخر القرن التاسع عشر، قائلاً: "يوجد باعة متجولون في الشوارع، يبيعون العرقسوس والليمون في جرّة لها بزبوز أو برطمان له بزبوز كذلك".
والعرقسوس في شهر رمضان تزداد مبيعاته طازجاً قبيل المغرب، فيتحصل عليه الناس ليكون مشروباً رئيسياً على مائدة الإفطار يومياً، وبعض الأسر تقوم بتجهيزه ونقعه في البيوت، فهو سهل التحضير، ولا يحتاج لذلك غير نبتة "العرقسوس" التي يبتاعونها من العطارة، والماء وبعض الكربونات.
يمتاز بائع العرقسوس التقليدي بملابسه الفلكلورية؛ صديري غامق، وقميص، وسروال واسع، وطاقية، وفيه يده "صاجات" يعزف بها نغمة مميزة تنادي العطشى والباحثين عن مشروب رخيص مفيد، يروي ظمأ الأيام الحارة، ويفيد الصحة في الأيام الباردة. وهو ينادي: "يا عرقسوس.. شفا وخمير"، وهي العبارة التي استلهم منها الغناء الشعبي التراثي عدة أعمال مميزة لسيد أفندي مصطفى، وعمر الجيزاوي.
إقرأ أيضاً: طرائف "رمضانية" من التراث العربي
يحكي الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار" قصة تدل على شيوع تلك المهنة في عصره؛ فقد ذكر "عرقسوسي" كان سليمان الحلبي يتردد عليه، في سياق تحقيقات الفرنسيين في مقتل "كليبر". كما يحكي قصة أخرى بعد تولي محمد علي حكم مصر؛ فقال: "إن شخصاً من العسكر بالجمالية شرب من العرقسوسي شربة عرقسوس ولم يدفع له ثمنها، فكلم العرقسوسيُّ الانكشاريَّ فأحضره وأمره بدفع ثمنها ونهره وأراد ضربه؛ فاستل ذلك العسكري الطبنجة وضرب ذلك الحاكم فقتله، وهرب إلى حارة الجوانية، ودخل إلى دارٍ وامتنع فيها، وصار يضرب بالرصاص على كل من قصده؛ فقتل خمسة أنفار، ومرّ شخصان من الألبان بتلك الخُطّة فقتلهما الانكشارية لكون الغريم ألبانياً من جنسهما. فلما أعياهم أمرَه حرَقوا عليه الدار، فخرج هاربا من النار، فقبضوا عليه وقتلوه، ومات تسعة أشخاص في شربة عرقسوس"!
نبات قديم
في "موسوعة العلاج بالأعشاب" أن السوس نبات بري معمّر من الفصيلة البقولية، ويطلق على جذوره "عِرق السوس" أي "أصل السوس"، وهو مشهور في البلاد العربية منذ أقدم العصور. عُرِفَ العرقسوس في بلاد بابل منذ أكثر من 4000 سنة، كما تدل النقوش الهيروغليفية على أن قدماء المصريين كانوا ينقعون هذه الجذور في الماء، ويعدون من نقيعه شراباً مفضلاً في فصل الصيف. وقد وجدت كميات كبيرة من جذور العرقسوس في مقبرة توت عنخ آمون التي اكتشفت سنة 1923. كما ذكر الطبيب اليوناني ثيفراطيس عام 270 ق.م أن العرقسوس يقي من العطش، ويفيد في علاج الربو والسعال الجاف وأمراض الصدر. في حين ذكر داود الأنطاكي في كتابه "التذكرة" قائمة طويلة من الأمراض التي يُجدي استعمالُ هذا النبات في الشفاء منها.
فوائد المشروب
يصف الأخصائيون هذه المادة بأنها أحلى المواد الطبيعية. ولذلك كانت مهمتها الأولى في تركيب العقاقير الطبية مقتصرة على تحلية العقاقير الملينة والعقاقير المستعملة لعلاج "الكحة" عند الأطفال.
والمادة الفعالة في السوس هي "الكلتيسريتسن"، وثبت أيضاً أنه يحتوى على مواد سكرية وأملاح معدنية من أهمها البوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنسيوم، والفوسفات، ومواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره، ويحتوى كذلك على زيت طيار. ينبت في الأرض البرية حول حوض البحر الأبيض المتوسط.
إقرأ أيضاً: زيت أرغان: للتجميل والطبخ والضيافة المغربية
وشراب "العرقسوس" ملين ومدر للبول، ويسكن السّعال المصحوب بفقدان الصوت (البحة الصوتية)، وهو مفيد في علاج بعض الأمراض مثل قرحة المعدة والإمساك المزمن وعسر الهضم. وأثبتت أبحاث حديثة أنه مقوٍّ ومنقٍّ للدم، ومعترف بالعرقسوس في كثير من دساتير الأدوية العالمية.
محاذير طبية
كما أن له فوائده المتعددة؛ فإنه لا يخلو من سلبيات يحذر منها الأطباء، منها محاذير عامة تتعلق بالإفراط في تناوله؛ مثل تسببه في نقص هرمون "التستوسترون" عند الرجال، وهو ما يؤثر سلباً على الرغبة الجنسية، في حين يتسبب في أعراض الدورة الشهرية لدى النساء؛ لأنه يحبس سوائل الجسم.
أما المحاذير الخاصة فهي خطورة تناوله لمرضى الضغط والسكري والغلوكوما (أو المياه الزرقاء) ومرضى القلب، ومرضى الكلى؛ والغدرة الدرقية. إضافة لآثاره السلبية على المرأة أثناء الحمل.
والعرقسوس في شهر رمضان تزداد مبيعاته طازجاً قبيل المغرب، فيتحصل عليه الناس ليكون مشروباً رئيسياً على مائدة الإفطار يومياً، وبعض الأسر تقوم بتجهيزه ونقعه في البيوت، فهو سهل التحضير، ولا يحتاج لذلك غير نبتة "العرقسوس" التي يبتاعونها من العطارة، والماء وبعض الكربونات.
يمتاز بائع العرقسوس التقليدي بملابسه الفلكلورية؛ صديري غامق، وقميص، وسروال واسع، وطاقية، وفيه يده "صاجات" يعزف بها نغمة مميزة تنادي العطشى والباحثين عن مشروب رخيص مفيد، يروي ظمأ الأيام الحارة، ويفيد الصحة في الأيام الباردة. وهو ينادي: "يا عرقسوس.. شفا وخمير"، وهي العبارة التي استلهم منها الغناء الشعبي التراثي عدة أعمال مميزة لسيد أفندي مصطفى، وعمر الجيزاوي.
إقرأ أيضاً: طرائف "رمضانية" من التراث العربي
يحكي الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار" قصة تدل على شيوع تلك المهنة في عصره؛ فقد ذكر "عرقسوسي" كان سليمان الحلبي يتردد عليه، في سياق تحقيقات الفرنسيين في مقتل "كليبر". كما يحكي قصة أخرى بعد تولي محمد علي حكم مصر؛ فقال: "إن شخصاً من العسكر بالجمالية شرب من العرقسوسي شربة عرقسوس ولم يدفع له ثمنها، فكلم العرقسوسيُّ الانكشاريَّ فأحضره وأمره بدفع ثمنها ونهره وأراد ضربه؛ فاستل ذلك العسكري الطبنجة وضرب ذلك الحاكم فقتله، وهرب إلى حارة الجوانية، ودخل إلى دارٍ وامتنع فيها، وصار يضرب بالرصاص على كل من قصده؛ فقتل خمسة أنفار، ومرّ شخصان من الألبان بتلك الخُطّة فقتلهما الانكشارية لكون الغريم ألبانياً من جنسهما. فلما أعياهم أمرَه حرَقوا عليه الدار، فخرج هاربا من النار، فقبضوا عليه وقتلوه، ومات تسعة أشخاص في شربة عرقسوس"!
نبات قديم
في "موسوعة العلاج بالأعشاب" أن السوس نبات بري معمّر من الفصيلة البقولية، ويطلق على جذوره "عِرق السوس" أي "أصل السوس"، وهو مشهور في البلاد العربية منذ أقدم العصور. عُرِفَ العرقسوس في بلاد بابل منذ أكثر من 4000 سنة، كما تدل النقوش الهيروغليفية على أن قدماء المصريين كانوا ينقعون هذه الجذور في الماء، ويعدون من نقيعه شراباً مفضلاً في فصل الصيف. وقد وجدت كميات كبيرة من جذور العرقسوس في مقبرة توت عنخ آمون التي اكتشفت سنة 1923. كما ذكر الطبيب اليوناني ثيفراطيس عام 270 ق.م أن العرقسوس يقي من العطش، ويفيد في علاج الربو والسعال الجاف وأمراض الصدر. في حين ذكر داود الأنطاكي في كتابه "التذكرة" قائمة طويلة من الأمراض التي يُجدي استعمالُ هذا النبات في الشفاء منها.
فوائد المشروب
يصف الأخصائيون هذه المادة بأنها أحلى المواد الطبيعية. ولذلك كانت مهمتها الأولى في تركيب العقاقير الطبية مقتصرة على تحلية العقاقير الملينة والعقاقير المستعملة لعلاج "الكحة" عند الأطفال.
والمادة الفعالة في السوس هي "الكلتيسريتسن"، وثبت أيضاً أنه يحتوى على مواد سكرية وأملاح معدنية من أهمها البوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنسيوم، والفوسفات، ومواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره، ويحتوى كذلك على زيت طيار. ينبت في الأرض البرية حول حوض البحر الأبيض المتوسط.
إقرأ أيضاً: زيت أرغان: للتجميل والطبخ والضيافة المغربية
وشراب "العرقسوس" ملين ومدر للبول، ويسكن السّعال المصحوب بفقدان الصوت (البحة الصوتية)، وهو مفيد في علاج بعض الأمراض مثل قرحة المعدة والإمساك المزمن وعسر الهضم. وأثبتت أبحاث حديثة أنه مقوٍّ ومنقٍّ للدم، ومعترف بالعرقسوس في كثير من دساتير الأدوية العالمية.
محاذير طبية
كما أن له فوائده المتعددة؛ فإنه لا يخلو من سلبيات يحذر منها الأطباء، منها محاذير عامة تتعلق بالإفراط في تناوله؛ مثل تسببه في نقص هرمون "التستوسترون" عند الرجال، وهو ما يؤثر سلباً على الرغبة الجنسية، في حين يتسبب في أعراض الدورة الشهرية لدى النساء؛ لأنه يحبس سوائل الجسم.
أما المحاذير الخاصة فهي خطورة تناوله لمرضى الضغط والسكري والغلوكوما (أو المياه الزرقاء) ومرضى القلب، ومرضى الكلى؛ والغدرة الدرقية. إضافة لآثاره السلبية على المرأة أثناء الحمل.