سجلت أسواق العراق نقصا في المعروض من المواشي والأغنام مع اقتراب عيد الأضحى، بسبب ظروف الحرب التي تشهدها البلاد، الأمر الذي رفع أسعار الذبائح، وأدى إلى إقدام الكثير من العراقيين على حجز الأضاحي لدى التجار والقصابين.
فالح موحان (41 عاماً)، يعمل قصاباً جنوب بغداد، يقول لـ"العربي الجديد"، إن حجز الأضاحي بدأ قبل العيد بفترة تصل إلى شهر، لاختيار ما يناسب المشتري من الأضاحي، سواء من الخراف أو الأبقار، مشيرا إلى أنه بسبب الإقبال المتزايد ارتفعت الأسعار بشكل ملفت.
ويشكو الكثيرون من ارتفاع الأسعار، لاسيما في ظل تراجع القدرة الشرائية، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد، جراء الهبوط الحاد لأسعار النفط، وتكلفة الحرب الباهظة التي تخوضها الحكومة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ما أدى إلى تقليص الإنفاق الحكومي بشكل كبير.
ويقول تاجر الأغنام مرضي العبيدي، إن "هلاك الآلاف من رؤوس الأبقار والأغنام بسبب الحرب في المناطق الساخنة، قلل من حجم المطروح في عموم العراق، كما أن استغلال بعض التجار حاجة الناس في العيد رفع من أسعار الأضاحي، لاسيما في ظل عدم وجود رقابة على الأسواق".
ويوضح مرضي لـ"العربي الجديد"، أن أسعار الأضاحي من الخراف تتراوح بين 200 و300 دولار، بينما كانت تتراوح بين 130 و140 دولاراً العام الماضي.
ونتيجة العنف والحرب المستمرة، منذ مطلع عام 2014 بين القوات العراقية وتنظيم "داعش"، قُتل آلاف العراقيين، ما زاد الحاجة لمزيد من الأضاحي، الأمر الذي شكل ضغطاً على بائعي وتجار الماشية.
محمد مازن (51 عاماً) اعتاد كل عام على ذبح أضحية لولده، الذي راح ضحية تفجير ضرب العاصمة بغداد قبل سنوات، لكنه أصبح غير قادر على شراء الأضحية هذا العام.
يقول مازن "لقد ارتفعت أسعار الأضاحي بشكل كبير، ولم تعد لنا قدرة مالية على شرائها، فتجار الماشية يستغلون حاجة الناس قبيل العيد لعدم وجود رقابة حكومية على الأسعار، فضلاً عن نقص كبير في رؤوس الماشية في العراق بسبب الحرب".
كما يزداد الإقبال على الأضاحي، لتوزيعها على النازحين خلال أيام العيد.
ويقول الناشط صباح الأنباري، إن "هناك استعدادات من قبل ميسورين وناشطين بعد جمع التبرعات اللازمة لشراء الأضاحي لتوزيعها على النازحين في المخيمات، والذين يواجهون ظروفا معيشية صعبة".
ويعاني العراقيون من تردي الأوضاع الاقتصادية خلال الأعوام الأخيرة.
وكشف مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" قبل أيام، عن انخفاض احتياطي البنك المركزي العراقي من العملات الأجنبية إلى مستويات وُصفت بـ"بالمخيفة"، حيث بلغ مع مطلع شهر سبتمبر/أيلول الجاري نحو 52 مليار دولار، مقارنة بـ68 مليار دولار في نفس الشهر من العام الماضي، بانخفاض بلغ 16 مليار دولار، وبنسبة تراجع 23.5% خلال عام.
وأحجم البنك المركزي العراقي عن الإعلان بشكل رسمي عن تطورات الاحتياطي من العملة الأجنبية منذ عام تقريباً.
وحذر خبراء اقتصاد وبرلمانيون من دخول العراق في دائرة الخطر، مع استمرار سحب الحكومة من الاحتياطي لمواجهة العجز المتفاقم في الموازنة، مع استهلاك البلاد نحو ثلث الموازنة على المرتبات الشهرية، وثلث آخر على الحرب الدائرة.