تفرض أوضاع مخيمات النازحين في العراق، التي ارتفع عددها إلى أكثر من 140 مخيماً تؤوي نحو مليون مدني، تحديات أبرزها محاولة تأمين المال والاحتياجات بعد عجز الأمم المتحدة الواضح، وتخلي حكومة بغداد عنهم. إذ يعيش النازحون أوضاعاً صعبة من سوء التغذية وانعدام وسائل التدفئة وانتشار الأمراض.
ويبلغ عدد النازحين الفارين من الموصل وحدها نحو 120 ألف مدني يقيم أغلبهم في مخيمات شرق وجنوب نينوى. ويكون محظوظا من يحصل منهم على خيمة سميكة تقيه وأسرته من البرد والمطر.
لكن أعداداً كبيرة من أهالي الموصل لم تتوفر لهم مخيمات أو غذاء أو حتى أغطية وفرش، فاضطروا إلى الحفر في الصحراء لإيواء أطفالهم من البرد.
وتستمر مناشدات الناشطين والأهالي بضرورة التدخل الدولي العاجل لإغاثة الأعداد الكبيرة من النازحين المتدفقين من الموصل، تزامناً مع استمرار العمليات العسكرية التي دخلت شهرها الثاني.
ويقول النازح من مخيم الجدعة في ناحية القيارة، محمد سيف الدين الحيالي لـ"العربي الجديد": "أزمة النزوح قد تطول أشهراً. كرهت نفسي بلا عمل، لذلك اشتريت مولد كهرباء صغيراً بقيمة 300 دولار استدنتها من صديق لي أيام الجامعة. وبما أن المخيم بلا كهرباء، والناس تحتاج شحن جوالاتها أو تشغيل أجهزة كهربائية أو شحن مصابيح إنارة، أوفر هذه الخدمة لهم مقابل سعر بسيط قدره 250 ديناراً (نحو 20 سنتا).
النازح طالب محمود (50 عاماً) يقول: "أبيع بطاقات شحن الجوالات وهي توفر مصدر رزق لنا". أما فاطمة أحمد (33 عاماً) تجمع أطفال المخيم وتدرّسهم في خيمتها اللغتين العربية والإنكليزية ومادة الرياضيات.
وتقول "لا أفرض سعراً محدداً أدرّس من يأتي إلى الخيمة، بعضهم لا يدفع فلا يمكن أن أطرد أحداً. أنا أساعدهم وفي الوقت نفسه أساعد نفسي وأواصل رسالتي".
وتضيف "تبرّع أحد الرجال بسبورة، وحالياً أجمع 20 فتاة، وأكثر من 30 ولداً يومياً. أما الأطفال الأصغر سناً فأجمعهم لأحكي لهم القصص عن الأمل والأحلام بعودة الأمور إلى ما كانت عليه".
وتشير إلى أنها تحصل على بعض المال أو الطعام، لكنها قبل كل شيء تحصل على السعادة مع تلامذتها في الخيمة".
يقول عضو الغرف التجارية العراقية في نينوى، محمود الجبوري لـ "العربي الجديد": "الأوضاع الاقتصادية وظروف النازحين الإنسانية صعبة، وهم ويسعون إلى إيجاد فرص عمل صغيرة لهم في مخيمات النزوح.
ونجح تجار صغار في فتح العديد من الأنشطة التجارية قرب مخيمات النزوح وفي المناطق المحررة، وينقلون السلع من إقليم كردستان وكركوك ويوفرونها لتجار آخرين في نينوى، وهذه التجارة بدأت تتسع وتنمو مجدداً".
ويضيف أن "تجار إقليم كردستان دخلوا إلى أسواق نينوى وضخوا كميات من المواد لإنعاش الأسواق في المناطق المحررة من قبضة تنظيم الدولة "داعش"، وهناك أسواق صغيرة عادت إليها الحياة وبدأ الأهالي يتسوقون منها، ولكن معاناة الأهالي هي الماء والكهرباء".
وأشار إلى أن "أسواق نينوى التجارية تعتبر بورصة تجارية مهمة على مستوى العراق، لأنها كانت حلقة وصل بين سورية وتركيا نحو العراق، ومنها إلى باقي المحافظات. ومع استعادة السيطرة على نينوى سيعود النشاط التجاري".